انفجار الاحتقان بين "الجديد" و"حزب الله"..."دلوعة المحور" خارج العباءة

نور الهاشم
السبت   2022/01/15
تفجر الاحتقان بداليا أحمد بعد وصف نصر الله بـ"التمساح"
ليس الهجوم على مقدمة البرامج داليا أحمد، الا رأس الجليد في جبل الاحتقان بين "حزب الله" وقناة "الجديد" الذي انفجر إثر وصفها ستة زعماء لبنانيين، من بينهم أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، بالـ"تماسيح"، خلال برنامجها الساخر الذي تعرضه القناة. 

هوجمت أحمد بعنف، وتعرضت لتنمر في مواقع التواصل. لم تترك أوصاف مقيتة وعنصرية من غير أن تُستخدم بحقها. أهينت، وشبّهت بالحيوانات، إسوة بوصف نصر الله بالتمساح، ولم تهدأ الحملة عليها منذ بعد ظهر الجمعة، في أعنف هجوم يُشن على اعلاميين مناهضين لحزب الله. 


لكن أحمد، حملت الهجوم بدلاً من تحسين الخياط. شكل المقطع الذي عرضته، ذريعة مباشرة لإطلاق الحملة، وذلك ما ظهر في تغريدات اعلاميين بارزين في "حزب الله"، اشاروا علانية الى ان المسؤول عن "الإساءة بحق السيد" هو تحسين الخياط، رئيس مجلس إدارة القناة، بشكل مباشر، وذكر بعضهم بـ"بصيرته" حول القناة منذ العام 2015، حين ظهر هاشتاغ "دكانة الجديد"، وبعضها ذكر بـ"إساءات المحطة" منذ العام 2013 بحق الحزب. 

والحال ان العلاقة بين القناة والحزب، تعرضت لاختبارات كثيرة، منذ ذلك الوقت، كانت تُرمم العلاقات بجهود وعلاقات شخصية بين مسؤولين فيها، وقياديين في الحزب، بينهم النائب حسن فضل الله مثلاً، أو المقرب من الحزب اللواء جميل السيد من خارجها، بالتواصل "الشخصي" و"المهني" على حد سواء مع مسؤولين في الأخبار فيها. 

لكن هذا الواقع، انتهى أخيراً. على الاقل منذ ثورة 17 تشرين، واصطفاف القناة مباشرة ضد الحزب الذي كان محيداً الى حد كبير في صراعاتها السياسية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أو تيار المستقبل في وقت سابق، أو "التيار الوطني الحر"، أو حتى "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، وهي علاقات وتوترات تعرضت لاختبارات كثيرة، ورممت باستثناء العلاقة مع الحزب أخيراً. 

والواقع أن القناة تصاعد جمهورها الشيعي بالخطاب الذي قدمته في وقت سابق، المؤيد للمقاومة. كانت بمثابة "دلوعة المحور"، يغدق عليها بالمعلومات وإطلالات قيادييه. خلقت مساحة خاصة لها لاستقطاب الجمهور الشيعي بشكل خاص، غير المحزّب وغير المتدين، الى جانب جمهور يساري عريض من كل الطوائف. حاولت قناة "ال بي سي" منافستها على هذا الجمهور قبل 17 تشرين، وفشلت. تستحوذ القناة على أعلى نسبة مشاهدة في البيوت الشيعية، وهذا واقع لا جدال فيه، لذلك يحظى أي هجوم على الثنائي الشيعي، بانتشار واسع، ويتحول الى حملة ضد القناة التي يعتبر الشيعي أنه يغدق عليها بالجمهور، فيما هي تبيع المواقف لـ"دافعي المال"، وآخرهم "السعودية" بحسب زعمهم، إضافة إلى "المشاركة في الحملة الأميركية والخليجية ضد الحزب وشيطنته إعلامياً"، حسب ما يقولون.
 

والاحتقان الاخير والكبير، ليس ناتجاً عن البحث عن قصص صغيرة متصلة بالفساد، من خلال مراسلي المحطة الاستقصائيين المنتشرين في مناطق نفوذ "حركة أمل" و"حزب الله" بما يتخطى المناطق الاخرى، مثل تزوير مختار لأوراق ثبوتية، أو استحواذ نافذ على قطعة أرض صغيرة وغيرها من قصص الفساد المسلية في سائر المناطق اللبنانية. 

وليس صحيحاً أيضاً أن الثنائي مستاء من تقارير استقصائية جادة (وشابها مراراً النقص في المعلومات) عُرضت على القناة، بالنظر الى انها كانت مدروسة، وقسم كبير من معلوماتها معلن، بل أن بعض الملفات يُحكى أن شخصيات في الثنائي أو قريبة منه، سربتها بطريقة مدروسة أيضاً الى القسم الاستقصائي، مع افتراض واقعي بأن الوصول الى المعلومات في لبنان صعب جداً، ما لم يتقاطع مع حملات سياسية، ويسربها المتضررون من قوى سياسية الى الاعلام لتشكيل رأي عام ومقايضتها على أخرى لدى قوى سياسية مناوئة حين تتحرك النيابات العامة. 

وعليه، يُحكى اليوم في أوساط شيعية على مستويات غير قيادية، أن الجائزة الأميركية التي مُنحت لرياض قبيسي حول الملفات الاستقصائية، هي جائزة لتحسين خياط وليس لقبيسي الذي يُعد الواجهة الأبرز للقناة في "الحرب على الفساد" التي تطاول حلفاء الحزب.. يشيع هؤلاء تقديرات بأن الجائزة تأتي تقديراً لخروج القناة من عباءة الحزب، وإفقاده ذراعاً إعلامياً غير حزبي، واقتياد القناة الى مستوى المواجهة مع الحزب، الى جانب "أم تي في" و"أل بي سي"، وهي بطبيعة الحال المحطات الأكثر مشاهدة في لبنان. بمعنى آخر، يجري اتهام القناة بأنها تحولت الى الموقف الاميركي، وتمت مكافأتها على ذلك، بالجائزة التي أعطيت أخيراً لقبيسي. 

أمام هذا التحول وتلك الوقائع، يصبح الهجوم على أحمد، بمثابة قشّة قسمت ظهر بعير الاحتقان بينهما. دفعت أحمد ثمن هذا الهجوم بالاساءة الشخصية إليها، والتنمر عليها، لكنها بطبيعة الحال، ليست المقصودة بالمباشر، ولو أن الجمهور على المستوى الشعبي البسيط سلّط سياطه العنصرية ضدها.. وما الوسم الموجه الى الخياط، منذ ليل الجمعة، إلا الدليل الأبرز على ذلك.