دي ميستورا ينحاز للأسد

حسين عبد الحسين
الجمعة   2016/01/22
تظهر وثيقة مبعوث الأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا، والتي سرّبها الوفد الروسي في نيويورك الى "مجلة فورين بوليسي" الاميركية، انحيازا فاضحا من قبل الأمم المتحدة لمصلحة الرئيس السوري بشّار الأسد وحلفائه روسيا وايران.
في وثيقته السرية الى مجلس الأمن، حمّل دي ميستورا "الهيئة العليا للمفاوضات"، والتي شكلتها المعارضة السورية في الرياض الشهر الماضي برئاسة رئيس الحكومة السوري السابق رياض حجاب، مسؤولية تأخير انعقاد المفاوضات في جنيف. كذلك، حمّل دي ميستورا "الدول الراعية" للهيئة مسؤولية عرقلة المفاوضات السلمية.
روسيا كانت قدمت لائحة من 16 من معارضيها الى الأمم المتحدة وطلبت إضافتهم الى وفد المعارضة في جنيف، ما دفع "الهيئة العليا للمفاوضات" الى رفض طلب اضافة معارضين يتم إسقاطهم على المعارضة من موسكو. وقيام المعارضة برفض اشراك "معارضي موسكو" في صفوفهم أثار حنق دي ميستورا، فحمّل المعارضة مسؤولية عرقلة جهوده.
طبعا لم يتنبه دي ميستورا الى بلاهة طلبه وطلب روسيا، فكيف يمكن لموسكو ان تكون راعية للأسد وتقاتل في صفوفه، وفي الوقت نفسه ترسل ممثليها للمشاركة في صفوف المعارضة؟
الاجابة تكمن في محاولة موسكو القضاء على السوريين المعارضين للأسد، عسكريا داخل سوريا ودبلوماسيا خارجها، وما تسريب وثيقة دي ميستورا السرية الى الاعلام الاميركي الا جزء من الحملة الروسية - الاميركية ضد معارضي الأسد.
الروس قاموا بتسريب مذكرة دي ميستورا السرية الى محرر "فورين بوليسي" كولوم لينش، فيما يبدو ان الروس ولينش يستخفون بعقول الناس، ويعتقدون ان مقالة بقلم لينش في "فورين بوليسي" تتمتع بمصداقية كافية لاتهام المعارضين السوريين بعرقلة جنيف 3، وادانة السعودية مع المعارضين، حسبما ورد في المقال.
على ان معارضي الأسد من السوريين، وداعميهم، يتحملون مسؤولية التراخي في مواجهة حملة التلاعب التي يشنها الروس والايرانيون والأسد لكسب الرأي العام. مثلا، كان مطلوبا من المعارضة السورية وداعميها ان يحركوا الاعلام العالمي ضد اعلان روسيا ارسالها لائحة بمعارضيها الى الأمم المتحدة لفرضهم على وفد المعارضة. وكان الاجدى بالمعارضة السورية وداعميها اظهار تناقض الطرح الروسي الذي يدعم الأسد ويطلب رعاية معارضته في الوقت نفسه.
كان لا بد للمعارضة السورية وداعميها ان يظهروا بلاهة الأمم المتحدة، التي تكاد تحارب في صفوف الأسد برفضها تصنيف حصار مضايا كحصار لتفادي محاسبة نظام الأسد بتهم جرائم حرب، فيما يقوم دي ميستورا باتهام المعارضة بالعرقلة لمجرد انها رفضت منح ازلام روسيا والأسد صفة معارضين. 
كما لا بد للمعارضة وداعميها ان يذكروا الرأي العام العالمي بأنه على مدى السنوات الخمس الماضية واغلاق روسيا مجلس الأمن، لم توجه الأمم المتحدة يوما أصابع اللوم الى روسيا او ايران او الأسد وهجومه الكيماوي، بل راحت تستجديهم للمشاركة في مفاوضات رفضوها مرارا.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، لا بد من الاشارة الى انه الى جانب مذكرة دي ميستورا ومقالة لينش، اصدرت مجلة "فورين افيرز" مقالة بقلم اكبر مؤيدي الأسد في الولايات المتحدة، جوشوا لانديس، وشاركه في كتابتها ستيفن سايمون، الذي زار دمشق وقابل الأسد في آذار الماضي. في مقالة لانديس - سايمون فرضية ان الأسد يفوز الآن على معارضيه، وان مصلحة اميركا تكمن في المراهنة عليه. اما اسوأ ما في الأمر، فهو انه سبق لسايمون ان عمل مسؤول الشرق الاوسط في "مجلس الأمن القومي" في البيت الأبيض. اما خليفته اليوم في المنصب، والذي يدير سياسة اميركا تجاه سوريا، فهو صديق سايمون وصديق الأسد روبرت مالي.
ربما آن الاوان للمعارضين السوريين وداعميهم رمي قفازاتهم، والتوقف عن التظاهر وكأن التسوية مع الأسد ممكنة على قاعدة "إلحق الكاذب حتى باب داره"، وتحميل الامم المتحدة مسؤولية مئات آلاف القتلى السوريين، والمحاصرين الذين يموتون جوعا، وملايين المهجرين الذين ينامون في خيم في صقيع الشتاء وحر الصيف.