"الناتو العربي"لخدمة إسرائيل

بسام مقداد
الخميس   2017/03/02

حين كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلقي خطابه الأول أمام الكونغرس ، ويعلن عن عزمه التعاون مع اصدقاء أميركا من الدول المسلمة للقضاء على الإرهاب ، كان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان يقول، عبر صحيفة ألمانية ،" أن الوقت قد حان للقيام ، وبصورة علنية كلياً ، بتنظيم تحالف شكلي بين جميع القوى المعتدلة في الشرق الأوسط ضد الإرهاب ". والحقيقة ، أن أفيغدور ليبرمان لم يكن يأتي بجديد ، بل كان يتبنى ما أعلنته صحيفة "Wall Street Journal" أواسط الشهر المنصرم ، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصدد تشكيل "حلف ناتو عربي" من دول شرق أوسطية للوقوف بوجه التهديد الإيراني . وأشارت الصحيفة في حينه ، أن التحالف سوف يقوم على مبدأ الدفاع الجماعي ، على غرار حلف الناتو ، وسوف يضم في المراحل الأولى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية ومصر والأردن . اما إسرائيل فيمكنها ، حسب الصحيفة، أن تنضم إلى الإئتلاف الجديد بشروط عضوية محدودة تقتصر على تقديم المساعدة في حقل الإستخبارات .

لكن ليبرمان يتخطى في طرحه ما ذهبت إليه الصحيفة الأميركية ويقول ، أن إسرائيل بوسعها أن تساعد البلدان العربية بخبرتها العسكرية وتحديث جيوشها . فالدول العربية المعتدلة ، برأيه، "هي بحاجة إلى إسرائيل من أجل بقائها ، أكثر مما إسرائيل بحاجة إلى (هذه البلدان) " .

وتنقل صحيفة الكرملين "vzgliad" عن الناطق الصحفي باسم ليبرمان في حزب"إسرائيل بيتنا" ميخائيل فايغين قوله للصحيفة ، أن ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر ميونيخ يُظهر ، أنهم يدركون جيداً في السعودية وفي العالم العربي ككل ، "أن إيران تبقى العدو الرئيسي لجميع القوى المتحضرة في الشرق الأوسط" . ويقول ، بان "التحالف ضد إيران ، التي تمول الإرهاب الدولي ، أمر ممكن ، نظرياً" ، ويعتبر ، أن من الصعب القول أية بلدان يمكن أن تنضم إلى مثل هذا التحالف ، لكن "قد تكون جميع البلدان العربية ، التي ترى الخطر من جانب إيران" .

المراسل الخاص السابق لوكالة "تاس" الروسية في المملكة العربية السعودية كونستانتين دوداريف يقول لصحيفة الكرملين ، أن "اقتراح إسرائيل يضع المملكة العربية السعودية في وضع حرج " . وعلى الرغم من أنه يعترف ، بأن مصالح المملكة وإسرائيل "تتطابق فعلياً حيال إيران" ، إلا أن المملكة والدولة اليهودية ، وعلى الرغم من وجود عدو مشترك ، إلا أنهما يبقيان في حال عداء ، بل "وفي حال حرب بمعنى ما" . ويقول للصحيفة ، أن " تحالف العربية السعودية وإسرائيل سوف يواجَه باقصى السلبية في العالم العربي ، ويكون من الأفضل لو أن الإقتراح صدر عن الولايات المتحدة " . وقد تكرر في الفترة الأخيرة ظهور انباء عن وجود اتصالات سرية للملكة السعودية مع إسرائيل بشأن إيران بالذات ، غير أنه من المستبعد أن توافق المملكة ، في ظل هذا الوضع ، على تحالف مكشوف مع إسرائيل ، إذ يمكنها أن "تفقد دور زعامة العالم العربي والعالم الإسلامي باسره "، على قول الرجل.

من جانب آخر تقول صحيفة الكرملين ، أن فكرة "الناتو العربي" تجول في المنطقة منذ زمن بعيد . وتذكر صحيفة الجيش الروسي "النجم الأ حمر" ، بأن فكرة توحيد الدول العربية في تحالف عسكري ـــ سياسي تعود إلى اتفاقية تأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945 ، إلا أن الدول العربية أثبتت أنه "من الصعب أن تتوحد ، حتى في وجه الأخطار الكبرى" ، التي تحدق بها . واشارت هذه الصحيفة إلى " الإئتلاف العسكري الإسلامي لمواجهة الإرهاب" ، الذي تأسس في العام 2015  وتقوده المملكة العربية السعودية في الحرب التي تخوضها في اليمن .

ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن ما نشرته صحيفة "Wall Street Journal" منتصف الشهر المنصرم ، قد أثار الكثير من تعليقات المواقع الروسية والمتخصصين في شؤون الشرق الأوسط . فالخبير العسكري ، العقيد المتقاعد فيكتور موراخوفسكي ، يقول لموقع " gazeta.ru " قوله ، بأن الحديث عن مخططات بقيام الولايات المتحدة بتشكيل إئتلاف من البلدان العربية ضد إيران ، ليس سوى " ثرثرة إعلامية من قبل إسرائيل " . وهو يرى بأنه لا توجد اية تحركات عملية في هذا الإتجاه ، ويعتبر ، أن " أشد ما يثير الضحك في الأمر هو ضم مصر إلى تحالف معاد لإيران . ويتفق مع موراخوفسكي في الرأي البروفسور في معهد بلدان آسيا وإفريقيا في جامعة موسكو فلاديمير إيساييف ، الذي يذكر ، بأن أجهزة المخابرات الأميركية قد عمدت إلى سحب "الحرس الثوري " و"حزب الله" من قائمة التنظيمات الإرهابية ، "مما لا يتطابق مع خطط إنشاء تحالف معاد لإيران" ، على قوله . ويعتبر إيساييف ، أن دونالد ترامب سوف يحاول اجتذاب "أكبر عدد ممكن من المشاركين في الصراع ضد الدولة الإسلامية" ، ونشر الخبر حول قيام مثل هذا التحالف العسكري ، ليس سوى "جس نبض" لا أكثر ، ومحاولة من ترامب لتهدئة حليفيه ــــــــ إسرائيل والمملكة العربية السعودية " .

ويقول المستشرق سعيد غافوروف لموقع " BFM.RU" ، إن فعالية "الناتو العربي" المقترح يمكن تقييمها إنطلاقاً من تاريخ حلف الناتو الأساسي . ويصف هذا المستشرق السياسة الخارجية الروسية ، بأنها "نتيجة تصادم آراء مختلفة، إذ توجد عندنا مجموعة مشدودة إلى التعاون حول الإرهاب ، ومجموعة معنية جداً بالتعاون مع طهران ، ومجموعة ثالثة غير معنية لا بطهران ولا بالإرهابيين ، بل هي معنية جداً بسوريا ، لكن ليس سوريا كبلد ، بل كطريق تمر عبره أنابيب الغاز والبترول بين الخليج العربي وشرق البحر المتوسط ".

وتختتم صحيفة الكرملين "vzgliad" الحديث عن "الناتو العربي" بالقول ، أن ما نشرته الصحيفة الأميركية من أخبار غير رسمية ، بأن إدارة ترامب تجري مفاوضات مع حلفائها العرب حول تشكيل حلف عسكري ضد إيران ، يتبادل المعلومات المخابراتية مع إسرائيل ، قد جاء مباشرة إثر مغادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو واشنطن . وتقول الصحيفة ، أن الكثير من المحللين لم يصدقوا في حينه فكرة قيام مثل هذا الحلف ، ونسبوا الإشاعات حوله إلى إسرائيل نفسها . ويبدو أن تل ابيب كانت تأمل بصدور مثل هذه المبادرة من واشنطن ، لكن حين طال الأمر ولم تصدر مثل هذه المبادرة ، قام أفيغدور ليبرمان بدعوة العرب صراحة لتشكيل "الناتو الخاص بهم" .

وتقول الصحيفة ، بأن فكرة "الناتو العربي" قد تضع ، ليس المملكة العربية السعودية وحدها في وضع حرج ، بل وروسيا أيضاً ، لأنها تعتبر أن علاقاتها مهمة مع كل من إسرائيل وإيران ، وترى أن تنفيذ مثل هذه المخططات يهدد الشرق الأوسط بالحرب .