كيف تنشأ الثغرات في الهواتف الحكومية؟

المدن - ميديا
الجمعة   2021/07/23
يفترض بالمسؤولين الفرنسيين استخدام هاتف "تيورام" ذي المعايير الأمنية العالية.. فلماذا لا يفعلون؟
بعد الكشف عن وجود أرقام هواتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضمن لائحة قائمة الأهداف المحتملة لبرنامج التجسّس "بيغاسوس"، يشير خبراء إلى أن مستوى الأمان يعتمد على الأجهزة المحمولة المستخدمة، وبعضها تشوبه عيوب.

وتتولى الأمانة العامة للدفاع والأمن القومي في فرنسا، وتحديداً هيئة إدارة نظم المعلومات المشتركة السرية بين الوزارات، توفير وسائل الاتصال الخاصة بالسلطة التنفيذية، أي رئيس الجمهورية والحكومة، سواء لاستخدامها في الاتصالات الهاتفية أو لدى تبادل البيانات. كما توفر هيئة إدارة نظم المعلومات المشتركة السرية بين الوزارات وسائل للتواصل بشكل آمن مع الحكومات الأخرى والمسؤولين في السلطات التنفيذية.

وأوضح خبراء في الأمن الرقمي أن الهواتف الموضوعة في متناول أعضاء السلطة التنفيذية ليست ذات تصميم شخصي ولا تتسم بسهولة استخدامها، وهذا ما يدفع بالبعض لاستخدام هواتفهم الشخصية لاجراء اتصالات لا يجب أن تمر من حيث المبدأً عبر قناة التواصل هذه، حسبما نقلت شبكة "دويتشه فيلله" الألمانية.

والحال أن لدى ماكرون العديد من الهواتف الذكية الشخصية التي يتمّ، وفقاً لمصدر مقرب من السلطة التنفيذية، "تغييرها وتحديثها وتأمينها بانتظام". وأوضح مصدر أمني أنّ إعدادات الأمان الخاصة بالهواتف "مقيدة لأقصى حد ممكن، كما أنّ تنزيل التطبيقات معطل وكذلك تحميلها من بعد". ومن بين تلك الهواتف هاتف "تيورام" الذي تصنعه مجموعة "تاليس" الفرنسية للتكنولوجيا. ويسمح الجهاز شديد الأمان المخصص للسلطات العليا، بتبادل المعلومات السرية حتى على مستوى الأسرار الدفاعية.

وأوضح متحدّث باسم الشركة الفرنسية المصنّعة لوكالة "فرانس برس": "يضمن تيورام سريّة وأمن الاتصالات الصوتية والرسائل النصية القصيرة بفضل نظام تشفير على مستوى الجهاز الصلب والبرمجيات"، علماً أن الشركة توفر هواتف للسلطات الفرنسية منذ العام 2012، ويوجد حوالى خمسة آلاف جهاز حالياً قيد الاستخدام، وفق المصدر ذاته.

إلى ذلك، يستخدم الوزراء في فرنسا، بالنسبة للمعلومات المصنّفة على أنها أسرار دفاعية، أجهزة "تيورام" من "تاليس"، بينما يتم استخدام هواتف اعتيادية أكثر للتداول بشؤون الدولة اليومية. وذكر الخبير في الأمن الرقمي لدى شركة الاستشارات "وايفستون" جيروم بيلوا أنّه قبل كل اجتماع، يتعين على الرئيس والوزراء ترك هواتفهم في صناديق محددة تتيح عزل الصوت وحجب الشبكة.

وقال رئيس مجموعة "لنعمل معاً" أوليفييه بيشت، وهو في أساس مهمة برلمانية حول رقمنة الجيش: "إذا كنت تود خوض مناقشة سريّة، عليك أن تضع هاتفك في قفص فاراداي (حاوية أو أسطوانة تعزل ما بداخلها عن المؤثرات الكهرومغناطيسية)، أو تركه على بعد 50 متراً".

وهنا، ينصح خبراء عبر العالم باستخدام تطبيقات شديدة الخصوصية مثل "سيغنال" و"تيلغرام"، كما أعلن "واتس اب" عن تعزيز التشفير في الرسائل الواردة عبره. لكن السؤال حول جدوى هذه التطبيقات يبقى مطروحاً، لأن تطبيقات الرسائل المشفرة تتيح فعلاً تشفير قناة الاتصال، منذ توجيه الرسالة من الهاتف المرسِل حتى استقبالها على الهاتف المتلقي، وبالتالي مع استخدام هذه التطبيقات، لم يعد ممكناً سماع المحادثات عبر الاتصال بشبكة الهاتف. وفي المقابل، في لحظة كتابة الرسالة وقراءتها، يمكن لبرامج التجسّس على غرار "بيغاسوس" رؤية ما يظهر على الشاشة.

وقال بيلوا: "ثمة لحظة بالتأكيد لا تكون فيها الرسالة مشفّرة حتى يتسنى للمستخدمين قراءتها"، مضيفاً: "في حال كان برنامج التجسّس على الجهاز، يمكنه قراءة الشاشة ما أن تظهر الرسالة".   

ولا يتعلق الأمر فقط ببرنامج "بيغاسوس"، ففي العام 2013، كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن آلاف الوثائق السرية التي فضحت أعمال تجسّس أميركية واسعة النطاق بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وأظهرت الوثائق أن مسؤولين كثيرين بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كانوا قيد المراقبة. وفي حزيران/يونيو 2015، كشفت وثائق نشرتها "ويكيليكس" أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تجسّست على ثلاثة رؤساء فرنسيين، هم جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، لسنوات عديدة.