صلاة جماعية في العراق لغسل عار "رقصة مكسيكية"!

المدن - ميديا
الأربعاء   2021/04/28
أقامت مجموعة من الأشخاص صلاة جماعية في مكان رقص فيه شابان بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، كنوع من "التطهير"، بعد اعتبار فعل الرقص في مكان عام "إساءة للإسلام" ولطقوس شهر رمضان.

الخبر أعلاه ليس ساخراً ولا جزءاً من سلسلة تلفزيونية كوميدية، بل هو ما حدث في السليمانية قبل أيام بعدما أدى الشاب العراقي، مو جابيتا، والشابة السورية، تيفاني كوريه، رقصة في أحد الشوارع انتشرت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداولها على أنها "إساءة لمشاعر المسلمين".



وبحسب وسائل إعلام محلية، طالب معلّقون باعتقال الشابين اللذين وُصفا في البداية بأنهما مكسيكيا الجنسية، لأن الرقص على ما يبدو فعل لا يقوم به السكان المحليون في دول الشرق الأوسط. لكن السلطات امتنعت عن اتخاذ أي موقف من دون تقديم شكوى رسمية، علماً أن الثنائي يدير مركزاً لتعليم الرقص في محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

ولم تكن صلاة التراويح الجماعية في المكان عبثية، بل أتت بعد تدخل أحزاب وشخصيات دينية على خط الجدل، حيث قال النائب علي حمه طه عبر حسابه في "فايسبوك" أن "محاولة استفزاز المسلمين في رمضان ليست حرية، اذهبوا وارقصوا في منازلكم". فيما اعتبر النائب هوشيار عبد الله في "تويتر" أن "رقصة السليمانية ليست سوى سيناريو استغلته السلطة عبر قنواتها الإعلامية، لجعل المجتمع مشغولاً بهذه الأحداث ونسيان ما هو أهم من خططها".


وفيما عبّر العديد من رواد التواصل الاجتماعي عن دعمهم للشابين من خلال مشاركة الفيديو في صفحاتهم، مرحّبين بالعرض الذي قدم على أنه "بث لروح الفرح والحب" في مجتمع بائس، فإن التهديدات والشتائم طالت جابيتا وكوريه اللذين قدما اعتذاراً نشرته وسائل إعلام محلية أوضحا فيه أنهما "زارا السليمانية في رحلة وأثناء مرورهما بشارع سالم فضّلا مشاركة لحظات من المرح والفن مع الجمهور ولم يكن الأداء مخططاً له مسبقاً"، مؤكدين أنهما لم يقصدا "الإهانة لأي معتقد ولا لرمضان وما فعلناه مجرد هواية شخصية لنا اعتدنا عليها".


ونالت كوريه بوصفها فتاة، بالطبع، النسبة الأكبر من الإهانات، وقال معلقون أنهم "شعروا بالاستفزاز" لأنها ترتدي "ملابس جريئة تكشف أجزاء من جسدها، رغم أن ملابسها عادية جداً، كما اعتبر آخرون أن كون الرقصة "لاتينية" يخالف الأعراف الثقافية السائدة. فيما بلغت الانتقادات حد التهديد بالقتل في حال عاد الشابان إلى السليمانية في المستقبل.

هذه الحساسية التي يبديها المتدينون عادة حول "استفزاز مشاعرهم" تبقى غير مفهومة، خصوصاً أن الكثير من الكوارث تحصل كل يوم وتشكل انتهاكات أكبر للنصوص الدينية من دون وجود الدرجة نفسها من "الشعور بالاستفزاز". وهو ما ركزت عليه التغريدات التي انتقدت الموقف الإسلامي المتشدد تجاه الشابين. وكتبت إحدى المغردات:  "ليتنا حاربنا الظالمين كما حاربنا الرقص والطرب! بالأمس اهتز عرش الشارع وأصيب بالانهيار العصبي امام رقص شاب وشابة في شوارع محافظة السليمانية. الشاب والشابة لربما أساءا الى ديننا لعشر دقائق لكن السياسيين يسيئون الى ديننا كل يوم".

ولم تتوقف التعليقات هنا، بل امتدت لتقديم نظريات مؤامرة كاملة ربطت فيديو الرقص بحوادث أخرى جرت في كردستان العراق مؤخراً، بما في ذلك مقطع فيديو انتشر لفتاة في أربيل حملت لافتة كتب فيها "حضن مجاني" بشكل مشابه لآلاف مقاطع الفيديو المتواجدة في الإنترنت من مدن مختلفة حول العالم.

وظهرت الفتاة كارولين مارليني في الفيديو، بينما تجمّع حولها أشخاص هاجموها وشتموها بحجة أن مثل هذه التصرفات "لا تجوز في رمضان"، قبل الاعتداء عليها جسدياً وطردها من المكان. فيما تم تبرير الحادثة بأن الفتاة سورية وليست عراقية! قبل أن تبث الفتاة نفسها مقطع فيديو وهي تبكي واصفة ما حدث بأنه كان أسوأ أيام حياتها، مشيرةً إلى أنها أرادت أن تبرز حبها لأربيل كمدينة للسلام والأمان، لا أكثر.


تمزيق لكتاب الله العزيز في أحد شوارع أربيل، وعاهرة تحمل لافتة اِحظنّي مجانًا، ثمّ رقص لفتى وفتاة في وسط السليمانية، وكلّ هذا في رمضان !