منصور لبكي يُحاكَم في فرنسا..والكنيسة اللبنانية ما زالت تحميه!

المدن - ميديا
الجمعة   2021/09/17
يُحاكَم الأب منصور لبكي، في 8 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، أمام العدالة الفرنسية، بتهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي على قاصرين في سن 15 عامًا وما دون، حسبما نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية الكاثوليكية، مذكّرة بأن الأب الذي اشتهر منذ عقود بدوره خلال الحرب في لبنان وعمله لصالح الأيتام وتأليفه التراتيل الكنسية، كان قد دانه الفاتيكان في العام 2012.

"استغرق الأمر ثماني سنوات!" تقولها المحامية سولانج دوميك، وتطلق تنهيدة، لكنها مرتاحة اليوم بعد سنوات من العوائق والتأخيرات القضائية، مع إحالة الأب منصور لبكي إلى محكمة جنايات كالفادوس. في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، سيحاكم القس اللبناني (81 عاماً) بتهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي على قاصرين يبلغون من العمر 15 عاماً وما دون، من قبل شخص في السلطة. تعود الوقائع إلى الأعوام 1989-1997، والمفترض أنها ارتكبت في باريس ودوفريس لاديليفراندي (كالفادوس)، حيث كان لبكي يدير مركزًا لاستقبال الشباب ضحايا الحرب في لبنان - ومعظمهم من الأيتام - حتى إغلاقه في العام 1998.

والضحايا هم امرأة فرنسية كان عمرها آنذاك 13 عامًا، وُضعت في مركز الرعاية عندما كانت عائلتها تمر في حالة صعبة، بالإضافة إلى فتاتين يتيمتين لبنانيتين أرستا إلى فرنسا عندما كانا في سن 7 و11 عاماً. وبحسب روايات الضحايا، كان الكاهن يأتي بهن إلى مكتبه المطلّ على غرفته، ويتذرّع، مثلاً، بالاستماع إلى اعترافاتهن وإلى أوضاعهن المؤلمة، ثم يأخذهن على ركبتيه ويعانقهن بصفته "حاميهن".. قبل اغتصابهن.

"مفترس قتل العشرات من الضحايا"
قيل أيضًا، بحسب "لاكروا"، أنه تم الاستماع إلى حوالى عشرين امرأة أخرى، بمن فيهن العديد من الفرنسيات. وقالت دوميك، محامية النساء الثلاث المدعيات على لبكي: "إنه مفترس أودى بحياة عشرات الضحايا، لكن معظمهن لبنانيات ولا يجرؤن على التحدث علناً، ​​خوفاً من الانتقام... أنا نفسي استدعتني محكمة جنايات لبنانية بتهمة التشهير، وأواجه السجن عشر سنوات إذا دخلت لبنان، فتخيلوا وضع الضحايا".

ورجحت "لاكروا" أن يُحاكم الأب لبكي في فرنسا غيابياً. فالكاهن الذي يواجه حكماً بالسجن عشرين عامًا، طعَن في الحقائق منذ البداية، متذرعًا بمحاكمة غير عادلة ومؤامرة محاكة ضده، وقد رفض منذ البداية تلبية استدعاءات القضاء الفرنسي.

وصدرت في حق لبكي مذكرة توقيف دولية، لكن لبنان رفض تسليمه إلى فرنسا في 2017. وأشار منصور لبكي إلى سنّه وحالته الصحية، إضافة إلى ما وصفه بـ"طاعته" للكنيسة التي حكمت عليه العام 2012 بحياة عزلة وصلاة وتكفير عن الذنب. وقد اتصلت به "لاكروا" مرات عديدة، ولم يستجب محاموه في باريس، وكذلك المطران الماروني الذي يعتمد عليه في بيروت المونسنيور بولس عبد الساتر.

وحكمت محاكم الكنيسة على منصور لبكي، العام 2012، بمنعه من مجمع عقيدة الإيمان، ومن الحياة العامة والخدمة، ومن جميع الاحتفالات العامة بالأسرار المقدسة، ومن كل اتصال مع القاصرين ومع ضحاياه، تحت طائلة الحُرم الكنسي. 

وقد اعترف لبكي بثلاث من عشرات الشكاوى ضده، وطلب العفو من الضحايا، لكنه أنكر أنها كانت أفعالًا جنسية.

وكان القضاة قد لاحظوا "اللغة الروحية المتلاعبة" التي استخدمها هذا الرجل ذو الشخصية الكاريزمية، لتحقيق غاياته ووضع ضحاياه تحت السيطرة، وفقًا لشهادات متقاربة. كما أشاروا إلى أن "المتهم لا يظهر أي توبة بأي حال من الأحوال، لكنه يصر ويقسم أنه لم يرتكب أي خطأ".

"الفاتيكان اتخذ قرارًا نموذجيًا بشأنه، لكن لبكي لم يحترمه أبدًا"، بحسب المحامية دوميك.

دافع عنه البطريرك بشارة الراعي
وكما أوردت "لاكروا"، فإن لبكي يعتبر في بلاده بطلاً قومياً، وما زال يحظى بتأييد قوي هناك، لا سيما داخل الكنيسة المارونية. في آذار/مارس 2018، دافع عنه الكاردينال بشارة الراعي نفسه، علنًا، مشككًا في "حملة افتراء"، قبل أن يتراجع بعد بضعة أيام ، بناءً على طلب الفاتيكان من روما.

وفي العام التالي، جاء دور سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي، في محاولة تلميع صورة لبكي، فأهدى البابا فرنسيس، خلال لقاء معه، كتابًا للأب لبكي!

من جهتها، تصرّ مارلين غانم على أنّ "الكنيسة المارونيّة متواطئة في صمتها". من إيطاليا، هذه المرأة اللبنانية، التي تقول إنها تعرضت لاعتداء جنسي حينما كانت بين 14 و16 عامًا، من قبل منصور لبكي في الثمانينيات، تقاتل من أجل أن تضغط الكنيسة اللبنانية على القس وترفع حمايتها عنه. وتطالب، مع ضحايا أخريات، الفاتيكان، بإبعاده عن ولاية رجال الدين، والتحقيق أيضًا مع قادة الكنيسة الذين قاموا بحمايته حتى الآن. وطلب العديد من الضحايا التدخل من البابا شخصياً، لكن دون جدوى حتى الآن.