بعد صلوات العيد في قارة وطرطوس..لماذا عاد الأسد للأموي؟

وليد بركسية
الخميس   2021/05/13
باختياره المسجد الأموي في قلب العاصمة دمشق لأداء صلاة عيد الفطر، الخميس، أطلق رئيس النظام السوري بشار الأسد حملته الانتخابية قبل نحو أسبوعين فقط من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في البلاد، مستحضراً طيفاً من الذكريات المرتبطة بالثورة السورية وتدويلها وتحولها تدريجياً إلى حرب أهلية فوضوية تشكل فيها القوى المحلية مجموعة من الوكلاء للدول الفاعلة في الشأن السوري.


وطوال السنوات الماضية التي تلت "انتصارات" النظام وسيطرته على مناطق خرجت عن سيطرته سابقاً، لم يُصلِّ الأسد مطلقاً في الأموي الذي يحمل رمزية دينية ووطنية عموماً، وظهر في مساجد عديدة ضمن العاصمة كان آخرها مسجد العثمان في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عندما تحدث عن هوية الدولة السورية الإسلامية، نافياً كل صفات العلمانية "الشريرة" عنها. وكرر المشرف العام على مجمع الفتح الإسلامي بدمشق، حسام الدين فرفور، في خطبة العيد التي ألقاها أمام الأسد، تلك الصفات، بحديثه عن الانتخابات التي تشكل أساساً للديموقراطية السورية بوصفها " نابعة من أرضنا وديننا وعروبتنا وسوريتنا وليست مثل الديموقراطيات الغربية التي يتشدق بها أولئك المعتدون القراصنة كأميركا وغيرها.."

من صلاة #عيد_الفطر اليوم في #الجامع_الأموي الكبير بدمشق. رئاسة الجمهورية العربية السورية https://t.me/syrianpresidency

Posted by ‎رئاسة الجمهورية العربية السورية‎ on Wednesday, May 12, 2021



واللافت أن الأسد بين العامين 2015 و2018 لم يُصلِّ مطلقاً في مساجد العاصمة، بل كان يختار مساجد في مناطق متفرقة لإيصال رسائل دعائية تفرضها طبيعة المرحلة السياسية، وكانت صلاة العيد بالتالي مناسبة "وطنية" لا دينية ضمن الخطاب الإعلامي الرسمي. وتبرز هنا صَلاته في بلدة قارة بريف دمشق العام 2017، للاحتفال بـ"النصر" بعد معركة القلمون، أو صَلاته في طرطوس العام 2018 لإظهار تعاطف مع المجتمع المحلي الذي عبر في تلك الفترة عن غضب من النظام بسبب ملفات المفقودين والتجنيد الإجباري والقتلى في صفوف النظام.

وبظهوره اليوم في المسجد الذي تنقل عبر التاريخ من معبد للإله حدد، إلى كاتدرائية مسيحية، قبل أن يحوله الأمويون إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي للمدينة العتيقة، يستحضر الأسد بالتحديد تصريحاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أيلول/سبتمبر 2012 قال فيه أن صَلاته في الجامع الأموي في دمشق وزيارته لقبر صلاح الدين الأيوبي باتت قريبة، قبل أن يتهم نظام الأسد بالتحول إلى دولة إرهابية بسبب المجازر التي ارتكبها النظام منذ الأيام الأولى للثورة السلمية في البلاد، حينها.

ولم يكن تصريح أردوغان السابق يغيب عن خطاب الممانعة عموماً، وكان دائم الحضور في التلفزيون الرسمي السوري عند نقاش أي موضوع مرتبط بتركيا، وكان محللو النظام وإعلاميوه يستخدمون التصريح للسخرية من "المؤامرة الكونية" وللدلالة على "انتصار النظام"، واللغة نفسها كانت حاضرة في مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، التي أطلقت حملات داعمة للأسد في الانتخابات المقبلة، بموازاة نشر لافتات انتخابية له في عدد من المدن السورية، وهي خطوة أتت متأخرة إلى حد ما، في ما يبدو أنه قرار اتخذ سابقاً بتأجيل الخوض في الانتخابات إلى حين انتهاء شهر رمضان من المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري.

وبهذا يتخلى الأسد عن مظاهر الرقة والعطف التي كان يحاول التظاهر بهما في السابق عند مخاطبة الجمهور المحلي، عندما كان يظهر بأزياء بسيطة و"كاجوال" بين الجنود أو الناس في الشوارع بوصفه شخصية لطيفة ومتواضعة يقلد بها شخصية رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا الذي يوصف بأنه أفقر رئيس في العالم. وعاد للتركيز على فكرة القوة، فهو الرئيس الذي صمد وانتصر وبالتالي يشكل دعمه في الانتخابات من قبل الشعب السوري واجباً وطنياً وأخلاقياً غير قابل للنقاش، وكل ما عدا ذلك يستوجب العقاب على ما يبدو.

ويمكن الدلالة على ذلك بخطب العيد الأخرى في بقية المحافظات السورية التي ركزت على فكرة الانتخابات بوصفها واجباً شرعياً، كما يظهر ذلك بوضوح في السوشيال ميديا مع انتشار هاشتاغ #مع_الأسد في تويتر أو الوسوم المشابهة التي انطلقت الخميس مثل "قاوم مع الأسد" و#الأسد_ضمانة_البلد وغيرها، ومجموعات في "فايسبوك" مثل "حملة مليونية لدعم قائد الوطن الرئيس بشار الأسد"، علماً أن كثيراً من الحسابات التي تبث تلك التغريدات أنشئت في نفس اليوم أو قبل أيام قليلة فقط ولم تغرد سابقاً، ما يعطي إشارة إلى دور الجيش الإلكتروني السوري في هذا الصدد، وهو مجموعة من القراصنة الذين باشروا عملهم بعد الثورة السورية تماماً دعماً للنظام السوري، وتقول تقارير ذات صلة إلى أنهم مرتبطون بـ"الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" و"المؤسسة العامة للاتصالات" رغم زعمهم الدائم بأنهم لا ينتمون إلى أي جهة حكومية.

إلى ذلك، تشكل الحملة الانتخابية للأسد خطوة ضرورية لاستكمال خلق مشهد الديموقراطية الزائفة مهما كانت الانتخابات التي تجري كل سبع سنوات استحقاقاً محسوماً سلفاً لبشار، ومن قبله والده حافظ الأسد. وانتشرت صور في مواقع التواصل وفي وسائل إعلام سورية معارضة، للافتات الداعمة للأسد في عدد من المدن السورية، الخميس، بموازاة كلمة ألقتها المستشارة الإعلامية والسياسية بثينة شعبان في فرع "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" في حلب، ذكرت فيها أن "إدلاء السوريين بأصواتهم للأسد، سيكون عرفاناً للقائد الذي وقف في وجه أعتى العواصف إيماناً بشعبه ووطنه وأرضه"، زاعمة أن الأسد سيكون "منارة للمساهمة الإقليمية والدولية في بلورة عالم جديد متعدد الأقطاب قائم على احترام سيادة الدول وكرامة الإنسان"، حسب وصفها.

وشكل تجدد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين حبة الكرز الصغيرة فوق كعكة الدعاية الأسدية، وشكل الأسد هنا عنصراً في محور المقاومة وكان استهدافه طوال عشر سنوات من قبل "المؤامرة الكونية" جزءاً من المخطط الصهيوني الأوسع، وباتت نجاته وانتصاره لحظة حاسمة في الصراع العربي الإسرائيلي، وعليه فإن إعادة انتخابه والمشاركة في دعمه بشكل علني تشكل جزءاً من مقاومة إسرائيل ودعم "الأشقاء الفلسطينيين" وطريقة لإراحة الضمير الشخصي من الشعور بالعجز. وكل ذلك أسلوب كلاسيكي في الدعاية الأسدية/البعثية التي لطالما استغلت القضية الفلسطينية لتحصيل الشرعية السياسية محلياً وإقليمياً.

وإن كانت الثيمات التي تلعب عليها الدعاية الرسمية هنا صحيحة إلى حد ما، وبالتحديد فكرة تدويل الأزمة السورية ونجاة النظام منها، فإن تلك المقاربة تبقى ناقصة ومضللة، لأن تلك النجاة أتت عبر استخدام أساليب الأرض المحروقة وجرائم الحرب لإنهاء الثورة السورية، من جهة، وعبر التحالف مع قوى أجنبية من جهة ثانية.

فمع افتقار النظام إلى استراتيجية لتوحيد البلاد المقسمة أكثر من أي وقت مضى وإلى الشرعية السياسية بشكل عام، يمكن القول مجدداً بأن السيرك الانتخابي الحالي هو آخر الإضافات للسياسة المحلية المبتذلة والمستفزة في آن معاً، خصوصاً أن الدولة التي عرفت في يوم ما باسم سوريا توقفت بالفعل عن الوجود، لأنه بعد عشر سنوات من الصراع ضمن النظام بقاءه في السلطة لكنه لم ينتصر في الحرب تماماً، بل أصبح مجرد واجهة لحلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات المحلية القوية، لا أكثر.

من قلب جامع بني أمية الكبير في دمشق القائد ابن القائد أسد الشام.. سيف دولة هذا الزمان وهذا العصر... يعلن الانتصار...

Posted by ‎قضايا بلا حدود‎ on Wednesday, May 12, 2021

في الجامع الأموي صلاة العيد السيد الرئيس بشار حافظ الاسد انها رسالة مباشرة لمن كان يريد ان يفتح دمشق ويصلي في نفس المكان...

Posted by ‎تشي جيفارا -ارنستو‎ on Wednesday, May 12, 2021

في خطبة صلاة العيد العلي: صدق المقاصد ... والقدس الحاضرة فينا ... والمشاركة في الانتخابات واجب شرعي خاص المكتب...

Posted by ‎محافظة السويداء‎ on Wednesday, May 12, 2021