بكثير من الاحترام.. سألتُ "جي.بي.تي" عن ريتا

ريتا باروتا
الأربعاء   2023/03/15
"امرأة جيومترية" (لوحة من إنتاج الذكاء الاصطناعي)
قررت فجأة، بشيء يشبه التحدي الممزوج بالسخرية، ان اسأل الذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي"، عن ريتا باروتا، وإن كان بإمكانه أن يعطيني معلومات عنها. أي معلومة. أي شيء يخبرني بأنها موجودة، في عقله-ذهنه-ماكينته.

لاحظت أني أتكلم معه بكثير من الاحترام. واستعمل المصطلحات التي تجعل مني محببة ولطيفة: لو سمحت. أشكرك. لو تفضلت، الخ.. وكأنني، منه أيضاً، أخاف الأحكام.

كنت على قناعة تامة بأن ذكاءه سيجعله يجد عني ما يجعلني موجودة. فنحن غير موجودين فعلياً، إن لم نكن موجودين في الفضاء الافتراضي. ان لم نظهر، بصورة، بخبر، بتعليق. إن لم تكن أسماؤنا هناك، ممدودة مشلوحة، يستعملها الآخرون.

أريد أن يستعملني الآخرون. أن أجد لنفسي مكاناً، في عالمهم التافه هذا. أنا سجينة نظرة الآخر لي، رغم كل ما أدعيه من تحرر، وانغلاق، وتقوقع. أنا موضوع، رغم توقي لأن أصبح الـ"ذات"، من غير موضوع. أو ذات تخرج من عين الناظر إليها، لتصبح في عين نفسها، لتصبح نفسها.

إلى حينه، أنا موضوع. أتجسد كلما ترك لي أحدهم تعليقا على منشور، أو كبسة "قلب". أعدّ القلوب. وامتعض من اللايك الأزرق. لماذا لا يحبني؟ ألا يملك الوقت الكافي لكي يرضيني بقلب؟ أريد من يرضيني، ومن يراني.

رولان بارت تكلم عن العين. وعاد اليها مراراً وتكراراً، إلى صورتها المروعة، الممزقة، منزوعة النواة، المقززة، البيضاء أو العمياء. بالنسبة لبارت، إن الله ميت. وعليه، يمكن للعين أن "ترى حتى نهاية الليل".

أريد أن تراني العين. لكن أن تراني كما أريد، لا كما أنا فعلاً. أريد أن اعتبر جميلة، مثقفة، فهيمة، عليمة، متحررة، لطيفة، كريمة. لا أريد عين بارت. لا أريد الحقيقة. أخافها لأني وحدي من يمتلك عيناً مروعة، حين يسقط الليل، ويسقط الله والمسموح، معه.

انا مؤدية بامتياز، حين أمد نفسي وجسدي وكلماتي، في صفحات الافتراضي. مؤدية تدرك بأنها كاذبة بعض الشيء، وحقيقية بعض الشيء. تحسن اختيار االتوابل، لتصنع حدثا Happening من نفسها. من موضوعها. وتريد أن تظهر. مجتمع "الفرجة"، وصندوق "الفرجة"، الذي يصل الى ابهى حلله، حين يستمع الى أنين من يستمني "بعينه". تأوهات.

لستُ وحدي في حبي للظهور. إن كان الله نفسه أحب الظهور، أقله، الله الذي يعبده المسيحيون. والا، فما الحاجة إذن للتجسد في جسد ابن، من لحم ودم وHappenings، أحب المسيحيون أن يسموها "معجزات". المعجزات أيضاً أداء مسرحي تليه تأوهات عديدة.

إريك فروم تحدث عن الإنسان الجديد، وعن الأساليب التي يمكنه اعتمادها لكي يخرج من "الكارثة"، أي نمط العيش السائد، وأهم تلك الأساليب: "الحضور الكامل حيث يتواجد الإنسان ويكون". وعليه، أين أتواجد اليوم وأكون؟ في كليتي؟

على كنبتي الحمراء في منزلي. ارتشف قدح ويسكي واستمع الى نبض قلبي المتسارع، انا التي تعاني نوبات هلع، بسبب ومن دونه.

وفي صفحات الافتراضي أيضاً. وجودي هناك يصارع موتي. فالقصة تعدت الـ"تريند" ومواكبة العصر، أو لعلها تعيد خلق نفسها، لكن بالمعنى ذاته: أن تكون، أي أن تحارب الموت. أي ألا تموت. ظهورك، هو عدم موتك.

قتَلَني "شات جي بي تي"، لأنه لم يجد عني شيئاً. بالنسبة إليه، أنا غير موجودة. وقد كان في غاية اللطف وهو يزفني خبر موتي: "أعتذر منك لعدم توافر أي معلومة عن ريتا باروتا. لعلها لم تقدم أي شيء يذكر في مجال الفكر والعلوم. لكن، لكي أساعدك أكثر، أرجو منك أن تعيدي صياغة سؤالك، مع الإشارة الى بعض المواقع أو المراجع التي ورد فيها اسم ريتا باروتا".