شيما..شيرين.."الجيش المصري فين"؟

محمد طلبة رضوان
الأحد   2017/11/19

المطربة شيما، 20 سنة، طالبة جامعية، أزهرية بالمناسبة، وتحفظ القرآن كله، كما تزعم، صورت كليب غنائياً وطرحته على مواقع التواصل لتحصد 24 مليون مشاهدة في 24 ساعة، وهو تصويت لا يستطيع السيسي أن يحصل عليه هو شخصيا في انتخابات عادلة!

تحركت أجهزة الدولة فورا، تحرك مشايخنا، تحركت الداخلية، مباحث الآداب، شرطة مكافحة الإيحاءات، قبضوا على البنت، وأخضعوها للتحقيق، حذفوا الكليب فورا، اتهامات النيابة كانت واضحة وصريحة: ترويج الفسق والفجور، وجرى اتخاذ اللازم من عيون الوطن الساهرة على حماية المواطنين من الكليبات الفاضحة التي تقض "مضاجعهم" وتهدد الأمن والأمان!

بمناسبة الكليبات الفاضحة، في 2013 ظهرت كليبات كثيرة لفنانين معروفين ومغمورين لتأييد الانقلاب العسكري والترويج لكونه ثورة شعب أيدها الجيش، كما ظهرت كليبات أغنيات أكثر - بعضها من إنتاج الشئون المعنوية – لتأييد السيسي وتفويضه في محاربة الإرهاب كما طلب، وكان من بينها كليب شهير بعنوان فوضناك، المغنيتان – مع التحفظ – صاحبتا الكليب الأخير هما "نغم" و"حنين"، لهما على "يوتيوب" مقاطع ساخنة وأغنيات جنسية فاضحة على مستوى كلمة وأداء، لم يقبض عليهما أحد، لم تتحرك أجهزة الدولة لانشغالها بمحاربة الإرهاب، لم يقل أحد بأنه من العار على الجيش المصري وإعلام الدولة المصرية أن يشاركا في دعم وترويج أغنية تتناول وزير الدفاع المصري فيما تؤديها متهمتان بالفسق والفجور، بعدها بـ 3 سنوات ضبطت إحداهن في شقة دعارة وتم تصويرها بكاميرا موبايل أحد الضباط أثناء القبض عليها، مع استمرار عرض الكليب الخاص بها لتأييد الفريق المشير الرئيس!

المطربة شيرين الذي يعتبرها كثيرون من النقاد صوت مصر الأول، جرى استدعاء فيديو قديم لها في إحدى حفلاتها تمزح مع فتاة من الجمهور طلبت سماع أغنية "ما شربتش من نيلها" فردت شرين: هيجيلك بلهارسيا، اشربي إيفيان أحسن!

المصابون بالتسلخات الوطنية سلخوا شيرين على فضائيات رجال الأعمال، تحركت أجهزة الدولة مع لميس الحديدي وعمرو أديب وأحمد موسى والشيخ مظهر شاهين، والراقصة صاحبة الكليبات الفاضحة سما المصري بدورها، الجميع يدافع عن البلهارسيا في مواجهة شيرين الخائنة التي أهانت البلد التي صنعت منها نجمة!!!

منعوها من الغناء، قرار إيقاف فوري من أجل الوطن، الإعلامي محمد الغيطي – مع التحفظ - طالب بسحب الجنسية المصرية منها ومنحها لحسين الجسمي، فيما طالب آخرون بالطرد من البلاد وهلم جرا ..

"إيفيان" هو نوع مياه فرنسي شهير يباع في الأسواق المصرية في محلات الطبقة الراقية، فهو لا يدخل شبرا وإمبابة والسيدة زينب ومن على شاكلتهم نظرا لأن الزجاجة الصغيرة يتجاوز ثمنها الـ 20 جنيها!

وهي زجاجة المياه الشهيرة التي التقطتها كاميرات الرئاسة أكثر من مرة بجوار الرئيس عبد الفتاح السيسي في سيارته. ليست شيرين وحدها إذن، السيسي يشرب الإيفيان ولا يشرب من ماء النيل خوفا من البلهارسيا، فمن يحاكم من ومن يوقف من؟

المتابع لاهتمامات أجهزة الدولة المصرية وإعلامها يدرك إلى أي مدى تقف هذه الدولة عاجزة عن حل أخطر مشكلاتها تلك التي تهدد أمنها القومي ووجودها مختبئة خلف لافتات حراسة الفضيلة ومكافحة الفسق والفجور بوقف المطربات وتجريد الحملات الأمنية لضبطهن وإحضارهن وتأديبهن على تجاوز الشرف، أو كما قال الراحل العظيم سعيد صالح "الشرف يا بنت الكلب الشرف"!!

إثيوبيا أعلنت الانتهاء من 80% من بناء سد النهضة، ووزير الري المصري أعلن فشل المفاوضات للمرة السابعة عشر، تلك المفاوضات التي تطالب الجانب الإثيوبي، لا بإيقاف بناء السد، إنما بمراعاة الشروط الفنية التي تحافظ للمصريين على بعض حصتهم من مياه النيل. الرئيس ظهر متنصلا من مسئوليته أثناء افتتاحه لأول مزرعة سمك يديرها الجيش واستماعه لشرح عقيد أول سمك وجمبري لنوعية الأصناف التي تقدمها منافذ توزيع القوات المسلحة، وقال بالحرف الواحد هذه المياه ليست ملكي اسألوا رئيس البرلمان ورئيس الوزراء ثم تابع كالمعتاد بطمأنة المصريين، كيف؟ لا يهم، المهم اطمئنوا، أجهزة الدولة لا تتحرك وفق خطة محددة وإجراءات نافذة وقوانين رادعة وخطاب إعلامي مساند وموجه إلا حينما يتعلق الأمر بالكليبات الجنسية أما مياه النيل فلا حاجة للقلق أبدا، سنتخذ اللازم!