اليونيفيل في خطر

مهند الحاج علي
الإثنين   2017/07/03

تدريجياً، تتسع آفاق التوتر بين حزب الله واسرائيل. رسائل التهديد المتبادلة تتصاعد لا لأسباب داخلية بل لأن الساحة اتسعت رقعتها التقليدية في جنوب لبنان، إلى الجنوب السوري حيث تتزايد الخطوط الحمراء المعترف بها من جانب واحد فقط. 

ولو نحينا جانباً تهديدات الطرفين، من استقدام مئات آلاف المقاتلين إلى تدمير لبنان خلال ساعات، يبقى مؤشران مقلقان. أولهما الضربات الاسرائيلية، المعلومة والمجهولة، في سوريا، واحتمال اتساعها لتستدعي رداً. ورغم أنها متقطعة منذ سنوات، يُلحظ تصاعد في وتيرتها ونوعية أهدافها، إذ باتت شاملة للجيش السوري.

العنصر الجديد في الضربة الاسرائيلية الأخيرة في سوريا، كان المظلة الروسية الواضحة لها. كما كشف أليكس فيشمان في صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية، كان التواطؤ الروسي جليّاً في طريقة صياغة البيان. ادعى الروس بأن الضربة الاسرائيلية استهدفت جبهة النصرة، رغم أنها قتلت جنوداً سوريين في القنيطرة. وهذه رسالة روسية مبطنة الى النظام السوري وايران بأن موسكو غير معنية بالصراع مع اسرائيل بل يقتصر دعمها على مواجهة المعارضين الداخليين.

والمستهدف في التحذيرات والضربات الاسرائيلية هو المساعي الايرانية لاعادة فتح جبهة الجولان، وبالتالي وضع المنطقة أمام احتمال رد عسكري اسرائيلي أوسع نطاقاً. والواقع أن حروب اسرائيل باتت تتسع عقابياً من استهداف المدنيين إلى الحصار البري والبحري والجوي وتدمير البنى التحتية ومؤسسات الدولة. في مقابل الرد الاسرائيلي، تاريخ من التهور والاستفزاز غير المدروس.

المؤشر الثاني المثير للقلق هو التوتر بين اسرائيل وقوات اليونيفيل في جنوب لبنان. والأخيرة تُمثل صمام أمان جنوباً، كونها قادرة على سحب فتيل التوترات والحديث مع كافة الأطراف. وانسحابها يزيد من احتمالات اشتعال أي نزاع.

نقل الصحافي الاسرائيلي بن كاسبيت عن مسؤولين اسرائيليين انتقادات حادة إلى اليونيفيل أُرفقت بالمطالبة بانسحابها. وهذه الانتقادات بدأت مع زيارة للسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي الى اسرائيل حيث نظّمت لها قيادة الجيش الاسرائيلي جولة على الحدود مع لبنان. وبحسب كاسبيت، فإن الجيش الاسرائيلي، وبعد حصوله على إذن رسمي، أطلع هايلي على معلومات استخباراتية سرية عن تموضع مقاتلي حزب الله على الجانب الآخر من الحدود، وتحت أعين اليونيفيل المكلفة بإبعادهم عنها ونزع سلاحهم جنوب الليطاني. لكن الجنرال أمير برام قائد الفرقة 91، وبعد الجولة الاستخباراتية الآنفة الذكر، سحب نسخة من قرار مجلس الأمن الرقم1701، وتلاه بصوت عال أمام هايلي. ثم وصل قائد قوات اليونيفيل الميجور جنرال مايكل بيري إلى الجانب الاسرائيلي من الحدود للقاء المسؤولة الأميركية، فواجهته هايلي بما رأته بمساعدة مناظير الجيش الاسرائيلي.

وفقاً للرواية الاسرائيلية ذاتها، نفى بيري، وهو إيرلندي الجنسية، الاتهامات الاسرائيلية، ودخل في نقاش محموم مع الجنرال أفيف كوشافي نائب رئيس الأركان الاسرائيلي. كانت هذه المواجهة بداية لارتفاع منسوب التوتر.

قيادي رفيع في الجيش الاسرائيلي، دعا في مقابلة مع كاسبيت إلى مغادرة اليونيفيل مواقعها جنوب لبنان، فهي تساعد حزب الله على التخفي وتلتزم بأوامره، وباتت أضرار وجودها أكبر من فوائده، لذا لا حاجة لبقائها في الساحة!

هذا المنطق التصعيدي سياسة جديدة تحظى بدعم أميركي صريح، نظراً الى مكانة هايلي في ادارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، ودورها في السياسة الخارجية الاميركية.

يبقى أيضاً أن هناك من يرغب في اسرائيل بضرب الحزب في ذروة مشاركته في وحول الحرب السورية. وهذه رغبة عبّر عنها أليكس فيشمان بوضوح في مقاله الأخير: ”إذا قرر أحد في اسرائيل بأن هناك حاجة لتدمير قاعدة حزب الله في جنوب لبنان، فالآن هو الوقت المناسب“.