مولوي يقلب لحظة تحفيز السياحة.. إلى تشكيك

رين قزي
الأربعاء   2022/06/08
لم يحدث في التاريخ أن حوّل وزير الداخلية مناسبة لاستدعاء السياح، الى لحظة قلق. يحذر وزراء الداخلية من تدهور وضع أمني، أو يطمئنون الى استقراره. غالباً ما يكون التحذير الأول في لحظة توتر، أو خلال أزمات أمنية بدافع داخلي أو خارجي.. وغالباً ما يطمئنون الى استقرار الوضع في لحظات الرخاء، وقبيل مواسم الاصطياف والأعياد، ويفترض أن تكون السلطات الأمنية، حينها، مجنّدة لمواجهة أي طارئ. 


لكن وزير الداخلية اللبنانية، بسام مولوي، لا يعترف بتلك الأعراف. خلال وجوده في مطار رفيق الحريري الدولي، مرافقاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء ومسؤولين آخرين، اختار حادثة أمنية بالغة الحساسية، ليقول إنه حقق انجازاً فيها، وهي تحرير مخطوف في أقل من 24 ساعة! ما يعني، حكماً، أن هناك تفلتاً أمنياً يسمح بالخطف مقابل فدية.. وهي ظاهرة يفترض أن لا تشهدها بلاد تنعم بالاستقرار الأمني وتقوم الأجهزة الامنية بكل اجراءاتها الاستباقية لمنع ظواهر إجرامية شبيهة، وتتحرك قبل وقوع الحدث وليس بعده.
 

المشكلة الإضافية في تصريحه، أنها جاءت من مرفق سياحي، حيث تجندت الحكومة بأركانها المعنية بالأمن والسياحة والأشغال العامة، لطمأنة السياح والوافدين الى أن هناك موسماً مقبلاً يمكن أن يخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية. جاء الإعلان عن إنجازه في الموقع الخطأ، والتوقيت الخطأ. فهو، بهذا الإعلان، يعزز التقارير الغربية حول مناطق خطرة في البلاد، وتحذيرات من سفاراتها في بيروت من زيارتها. وهي تحذيرات متكررة، تصدر كل ستة أشهر، وتشمل مناطق البقاع والجنوب والشمال وضاحية بيروت الجنوبية. فإذا كان الوزير المعني يقر بوجود ثغرات تسمح لعصابات الإجرام بتنفيذ عمليات خطف، فأين ستنحصر السياحة في البلاد؟ 

لم يكن مولوي سيئ النية حين أعلن عن إنجازه، ما استدعى ردوداً من مغردين وناشطين في مواقع التواصل. كما لم يقصد أن يحد من الجهود المبذولة لدعوة السياح، خصوصاً المغتربين اللبنانيين الذين لن تقتصر تحركاتهم على مناطق "آمنة" في بيروت وجبل لبنان...
 

مشكلة مولوي، تتمثل في شفافيته الزائدة التي وضعته تحت مباضع النقد.. ومشكلته الأخرى في واقعيته التي ارتدت عكسياً على جهود يبذلها لمواكبة الملفات الأمنية.. وهو، على أي حال، واحد من وزراء يُعدّون على أصابع اليد، يعملون باستمرار في حقول وزاراتهم التي تحتاج الى جهود اضافية، مثل الطاقة والأشغال والبيئة والخارجية والعدل، على خلفية الأزمات التي تخنق البلاد منذ سنوات. 

يقول بعض وزراء الحكومة ما يفكرون فيه، بلا ضوابط. تلك واحدة من مشاكل الوزراء "التكنوقراط" الذين تمرسوا في ملفاتهم، ولم يتمرسوا في العمل السياسي. تختلط عليهم ضرورات القول من ضرورات الصمت... ويسيئون استثمار المواقيت والظروف والأماكن.

في لحظة الترويج للسياحة، حضر وزير الداخلية ليقول ما يطمئن، بوصفه وزير اختصاص.. وليس ليثير أي تشويش أو هواجس. قلب بتصريحه لحظة أمنية لتحفيز السياح، إلى لحظة تشكيك في جهوده هو، لن تنفع معها الوعود بتأمين مئة عنصر إضافي لتعزيز الأمن في المطار، طالما أن ما بعد المطار خارج أي تأمينات!