"تيك توك" سوريا: قليل من الرقص.. كثير من البؤس!

ويمكن اعتبار "تيك توك" إحدى أبرز المنصات التي سجلت حضوراً موسعاً في شمال سوريا، الخارج عن سيطرة النظام، سواء كانوا مدوّنين أومتابعين، حيث انتهز عشرات الناشطين فرصة التفاعل الكبير الذي يمكن تحقيقه عبر المنصة، من أجل بث تسجيلات ساخرة أو ناقدة، تخص الواقع المعيشي والخدمي في المنطقة، وتسليط الضوء على الأحداث والقضايا التي تهم السكان.

ويُعد مراسل تلفزيون "أورينت"، جميل الحسن، أحد أبرز الناشطين في "تيك توك"، ويمتلك 350 ألف متابع، كما تصل المشاهدات في بعض مقاطع قناته، التي تحظى بتفاعل كبير، إلى نصف مليون مشاهدة. وتتنوع التسجيلات المرئية التي يبثها الحسن بشكل يومي تقريباً، بين عرض لأخبار محلية مهمة وجولات ميدانية في الأسواق والأماكن العامة، مع توجيه نقد لاذع حول الوضع المعيشي والإنساني المتردي في المنطقة.

@jamil_alhasan

♬ الصوت الأصلي - جميل الحسن

ينخرط الحسن كذلك في الأسواق، ويبيع البندورة والفليفة الخضراء، عارضاً نبذة عن الغلاء حيث يحتاج المواطن للعمل يومين كاملين للحصول على حبة أناناس.

وفيما يحمل حذاءً بنّاتياً وكتاباً مدرسياً وبضع شعرات، يوضح الحسن في تسجيل ثان، جانباً آخر من معاناة سكان إدلب، يتمثل في استمرار القصف الذي طاول مؤخراً مجموعة من الأطفال الضحايا، في مشهد صادم جداً، يتكرر في إدلب، يتبعه تعليق محزن: "هيك نحنا عايشين القلق.. ما في شي بيسلم من المجرمين الإرهابيين الإيرانيين وبيت الأسد والروس".

@jamil_alhasan

♬ الصوت الأصلي - جميل الحسن

كما أغرت نسبة الإقبال الكبيرة لسكان مناطق المعارضة على تصفح "تيك توك"، الناشطة حسناء محمود، المقيمة في ريف حلب الشمالي، لإطلاق برنامج "بدون فلتر" ترصد فيه الوضع الإنساني في المنطقة. وتتعدد القضايا التي يتم طرحها بين الاجتماعي والمعيشي والخدمي، إلى جانب اهتمام واضح بالأطفال والعمل على تنمية مهاراتهم.

على سبيل المثال، تطلب محمود في إحدى حلقات البرنامج من المسؤولين عن الشمال السوري الخروج بسياراتهم للاطلاع على الوضع السيء للطرق بين القرى والمدن بريف حلب الشمالي حيث تحاول أن تكون "صوت المواطنين الواصل للمسؤولين"، حسب تعبيرها.

@hasnaa_mahmoud111 #بدون_فلتر #أخبارنا #أعزاز #الباب #عفرين #جرابلس #الراعي #ادلب #تركيا_العراق_الكويت_مصر_سوريا #المانيا_السويد_النمسا_النروج_دينيمارك #امريكا_نيويورك ♬ الصوت الأصلي - حسناء محمود

من جهتها، ترصد الناشطة الإعلامية، يقين بيدو، الأوضاع في مخيمات النازحين، خصوصاً مع المتاعب الكبيرة والمستمرة التي يعانيها سكان الخيَم، في مواجهة العواصف المطرية والثلجية أو مع اشتداد حر الصيف. تبث بيدو تسجيلاتها المرئية إلى 42 ألف متابع وتحظى بنسبة تفاعل جيدة.

وفي أحد تسجيلات بيدو، يوضح رجل مسن يقطن خيمة مهترئة أن "الثلج كويس بس بدو دفا". بينما تجول الكاميرا مستعرضة الخيم من القماش المزروعة بين الثلج، فيما تغيب وسائل التدفئة ويكتفي السكان بالجلوس تحت الأغطية، في ظل أوضاع قاسية جداً يعانيها الآلاف من المسنين والأطفال.

@yakeen.bido "#الثلج كويس بس بدو #دفااا ولربنا المشتكى" هيك قلي #العمانتبهوا كم مرة قالوا #تفضلوا تفضلوا رغم كل #ظروفهن ♬ الصوت الأصلي - يقين بيدو

إلى ذلك، لا يقتصر تفاعل المتابعين على ما يبثه عشرات الناشطين في "تيك توك"، بل يتجاوزه ليتم التفاعل مع أي قضية أو حدث بسرعة فائقة قد تؤدي إلى تحرك من الجهات الأمنية والعسكرية التي تدير المنطقة. حيث تحولت تسجيلات مرئية لم يكن ناشروها على دراية بالنتائج المترتبة عنها إلى قضايا رأي عام، تتطلب في الأغلب، تدخل الجهات الأمنية.

على سبيل المثال، تداول مئات المتابعين تسجيلاً لأشخاص ينهالون بالضرب على امرأة كانت تقوم بجمع الزيتون من أحد الحقول غربي إدلب. وحولت كثافة التعليقات والتسجيلات هذه القصة إلى تريند جعل جهاز الشرطة يلقي القبض على الفاعل ويعرض تسجيلاً مرئياً لاعترافاته حول الموضوع، الذي حظي باهتمام بالغ.