منيمنة يختصر "الشّقاق".. "صفقة" لانتخاب ميشال معوض؟

نور الهاشم
الخميس   2022/10/20
من جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية (عباس سلمان)
اختصر النائب ابراهيم منيمنة "الشقاق" القائم بين نواب التغيير من جهة، وبين التكتل وكتل أخرى من جهة ثانية، بالتلميح الى "صفقة" تجري حياكتها، لجر التكتل الى "اصطفاف" سياسي، ليُوظَّف نوابه في مشروع سياسي لم يتفق عليه الأعضاء الـ13. 

قال منيمنة في تغريدة: "على هامش جلسة الانتخاب اليوم: محاولة جر تكتل نواب التغيير إلى اصطفاف من أجل التفاوض "على ضهرنا" في لحظة سياسية ما، لن يحصل". هو يدرك طبيعة "الصفقة"، ووجه سهامه باتجاهها. فالنواب الذين يمثلون 10% من أصوات البرلمان، تزداد الحاجة الى أصواتهم في معركة انتخاب رئيس يُراد لها أن تكون نتيجتها بفارق بسيط، خلافاً للمطالب بإجماع وتوافقات مسبقة. 


وبمعزل عن إيضاحات السياسيين ومسؤولي الأحزاب، بدأ هذا الجو بالانتشار في مواقع التواصل. حجم الانتقاد لنواب التغيير، من قِبل مناصري "القوات اللبنانية"، يظهر هذا الجانب من التقدير الذي لا يبدو أنه ينطلق من فراغ. يدين مناصرو "القوات"، النواب الـ13، لعدم انتخاب النائب ميشال معوض، الذي استطاع جمع 42 صوتاً، في مقابل 56 ورقة بيضاء. بينما ألغيت 17 ورقة يُرجَّح أن قسماً كبيراً من نواب التغيير صوتوا بها، الى جانب آخرين.


ويتكرر السؤال في مواقع التواصل عن فرضية: ماذا لو صبّ نواب التغيير أصواتهم لصالح معوض، ألم يكن ليفوز بالانتخابات الرئاسية؟ 

في الشقّ العددي لاحتساب الأصوات، يبدو الطرح منطقياً، لكنه في الشق السياسي، ليس كذلك. في المبدأ، أي رئيس تحدٍّ يُفرض ضمن الاحتساب العددي، سيعيد فرملة النظام، على ضوء قدرات التعطيل الموجودة عند الطوائف الثلاث الأساسية، كون كل واحدة منها لها حق "الفيتو".. فضلاً عن أن أي اقصاء لأي طرف، سيفجّر البلد، وما زالت ذكرى 7 أيار 2008 ماثلة. 

لكن البُعد السياسي للفرضية، يتصدر الهواجس: هل هناك "صفقة" سرية يُراد لنواب التغيير الانخراط فيها، تضليلاً أو إحراجاً، من دون أن يعرفوا ظروفها؟ هل هناك مسعى لتوظيف أصوات التغييريين في مشروع سياسي، لا ينتمي معظمهم له؟ 


تغريدة منيمنة تثبت تلك الهواجس، وتدلّل عليها. لم يبقَ غير أصوات التغييريين خارج الاصطفافات السياسية في محورين متصارعين، أحدهما مقرّب من الخط الخليجي، والثاني من الخط الإيراني، مع وجود هواجش لكل منهما بحسب خصوصية الحزب السياسي. 

وبمعزل عن الإدانات للتغييريين الذين لم يقترعوا لمعوّض، ينتمي التغييريون في أدبياتهم السياسية الى المحور السيادي، قبل أن يصبح إطلاق هذا الوصف غير دقيق، ويستدعي تغييره إلى "محور الحياد" أو محور "عدم الانحياز" أو "محور اللا-اصطفاف"، بالنظر إلى أن مفهوم "السيادي" بمعناه المتداول، بات غير جامِع. ففيما يرى البعض إن هذا المحور يفترض أنه النقيض للمحور الممانع، وهو مقرب من الولايات المتحدة ودول خليجية متخاصمة مع طهران، يرى آخرون أن السيادية تعني نبذ المَحاور، والحياد، ورفع المصلحة اللبنانية فوق أي اعتبار آخر. 

بالنسبة لكثيرين، ليست المفاضلة اليوم بين ميشال معوض وجبران باسيل. ثمة من هو في الوسط، يستدعي الاهتمام والتوافق. مَن هو؟ من المبكر الجزم به، طالما أن مؤشرات الدخول في شغور رئاسي حتى شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل في أقل تقدير (ريثما تتضح توازنات الإقليم ونتائج الانتخابات الأميركية)، بات واقعاً. ثمة مَن يُناور، حتى جلاء الصورة الإقليمية، وثمة مَن ينتظر، وثمة مَن يستعجل. في النهاية، لا سبيل إلا التوافق، في بلد نبذ الديموقراطية العددية منذ 30 عاماً.. ولا يزال.