أكتوبر الوردي: نفاق إستهلاكي
وفيما انشغلت وزارة الصحة اللبنانية بإعداد خطة طوارىء لجهوزية المستشفيات الحكومية، في حال تصاعد الحرب في لبنان مع إسرائيل، فإن الوزارة عانت من عجز واضح وغابت منذ ثلاث سنوات عن أي مبادرة في مراكز الرعاية، بخصوص سرطان الثدي، كما ترزح المستشفيات الحكومية تحت عجز كبير.
ودفعت أجواء الحرب والتوتر في جنوب لبنان، بكثير من النساء، إلى التلكؤ عن إجراء أي فحوصات مطلوبة، في حال لم يشعرن بأي عوارض صحية، من أجل توفير مصاريف طبية يعتبرنها غير لازمة في الأزمة الراهنة، رغم أن الكشف المبكر وعدم إغفاله، في الواقع، ينقذ حياة كثيرات.
وتحول "أكتوبر الوردي" إلى مناسبة سنوية، لنشر الأشرطة الوردية في كل مكان، بدءاً من اللوحات الإعلانية، والمطاعم والمقاهي ومتاجر التسوق، إلى المجلات وشاشات التلفزيون، ووسائل التواصل الإجتماعي. وبات الشهر فرصة تغتنمها المحلات لتسويق نفسها، عبر توزيع الورود الزهرية على النساء مثلاً، فيما يخصص بعض منها حسماً على المشتريات بمناسبة "الشهر الزهري" المخصص للتوعية بسرطان الثدي.
لا شك في أن الهدف من "أكتوبر الوردي" يستحق الثناء، لكن الأسلوب الذي يتم اتباعه حالياً بات تجارياً واستهلاكياً إلى حد كبير، لدرجة قد يتم معها إفراغ الحملات من مضمونها، فيما تستخدمه الدول للتستر على آثار ممارستها الضارة بحق الصحة بشكل عام، وأمراض السرطان بشكل خاص.
من تصاميم #سرطان_الثدي 🤍💗
— عروض بوربوينت | CV (@Logoo_cv) September 30, 2023
ملفات جاهزه للطباعة
للطلب التواصل واتساب الرابط في البايو pic.twitter.com/caX4eERDxL
يظهر ذلك بوضوح في لبنان، حيث تضاء الأبنية والمستشفيات والمراكز الصحية، باللون الزهري. في حين أن مرضى السرطان متروكون من دون علاج، بموازاة كلفة العلاج باهظة الثمن. كما توقفت علاجات عديدة للمرضى، فيما يطلق آخرون حملات تبرع لذويهم الذين لا قدرة لهم على إستكمال العلاج، في مواقع التواصل، يتجاوب معها الأفراد، نشراً وتبرعاً.
أما في المستشفيات الخاصة التي توفر الصور والفحوصات بكلفة شبه مجانية، فيأتي "أكتوبر الوردي" كمناسبة مثالية للدعاية والإعلان، من دون تقديم هدف خدماتي أساسي في تأمين العناية أو تخفيف أسعار العلاجات على المرضى، في حين تغيب وزارة الصحة عن هذه الحملة الصحية المجانية والتوعوية، تماماً مثل العام الماضي، وتحاول جميعات مخصصة لمرضى السرطان، سد تلك الثغرة.
هكذا، يصف البعض "أكتوبر الوردي" بعبارة "النفاق الزهري" ضمن سردية أوسع تنقلها وسائل الإعلام بتصوير المصابة بسرطان الثدي، على أنها مُحاربة تخوض حرباً وحدها ضد المرض، وكأنها معزولة عن نظام إجتماعي له تأثير كبير في المسار الذي تسلكه المرأة المصابة. وتضع إثقالاً على كاهل المريضات، وتولدُ لديهن شعوراً بالذنب، كأن السبب في عدم نجاتهن أو التغلب على سرطان الثدي يعود إليهن فقط.
كما يعمل الإعلام على ترويج صورة للمصابات بالسرطان يظهرن فيها مستكينات، لا يشتكين وهن يحكين تجاربهن ويتحملن عناء العلاج ويبقين متفاءلات ويقلن أنهم سيشفين بطريقة أو بأخرى. وفي المقابل يتم إغفال صعوبة الوصول إلى الخدمات والمعلومات الصحية للمرضى، ومعاناتهم الحقيقية غير الوردية، وتأثير المرض نفسه في أفراد عائلتهم وظروفهم النفسية.
توازياً، يقدم "أكتوبر الوردي" فرصة للشركات لتلميع صورتها أمام موظفيها، في حين أن الكثير منها يتهرب من أي نوع من المساءلة، ومواجهة العطل المرضية، وظروف العمل الملائمة للموظّفات. وتلمع الشركات أفعالها بعدم إحترام حقوق العمال والعاملات، وظروف العمل، بتنفيذها حملات مرتبطة بسرطلن الثدي وبيعها منتجات تسويقية لإظهار دعمها للنضال ضد هذا المرض.
#لا_تنسي_حالك #أكتوبر_الوردي، باتت هاشتاغات يتعاطى معها سياسيون وإعلاميون، على أنه "تريند" لتسجيل موقفهم الداعم في هذا الشهر. في حين يتناسون دورهم في العمل النيابي لضرورة تأمين العلاج المجاني لمرضى السرطان، أو مكافحة الأدوية الفاسدة، أو إحتكار شركات الأدوية للعلاج، وبيعه في السوق السوداء.
ما هذا الكوكب الغريب يا الله؟ الشركات المسببة للسرطان تقوم في شهر أكتوبر بالتوعية عن #سرطان_الثدي وتُلبس مُسبباتها الثوب الزهري! نفاقٌ زهري جميل، يا ما شاء الله!
— Nour El ein نور العَين (@NourHallal1) October 1, 2023
ولعل ما يحتاجه معظم المرضى، في لبنان على الأقل، هو الوصول إلى "الأدوية لا الأضوية" وأن يكون التضامن مع المصابات بسرطان الثدي برفع الصوت عالياً والمطالبة بحق المرضى في الحصول على الدواء، بدلاً من تحميل النساء شعوراً بالذنب عبر الإيحاء مراراً وتكراراً بأن الإصابة تأتي من الإهمال الشخصي.
وإن كانت فكرة "أكتوبر الوردي" تهدف إلى تكريم المصابات أو اللواتي فقدن حياتهن بسببه، فإن الطريقة الإستهلاكية لا تقوم بشيء سوى إهانتهن بالمنتجات الوردية التي لا يحتجنها. والتكريم لا يأتي إلا عبر مساءلة الدولة ومطالبة الجهات المعنية بالقيام بالتزاماتها، عبر وصول عادل وشامل لرعاية صحية تُقدم لهن بلا منّة من أحد.
شبعتوهم كترة حكي
— suzanne (@suzanneberbery) October 1, 2023
ترلم ترلم يأتي شهر #التوعية عن #سرطان_الثدي اهم شيء #الكشف_المبكر كيف ذلك اذا عدد من النساء لا يستطعن القيام بذلك نظرا للكلفة المادية الى #اليوم_العالمي_لكبار_السن كم من عجزة لا مأوى لهم لا عناية حتى #الدولة عاجزة و رقابة مفقودة ع دور #العجزة ؟ #لبنان
نصائح توعويّة في أهمّيّة الكشف المبكّر عن #سرطان_الثدي مع الدكتور علي يوسف، طبيب أورام في مستشفى جمعيّة المقاصد.
— Al Makassed (@ALMAKASSED) October 4, 2023
.
.
.#جمعية #المقاصد #سرطان_الثدي #بيروت #لبنان pic.twitter.com/v6Yl6XZdQW
الطريق الوحيد هيي الوقاية🎗️
— Michel Moawad (@michelmoawad) October 1, 2023
الشهر العالمي للتوعية حول #سرطان_الثدي pic.twitter.com/6WB2myGKET
لانك اساس المجتمع واساس الحياة
— ولاء سمري ✨💙✨💙✨ (@walaasmrel3) October 2, 2023
لانك بتستحقي الحياة حبي تفسك لتقدري تحبي غيرك وحت وغيرك يقوة فيكي #ما_تنسي_حالك #سرطان_الثدي 💙@rabiazayyat pic.twitter.com/H9FJDJS6p7
لكل مرأة ولكل صبيّة،
— Charbel Merheb | شربل مرعب (@CharbelBMerheb) October 2, 2023
ما تستحي تسألي اكتر عن موضوع #سرطان_الثدي ، ما تستخفّي بوجع ببلّش صغير، ما تأجلي الفحوصات من سنة لسنة، ما تخافي تواجهي وتبلشي علاج على بكّير اذا تبيّن في مرض.
الحياة حلوة وبتلبقلك وفحوصات روتينيّة من فترة لفترة بتحميكي وبتشفيكي ♥️#BreastCancerAwareness pic.twitter.com/zanHO2Hx5R