الأسد في دوما: لا طائفية في سوريا!

المدن - ميديا
الأربعاء   2021/05/26
لا تقتصر الرسائل التي يريد رئيس النظام بشار الأسد توجيهها من مشاركته مع عقيلته أسماء الأسد في الانتخابات الرئاسية، في مدينة دوما بريف دمشق، على تحدي الدول الغربية الرافضة لشرعية الانتخابات بالقول أن الثورة في البلاد انتهت عبر تثبيت شرعيته في واحدة من أكبر معاقلها، بل يسعى أيضاً للعب على الوتر الطائفي مثلما كان واضحاً في التغطيات الإعلامية التي واكبت ظهوره في المدينة التي شهدت مجازر ارتكبها جيش النظام بالأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، أكثر من مرة.

وفي العام 2020 شارك الأسد في انتخابات مجلس الشعب لكنه لم يخرج من القصر الجمهوري بل أقيم من أجله مركز انتخابي هناك، في أجواء مسرحية. ورغم أن النتيجة واحدة وهي استعراض الديموقراطية المزعومة أمام الكاميرات، إلا أن الظهور في دوما بموازاة ظهور قادة عسكريين آخرين في مناطق شهدت مجازر، بما في ذلك ظهور العميد سهيل الحسن في قرية كفر عويد بريف إدلب، يشير إلى تنسيق مسبق بشأن التركيز على مناطق معارضة استعاد النظام سيطرته عليها بالقوة العسكرية وسياسة الأرض المحروقة، تأكيداً على فائض القوة الذي يمارسه النظام ويستهزئ فيه بإرادة الشعب السوري.



وبحسب هذا المنطق، فإن ظهور الأسد المنتمي للطائفة العلوية في دوما التي تعبّر عن الغالبية السنية، وشهدت في سنوات الثورة السورية سيطرة لفصائل إسلامية متشددة مثل "جيش الإسلام"، يعطي لمحة عن "الحياة المشتركة" والزعم بانتفاء الطائفية والمناطقية في البلاد، بموازاة تركيز الأسد في تصريحاته المقتضبة على سقوط الحرب الأهلية في البلاد، وهو مصطلح لا يرد كثيراً في الخطاب الرسمي للنظام عادة، مع ميل المسؤولين للحديث عما جرى في سوريا على أنه مؤامرة كونية أو مخطط إرهابي.

لكن اضطرار النظام لتأكيد أن لا طائفية في البلاد، وهي كذبة لا يمكن حتى للموالين تصديقها، هو تأكيد لوجودها وليس نفياً لها بواقع الحال. لأنه لو كان الواقع وردياً لما اضطر رئيس النظام نفسه لتوجيه مثل هذه النوعية من الرسائل التي يخاطب بها جمهوره الداخلي بعد عشر سنوات من الثورة الشعبية في البلاد، والتي رغم أنها لم تكن ثورة سنية ضد القيادة العلوية، فقط، إلا أن الغالبية السنّية في البلاد شكلت العمود الفقري لها، وكانت تنادي في أيامها الأولى بالحريات السياسية وترفع شعارات وطنية جامعة لكل السوريين.


وكرس النظام طوال عقود من الاستئثار بالسلطة، طائفية عميقة في البلاد، وكان النقاش في الأوساط الموالية حول طائفية الدولة أو علمانيتها المزعومة رائجاً منذ العام 2018 الذي شهد طرح مشروع القانون 16 الذي يعطي وزارة الأوقاف صلاحيات غير مسبوقة، لكن جذور الطائفية في سوريا قديمة وتعد جزءاً من الحمض النووي للنظام، حيث يستأثر أفراد من الطائفة العلوية بالمراكز الحساسة في الجيش والأجهزة الأمنية وفي الحكومة نفسها. مع الإشارة إلى أن النظام أيضاً قام على تحالفات دقيقة بين العلويين ومفاصل الطائفة السنية من الشخصيات الأكثر تأثيراً وتحديداً طبقة التجار في دمشق وحلب على سبيل المثال.

ونشر عشرات الناشطين صوراً للدمار في دوما رداً على الأسد، وركب آخرون شعارات الأسلحة الكيماوية على صور الانتخابات في المدينة، بينما كرر آخرون عبارة "الأسد ينتخب نفسه في المدينة التي دمرها".