الممانعة تستنفر: ثوار لبنان موّلهم ديفيد هيل..وقليل عليهم الضرب!

المدن - ميديا
السبت   2020/09/26
تعلق جمهور الممانعة في لبنان، بتصريحات وكيل وزارة الخارجية الأميركية، الأخيرة، التي ذكر فيها تقديم الولايات المتحدة مبلغ 10 مليارات دولار للقوى الأمنية اللبنانية ومنظمات المجتمع المدني المحلية، للإشارة من وجهة نظرهم إلى "عمالة المتظاهرين اللبنانيين" وتبعيتهم للسفارات، وهي تهمة ترددت منذ تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، عندما بدا للحظة أن اللبنانيين من كافة الطوائف يتحدون معاً في مشهد نادر لإسقاط النظام الطائفي في البلاد.

وبعد عام تقريباً يبدو المشهد مختلفاً، فالثورة لم تسقط بل أحدثت شرخاً أعمق في المجتمع اللبناني الممزق أصلاً. وعبر هاشتاغ #ثورة_10_مليار يمكن تلمس ذلك الشرخ من ناحية معسكر الممانعة الذي يقوده حزب الله. حيث كرر المغردون ووسائل الإعلام التابعة للمحور المسؤول عن عدم الاستقرار في عدد من دول المنطقة، كلاماً عن أن الثورة اللبنانية كانت ثورة خراب ممولة من الغرب وبأن كل من خرج إلى الشوارع كان مدفوعاً إلى ذلك بالمال الأميركي! فيما كرر آخرون القول أن المتظاهرين دواعش وإرهابيون!


التهمة السابقة طبعاً مردودة على أصحابها. إلا أن اللافت هو رؤية مغردي الممانعة لقسم واحد فقط من تصريحات هيل، أي تلك التي تحدثت عن تمويل منظمات المجتمع المحلي، وهو أمر معروف وليس جديداً، ولا يقتصر على العام الماضي بل يعود إلى سنوات. كما أن الاتحاد الأوروبي يشرف على تمويل منظمات أخرى. وهي جهود معروفة ومصرح بها في لبنان ودول أخرى.

وفي المقابل كان هناك تجاهل للشق الآخر من تصريحات هيل، والتي أشار فيها إلى تمويل الولايات المتحدة للجيش اللبناني والقوى الأمنية. ولا يبدو واضحاً من سياق تصريحات هيل نسبة الأموال التي ذهبت للجيش مقابل تلك التي ذهبت للمنظمات المدنية. ومن جهة أخرى، يبقى النطاق الزمني لتلك المساعدات ضبابياً.

وكان هيل اتهم حزب الله بأنه "يقوّض مصالح الشعب اللبناني بنشاطاته المزعزعة للاستقرار"، كاشفاً أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في الكونغرس الأميركي أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات دائمة للبنان. وقال تحديداً عند سؤاله عن العرض الصيني لإعادة بناء مرفأ بيروت: "قدمنا 19 مليون دولار للإغاثة عقب انفجار بيروت. على مدى سنوات قدمنا 10 مليارات دولار للقوى الامنية من جهة ومنظمات غير حكومية من جهة أخرى للتنمية الاقتصادية والدعم الانساني، ولم يقدم أي احد هذا الدعم الاجنبي مثلنا أشك بأن الصينيين سيقومون بالأمر ذاته".

واتهم معلقون منظمات المجتمع المدني التي تلقت التمويل بالفساد وسرقة أموال التمويل. لكن جمهور الممانعة أخذ هذه التهمة بعيداً بالقول أن الأموال ذهبت لمؤسسات لبنانية خاصة أو جمعيات سياسية تابعة لزعامات مناطقية وطائفية تساعد بإعادة إنتاج زعامتها، في مقابل توجيه الثوار ضد الأطراف الأخرى في النظام اللبناني وتحديداً الأطراف المحسوبة على محور الممانعة. وعبر هذه التهمة المركبة، لا يصبح الثوار اللبنانيون عملاء للسفارات الأجنبية فحسب، بل أيضاً عملاء للزعماء الذين من المفترض أن الثورة تنادي بإسقاطهم جميعاً بشعار "كلن يعني كلن"!

ولم تتوقف التغريدات هنا، بل امتدت لإعادة نشر صور العنف الذي قام به مناصرو حزب الله وحركة أمل وجهات أخرى ضد المتظاهرين السلميين في بيروت ومناطق أخرى، مع تعليقات تقول أن هذا التصرف هو الأفضل مع العملاء والخونة وغيرها من الأوصاف. ولا يتوقف الأمر هنا عند الاعتراف الضمني بارتكاب العنف ضد المتظاهرين، بل هو أيضاً تمجيد للعنف وتكريس للشرخ في البلاد، ما يعيد السؤال الدائم في البلاد وهو كيف يمكن ضمان الاستقرار ووجود دولة حقيقية طالما كان هنالك جهة تمتلك السلاح غير الشرعي الذي يوجه ضد اللبنانيين في كل مناسبة لا تعجب حائزي السلاح؟

وبالطبع فإن الحديث العمالة الأجنبية قديم في البلاد، خصوصاً أن المعارضين اللبنانيين يكررون دائماً حقيقة لا يمكن إنكارها وهي تبعية محور الممانعة لإيران التي تعمد إلى تمديد نفوذها في الشرق الأوسط عبر شبكة من الوكلاء، مثل حزب الله. وكرر هيل تلك الحقيقة في شهادته أمام الكونغرس بالقول أنه قبل حملة "الضغط القصوى" على إيران، كان "حزب الله يتلقى 700 مليون دولار من الموازنة السنوية الإيرانية من أصل ميزانية المليار دولار السنوية لديه"، مضيفاً أن الضغوط على تلك الميزانية "أدّت الى نتيجة وسنستمر بمحاسبة كل من يسهل أنشطة حزب الله، فالشهر الماضي وضعنا عقوبات على وزيرين كانا يدعمان حزب الله".

وأضاف هيل أنه عندما كان في بيروت عقب الانفجار الكارثي في آب/أغسطس الماضي: "التقيت بعدد من المسؤولين والناشطين والمتظاهرين ومواطنين، هناك غضب كبير تجاه الطبقة السياسية الحاكمة وفسادها، تركيزنا هو على ذلك ونراقب اذا كانت ستكون الحكومة متجاوبة مع المطالب".