عن العقوبات الباقية على إيران

حسين عبد الحسين
الجمعة   2015/07/17

"سنبقي عقوبات كبيرة على فيلق القدس والكيانات المرتبطة به"، يقول مسؤول أميركي كبير تعليقا على التوصل لاتفاقية نووية مع إيران. "وسنبقي بالتأكيد العقوبات على قاسم سليماني، قائد (فيلق القدس في) الحرس الثوري الإيراني، لجملة من الأسباب بما فيها دعم الإرهاب والنشاطات في سوريا"، يضيف المسؤول، ويتابع ان واشنطن لن ترفع "العقوبات التي تستهدف دعم إيران لمجموعات إرهابية، مثل حزب الله، بسبب تدخلاتها الإقليمية في سوريا واليمن، ولتجاوزاتها في حقوق الانسان".

 ويصرّ المسؤول الأميركي ان بلاده لن ترخي قبضتها لناحية برنامج إيران للصواريخ البالستية، او "استيرادها وتصديرها السلاح الى مناطق تثير قلقنا مثل سوريا واليمن وليبيا"، هذا فضلا عن بقاء حظر الأمم المتحدة على استيراد إيران الأسلحة على أنواعها حتى العام 2020، وعلى الصواريخ البالستية حتى العام 2023.

ومن نافل القول ان المسؤول الأميركي "يستهبل"، حسب التعبير العامي في المشرق العربي، ويزيد في بلاهته إصراره ان الإدارة ستبقي على مرسومين اشتراعيين يفرضان عقوبات على كل من إيران وكوريا الشمالية وسوريا بموجب قانون صادر عن الكونغرس في العام 2006، وما تجربة كوريا الشمالية وأسلحتها النووية، ونظام الأسد وسلاحه الكيماوي – قبل وبعد مجزرة الغوطة في العام 2013 – الا دليل على النجاح الباهر لإدارة الرئيس باراك أوباما في تطبيق عقوبات تؤدي الى حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل ومنع استخدامها.

اما الطامة الكبرى فهي ان السيد المسؤول الأميركي يعتقد انه يمكن ان يهدئ من روع مخاوف ضحايا الحجي قاسم بالتأكيد ان العقوبات المفروضة على الجنرال الإيراني باقية في مكانها، وكأن سليماني ينفق على نشاطات "الحرس الثوري الإيراني" في لبنان والعراق وسوريا واليمن من حسابه الخاص، او كأن دخول الخزينة الإيرانية 150 مليار دولار، هي قيمة الأرصدة الإيرانية المجمدة حول العالم التي ستستعيدها طهران بموجب الاتفاقية النووية، ستبقى أموالا عصية على سليماني وميليشياته.

ربما كان الأجدى بالسيد المسؤول الأميركي ان يشرح للصحافيين الذين كان يتحدث إليهم كيف وصلت دبابات ابرامز الأميركية الى ايدي "كتائب حزب الله" العراقية الموالية لطهران. وربما كان الأحرى بالمسؤول الأميركي ان يشرح الفارق بين "الكيانات المرتبطة" بفيلق القدس وسليماني، وميليشيات "الحشد الشعبي" العراقية التي تتسلم مرتباتها من وزارة الداخلية العراقية بمراقبة أميركية، حسب تصريح رئيس الأركان مارتن ديمبسي في الكونغرس الأسبوع الماضي.

قد تفضي الاتفاقية مع إيران الى تجميد برنامجها النووي، او وضعه على الأقل تحت مراقبة دولية أكثر تشددا تجعل من الأصعب تحويله من مدني الى عسكري. لكن على إدارة أوباما ان تتوقف عن الاستخفاف بعقول الناس، وان تمتنع عن الإصرار على الفصل بين الاتفاقية النووية مع إيران وبين العلاقة الأميركية الإيرانية بشكل عام، حيث يكرر مسؤولو أوباما انها علاقة ستبقى متوترة، ما يعني ان الاتفاقية النووية لن تؤثر في ميزان المواجهة المندلعة بين حلفاء إيران وخصومها في منطقة الشرق الأوسط.

في جولة بغداد صيف 2012، فاجأ الوفد الإيراني النووي المفاوض نظرائه بطلب الاستطراد بالحوار ليشمل سوريا، وقدمت إيران يومذاك ورقة قالت انها بمثابة حل نووي – سياسي. يومذاك لم تكن واشنطن مستعدة لخلط النووي بالسياسي، ولكن منذ نشوء قناة عمان السرية في صيف 2013، أدركت واشنطن ان الاتفاقية مع إيران عنوانها نووي ومضمونها سياسي شامل، وان فيها ضمنيا ملفات سوريا ولبنان والعراق واليمن.

ربما لم يرد في نص الاتفاقية تلميحات الى شؤون شرق أوسطية غير نووية، لكن أوباما قال مرارا ان إيران دولة عريقة وجديرة بزعامة إقليمية، وانه لا مانع من رفع العقوبات الدولية عنها لتمويل الزعامة الايرانية وتأهيلها. اما الحجي قاسم، فهو إيران وإيران هو، وأبله أي مسؤول أميركي يعتقد انه يمكن الفصل بين الاثنين.