كرامات عربية في ليلة القدر

أحمد عمر
السبت   2017/06/24

فضائل ليلة القدر أمس كانت كثيرة، فقد قضاها الملوك العرب قياماً وتهجداُ، واستطاعوا تنظيم انتخاب ديمقراطي عائلي بين شخصين هما عم وابن أخيه، الأول ملك والثاني كتابة، فالحمد لله والمنّة.

تروي كتب التاريخ عن معجزة محمد الفاتح العسكرية في اختراق حصار القسطنطينية الحصينة، بنقل سفينة إبحاراً على أكتاف الجند، ففاجأ العدو بتلك الخدعة الشاقة، واستطاع  فتح عاصمة بيزنطة، فصار اسمها إسلام بول، وتعرض الاسم  للحتِّ على  الألسنة الحداد، والتعرية بين الأسنان، فتحول إلى إسطنبول، لكن ثمت عبقرية عسكرية أكبر منها وهي عبقرية السيسي، وذلك في نقل جزيرتين مهمتين على أكتاف موجة كوميدي، فصارتا سعوديتين، وعندما تصيران ستتقاسم مصر والسعودية المياه حول الجزيرتين فيفتي فيفتي، وتفوز إسرائيل بمياه دولية حرة، وكأنّ مصر لم  تتعرض إلى عدوان ثلاثي من أجل تيران وصنافير، فهما مصراعا باب مصر، وليس باب الشعرية.

دافع السيسي عن معجزة تسليم الجزيرتين المحتلتين إلى صاحبها، أمام الشعب المصري الغاضب قائلاً: انتو ما شفتوش عمركم شرفاء والا إيه؟ وفي حديث آخر، قال مستشهداً بالدستور العجين، يمشى عليه الواحد عدل ما يلخبطوش، ويحتار عدوه فيه، وقال: إن أمه منعته أن يأخذ حاجة مش بتاعته! فهو يتحدث دائماً عن مصر وكأنها لعبة أعطتها أمه له كي يلعب بها، أما الشعب المصري، فالقوي العميل لا يني يكرر له قوله: إنهم تسعون مليوناً يجري عليهم سعياً بالرزق. ونحن واثقون أن السعودية لن تطالب بالعطل والضرر من الاحتلال من أيام قريش حتى هذه اللحظة، رفقاً بالشقيقة مصر، أو حبّاً بالسيسي وكرامة له ولثورته التي قادها من الطائرة، فهو أخطب مصري عرفته الفراعنة، وقد قال جملتين، فخرجت أنوار عينيه، وسالت على خديه.

وكان السيسي قد قام بمعجزة عسكرية أهم من معجزة محمد الفاتح، عندما خدع المصريين، وخدع مرسي، وعمل عملية عبور لمصر من الحرية إلى الأحكام العرفية، لكننا وقد استشهدنا بمحمد الفاتح، فلابد أن نتذكر مناط حديثنا، وهو تحقيق محمد الفاتح للنبوءة عندما سمع بحديث نبوي، يقول: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْاَمِيرُ اَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ، فأحبَّ أن يكون ذلك الأمير، وجيشه ذلك الجيش، فتحقق له ما أراد، كما تحقق للسيسي حلم أوميغا، وشتّان.

أمس قرأت في صفحة الشيخ السعودي صالح المغامسي إرهاصاً بنبوءة: بعد حسابات وأرقام، يجد أن رقم السورة وترتيب الآية فيها يتناسب مع هذه السنة هجرياً، ويرهص بحدث مقترب فيقول: "هل هي بداية الفرج في الأزمة، أم أنه شيء آخر؟

وما الذي يعنيه انشقاق القمر واقتراب الساعة؟

هل هو دليل على كوارث كبرى ومذابح تكافئ انشقاق القمر؟ أم هو تعبير مجازي قرآني عن كارثة كبرى نبّه إليها القرآن منذ 1400 سنة؟

سورة  القمر ذكرت طوفان نوح، وعذاب قوم عاد، وعقاب الله لقوم لوط، وغضبه على ثمود، وأخيراً انتقامه من آل فرعون، كل هذا جمعه الله في سورة  القمر، فهل هي بداية الغضب الإلهي على الظلم في العالم؟

هل تلمّح لكارثة إنسانية كبرى تحدث للعالم سنة 2017؟

هل تتعلق الكارثة بالقمر، أم بجرم سماوي، أم بمجاعة، أم بأزمة كونية، أم بحرب عالمية؟

  انتظار النبوءات يعني أننا في محنة، ويجعل السنّة فرقةً تنتظر المهدي المنتظر بأسماء أخرى، لكن ليلة القدر أمس كانت ليلة عجيبة، فقد وقع في نجد والحجاز كرامات، وتنازل ولي العهد عن الولاية لابن أخيه، زهداً في السلطان. وهذه ثاني معجزة في شهر رمضان بعد تسليم جزيرتين إلى أصحابهما. وفي ليلة القدر، ليلة المبايعة، إمام الحرم السديس وخلافاً لما جرت عليه العادة، لم يقرأ سورة قصيرة في الركعة الأولى من صلاة المغرب، وقرأ الآية العاشرة من سورة الفتح، فتلا قوله تعالى: إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا".

وكان قد سبقه إمام مصري صلّى بالرئيس المصري السابق مبارك في أحد الأعياد، فتلا قوله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، فأعادها ليس تدبراً، وإنما تدبيراً وتحبيراً.  الإمام كان يتجه بوجهه إلى القبلة لكن بقلبه إلى الرئيس وراءه! والمثالان برهانان على اهتمام الأئمة بالسياسة وشؤون الأمة!

ومن كرامات هذه الليلة المباركة، إنسانية ماكرون، التي أثمرت وأينعت، فقال متجلياً وقد سقطت عليه تفاحة نيوتن معطوبةً:

إنّ الرئيس السوري عدو للشعب السوري، وليس عدواً لفرنسا!

ومشى الأسد في الشارع، في هذه الليلة أو قبلها بقليل، وكأنه أبو شهاب  في حارة الضبع، وقال مصرحاً لوسائل الإعلام: إنه يقف على الحواجز، ويتأخر أحياناً عن عمله، واعترف بفاسدين في أجهزة الدولة، أما عقوبتهم، فهي النظر لهم بازدراء، وهي مثل عقوبات أبيه للفاسدين القدماء، وفي هذه الأيام الوتر، المباركة، أبدت دولة عربية شقيقة عطفاً شديداً على المعدة القطرية من اللبن التركي، وهي رقّة لم نرَ في تاريخ العرب مثلها، حتى في صدر الإسلام، وعبرت الدولة العربية عبرات، فيها ارتفاع في مستوى الملح، ونقص في المروءة، على الأبقار المستوردة من ارتفاع درجة الحرارة، ونقص الحليب. وبادرت قبيلة بني ماكدونالد المستعربة إلى مبايعة ولي العهد من غير إبطاء، وتلك أيضاً من الكرامات.

وفي هذه الليلة أطلق الداعية الشيخ العلّامة افيخاي ادرعي تغريدة من حنجرة لا ازدراء فيها لأحد، قال فيها: قيل في القرآن الكريم إنها خير من ألف شهر، أرجو من الله أن يحقق أمانيكم"، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ.

ومن الكرامات تقريعة السيسي للمسلمين في ليلة القدر، ودأبه في كل مناسبة إسلامية، على إهانتهم بدلاً من تهنئتهم، فهجا شعبه وذمّه، فهم أقل الناس نظافة وعلماً وأدباً، وهم سبب الإرهاب والخراب والشر في العالم، أما هو فنظيف الذيل وكثير العلم وطبيب وفيلسوف، وأديب لا يمشي إلا على السجاد الأحمر، ويبني السلام مع.. الأعداء!

ويمكن فهم آمال أو خوف المغامسي من كارثة انشقاق القمر إلى قمرين، والرمضان إلى اثنين، والعرب إلى عربين، فهي المرة الأولى التي نرى فيها كل هذا الفضائل، وقد ينشقُّ القمر من السعادة والازدراء، على كل هذه الكرامات والفضائل الربانية، ومن نقل ولاية العهد الإعلامي من الجزيرة إلى شقيقتيها الصغيرتين؛ العربية بالسكر، وسكاي نيوز باللوز، فأنعم بهاتين الضرتين وأكرم بالجوز.