اللجوء المسيحي للبنان

مهند الحاج علي
الجمعة   2017/03/17

قبل 3 أيام، اجتمع زعماء 6 أقليات مسيحية في لبنان، هي طوائف الكلدان واللاتين والآشوريين والأقباط الأرثوذكس والكاثوليك والسريان. اللقاء السياسي الطابع عُقد في دارة مطرانية بيروت الكلدانية، وحضرته تشكيلة واسعة من الشخصيات الدينية-السياسية الممثلة لهذه الطوائف.

هذه الأقليات، بكياناتها لا أفرادها، تُمثل ”نصف عدد الطوائف المسيحية“ في لبنان، وفقاً للبيان الختامي الناري للاجتماع. لكن يجمع هذه الأقليات أيضاً أنها، وعلى عكس غالبية بقية الطوائف المسيحية، تشهد نمواً عددياً نتيجة أحداث عصفت بمواطنها التاريخية، أي مصر والعراق وسوريا، خلال السنوات الماضية. وهذا النمو لم يعد سراً في مناطق عدة من لبنان، وبالإمكان تتبعه من أخبار وسائل الاعلام الكنسية، عن مساعدات للنازحين، أو نشاطات لهم. مسؤول لبناني سابق يختص بملف الأديان، ربط البيان بالنمو السكاني المتزايد لهذه الطوائف. وللدلالة على ذلك، يعتبر بناء دير الانبا انطونيوس في منطقة البربارة، مؤشراً لدور متزايد لهذه الأقليات المشرقية، سيما أن هناك من يُرجح اعتماده مقراً صيفياً لبابا الاقباط تواضروس الثاني الذي زار ورشة بنائه في تموز عام 2015 برفقة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

إذن، اتسعت رقعة رعايا هذه الطوائف من زحلة إلى البوشرية وبرج حمود. وهي  تمايزت في ذلك عن بقية الطوائف لأنها لم تعد تُعاني، بالقدر ذاته على الأقل، معضلة التآكل وانتكاس التوازن الديموغرافي.

ولهذا السبب بالذات، ركز بيان الإجتماع الآنف الذكر على تأكيد مظلومية أبناء هذه الطوائف ورفض التعامل معهم على أنهم "مواطنون درجة ثانية أو ثالثة أو ذميون”، وضرورة انصافهم سياسياً، بما يتناسب مع عددهم. ورغم أن البيان لم يشر مباشرة إلى حالة اللجوء، إلا أن في مقدمته مدخلاً يلحظه ويُعرّف البلد من خلاله: "الأمل بلبنان الرسالة، واحة المسيحية المشرقية حيث يشعر كل فرد بالمساواة وصون الكرامة، ما زال قائماً".

مرد الاستنكار هو أن "الأفكار المتداولة حول القانون الإنتخابي الجديد، لا تلحظ أبداً موضوع إنصاف أبنائنا، كأنه محتم عليهم أن يدفعوا دوماً ضريبة الإلغاء والتهميش والإقصاء". من هذا المدخل، لوّح البيان بعدم انسجام عدد أبناء الطوائف مع تمثيلها النيابي: “نحن أبناء الطوائف الست، وهي نصف الطوائف المسيحية في لبنان، لدينا أكثر من ستين ألف ناخب، نلقى اليوم تهميشاً واضحاً من قبل النظام اللبناني الطائفي التحاصصي الذي يطلق علينا لقب أقليات، نحن أبناء الكنائس اللاتينية السريانية الأشورية القبطية والكلدانية، طوائف ضحت بالغالي والنفيس من أجل بقاء وازدهار لبنان". 

والمطالب واضحة، وتتمثل برفع التمثيل النيابي ومقابلته بحصص في الحكومة والتعيينات الادارية. ووفقاً للبيان ذاته، طالب المجتمعون بـ"حقهم الكامل والصريح بالتمثيل النيابي والوزاري والوظائف العامة بالإدارات الرسمية كافة"، وبـ"تثبيت حقنا الشرعي الداعي الى زيادة عدد نوابنا الى ثلاثة، وذلك بحسب الصيغة الانتخابية المناسبة، أياً تكن". الخطة السياسية لتحقيق ذلك تقضي ببقاء " طوائفنا الست متضامنة متراصة الصفوف لنخوض المعركة السياسية معاً، في العمل النيابي والوزاري والإداري"، واعلان نيتهم "بتصعيد سياسي وشعبي".

مثل هذه المطالبات ستزداد مع مضي الوقت، وبخاصة مع استحقاق ملف تجنيس لاجئي هذه الطوائف، لكنها من دون شك ستصطدم بوقائع لبنانية كثيرة ليس أقلها أن القائمين على الحصص الثابتة منذ الطائف، يُفضّلون استقطاب أبناء طوائفهم المهاجرين، ولو من جمهورية الدومينيكان!