لبنانيون أعداء.. "إسرائيل ما عملت فينا هيك"

قاسم مرواني
الجمعة   2022/07/29
تلخص الصورة المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، للبنانيين يتدافعون لشراء الخبز، الواقع اللبناني المستمر منذ بداية الإنهيار. الصورة عبارة عن بائع خبز يقف في مكان مرتفع، حاملاً ربطة من الخبز وتحته مجموعة من الناس، الجياع إذا صح التعبير، يرفعون أيديهم تجاهه حاملين ثمن الربطة، ولا يظهر من هؤلاء سوى أيديهم الممتدة إلى الخبز.
تختفي هوياتهم، قد يكونون من الرجال أو الشبان، لبنانيين أو لاجئين سوريين، أو فلسطينيين، لا يهم، يتنافس كل منهم على الوصول إلى الأرغفة، ويتقاتلون في ما بينهم، ينظر الانسان منهم إلى الآخر على أنه عدوّه، يتناسون جميعاً مسؤولية الدولة عن كل الأزمة، يتهم المستهلكون التجار بالاحتكار، ويضع اللبنانيون السوريين في قفص الاتهام محملين إياهم مسؤولية التهريب والاستهلاك المفرط وحتى وزر الإنجاب. 


الصورة واحدة من مشاهد عديدة، تختصر الحال اللبناني. ففي حالة الجوع، يتحول الناس إلى وضعية النجاة، يبحث كل منهم عن تأمين قوت عيشه، من دون أن يهتم بحقوقه أو بحقوق غيره ومعاناته، انحدرت مطالب الإصلاح والرفاهية إلى المطالبة بتأمين قوت اليوم.

غصت مواقع التواصل بصور الطوابير أمام الأفران، فيديوهات لإشكالات، تضارب وسقوط جرحى. أصبح المواطن عدو المواطن بينما يملك السياسيون رفاهية المشاحنات السياسية وتقاسم الحصص ورمي المسؤوليات بعيداً منهم، من دون أن تزعجهم المُظاهرات المطلبية وإغلاق الطرق والشتائم المكتوبة على جدران مجلس النواب. 


تنتشر الدعوات لضرب السوريين وطردهم من أمام الأفران، بل حتى إلى بلادهم إذا أمكن. بالنسبة للبناني فإن المسؤول عن أزماته هو دائماً الآخر، السوري، الفلسطيني، الأميركي، الآخر العدو. وإن لم يجد اللبناني غريباً يلقي عليه اللوم، يصبه على "الآخر" اللبناني، المهم أن الآخر هو دائماً سبب البلاء، ولا مجال للنقد الذاتي أو إجراء محاسبة للذات والبحث عن مكامن الضعف. وصل الأمر ببعض الحسابات في مواقع التواصل، إلى اعتبار انقطاع الخبز والجوع مدعاة فخر ضمن حرب ضروس ضد الأميركي والغربي. أمام هذه المَشاهد جميعها، يستطيع الناظر أن يستنتج بسهولة أن اللبنانيين أعداء أنفسهم. 


لم تؤد الإنتخابات النيابية إلى أي تغيير سياسي يُذكر، بقيت الطبقة السياسية نفسها. الناخبون هم أنفسهم يناضلون اليوم للحصول على رغيف خبز، من دون أن ترتفع أصوات هؤلاء في وجوه نوابهم، ومن دون أن تعلن الدولة حالة استنفار لإيجاد حلول على وجه السرعة للأزمة الحالية. تظهر امرأة عجوز في فيديو ينتشر بكثافة، ولم يبق لها سوى الله تشكو له الظلم، تقول مخاطبة الرئيس بري وميقاتي وحزب الله: "إسرائيل ما عملت فينا هيك".