محاكمة موسى الشامي في انتحاره.. فماذا عن المجرمين الحقيقيين؟

صفاء عيّاد
الخميس   2023/03/02
موسى الشامي الذي انتحر، وأوصى صديقه بعائلته (تويتر)
برسالة صوتية، أخبر الشاب اللبناني موسى الشامي، صديقه "علّوش"، بأنه سيقدم على الإنتحار، وأوصاه بالإهتمام بعائلته. تحدث بصوت حزين متقطع، ورجاه الإعتناء بعائلته، لا سيما طفلته جوري. وأخبره في الرسالة، أنه لم يعد قادراً على التحمّل وسط الأوضاع المعيشية المتردية.

إنتحار الشامي، جاء في خلال أقل من 24 ساعة من إنتحار شاب من بلدة تعلبايا في البقاع، أطلق على نفسه النار من مسدسه، لأسباب رُبطت أيضاً بالظروف الإقتصادية الصعبة.

وإن كان السبب العلمي للإنتحار هو الإضطرابات والأمراض النفسية، إلا أنه في لبنان يعود الى الأزمة المعيشية والإقتصادية التي يرزح تحتها الشعب من العام 2019، وتزداد يوماً بعد آخر.


موسى الذي قال لصديقه أنه لم يعد يتحمّل، وأن الأعباء أكبر من طاقته، طلب من الجميع مسامحته وعدم التحدث عنه بالسوء، فقد كان يعلم بأن إنتحاره سيجعله مادة دسمة للوعظ الديني، ومحاكمته.

إنتشار التسجيل الصوتي حرّك مشاعر المئات، ويجمع كُثر بأن مناشدته، هي مناشدة شعب يعيش الأزمات المعيشية والنفسية نفسها. إلا أن موسى نقل النكتة السمجة التي ترافق أخبار الأزمات في لبنان التي تتمثل بعبارة "نحن تعبنا"، ليقولها بصدق  لصديقه "علّوش" بأنه لم يعد يتحمل.

"أين الإيمان؟".. من الأسئلة الكثيرة التي طرحها رواد مواقع التواصل الإجتماعي، الذين من السهل عليهم توجيه اللوم إلى "الضحية"، إياً كانت أسبابها بالموت العمد-الإنتحار. ربما يملك موسى فائضاً من الإيمان، لكن ليس بالإيمان وحده يحيا الإنسان. فهو عاجز عن تأمين مقومات الحياة لأطفاله، فما علاقة الإيمان بموقفه؟ وهل مَن لا يملك القدرة على تحمل نفقات العيش، ستكون لديه القدرة على تحمل كلفة العلاج النفسي في لبنان؟ وهو أضعف الإيمان، بأن يكون متوافراً وبالمجان لا سيما في بلد مثل لبنان يمر بما يمر به.

حوكم موسى محاكمة المجرمين. رآه البعض مجرماً، أو عاجزاً أو ضعيفاً، لكن الغائبين عن تلك المحاكمة كانوا شركاء موسى في "جريمة" الإنتحار. شهود بل فاعلون، وهم كُثر، لا سيما مسؤلو هذه البلاد، الذين يطلبون من المواطنين "أن يتحملوا معهم".
 

وإذا كانت خطابات التحمل على ألسنة السياسين لم تصل إلى موسى، ولم يجد أيضاً متسعاً أو جرأة ليخاطب صديقه مباشرة بالحال الذي وصل إليها، عله يساعده بالوصول إلى الحل، فهناك كُثر أمثال موسى يخبئون قدرتهم على التحمل، أو لا يملكون ترفها.

وحتى لو كان صدى رسالة موسى الشامي قد وصل إلى بيوت اللبنانيين، إلا أنه لن يكون شرارة لأي تحرك أو محاولة لثورة جديدة، لكن الأكيد أن مثل هذه الرسائل سيتكرر في الفترة المقبلة، مع إشتداد الأزمة. فـ"عدوى الإنتحار" موجودة ويُرجع سببها إلى تناول حوادث الإنتحار في وسائل التواصل الإجتماعي وفي الإعلام، وسط غياب لأي خطة صحية ونفسية أو حملات توعوية للمساهمة في الحد من الظاهرة. 


وبحسب تقرير صادر عن "الدولية للمعلومات"  اليوم الخميس في 2 آذار، أن مراجعة حوادث الإنتحار بالأرقام تفيد بتراجعها خلال العام 2022 إلى 139 مقارنة بالعام 2021 الذي سجل 145 حادثة إنتحار. وقد وصل متوسط حوادث الإنتحار سنويًا خلال الأعوام 2013 إلى 2022 إلى 143 حادثة. ويضيف التقرير بأن العدد الأكبر سُجّل في العام 2019 إذ بلغ 172 حادثة، أما العدد الأدنى فهو 111 حادثة حادثة سجلت في العام 2013.