سعد الحريري.. مُنقذ أم متخاذل؟

المدن - ميديا
الأربعاء   2020/09/23
لم يتمكن رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، من استرضاء جمهور "الثنائي الشيعي" ولا الجمهور الخصم. يتحرك بين نارين، ويتلقى السهام من الموقعين، وذلك بعد طرح مخرج لأزمة الحكم القائمة بسبب تمسك الثنائي الشيعي بالاحتفاظ بحقيبة المالية من حصته، شرطاً للقبول بالتشكيلة الحكومية المنتظرة. 

ومع أن الخارجية الفرنسية رحبت بمبادرة الحريري، ورغم تسويق المبادرة في الأروقة السياسية الداخلية والنظر إليها على أنها "مخرج مقبول" و"انقاذي" لخرق جدار الأزمة الحكومية، صوّب مؤيدو "حزب الله" وخصومه على الحريري، من دون أن يهدد ذلك مبادرته. 


وبمجرد إعلان الحريري أنه "تجرّع السم" بمساعدة الرئيس المكلف مصطفى أديب في اختيار وزير شيعي مستقل لحقيبة "المالية"، خرج جمهور الثنائي الشيعي عليه بسؤال عن الموقع الذي يؤهله لاختيار وزير نيابة عنهم؟ وكيف يحدد ما إذا كان ذلك سيتم لمرة واحدة فقط، أم لمرات متعددة؟ قائلين إنهم أطعموه العسل وجنبوه تجرع السم في وقت سابق.
 


في المقابل، اعتبره خصوم "حزب الله" متخاذلاً. قالوا أنه قدم تنازلات لحزب الله، وانقلب على أدبيات فريقه، وأنه كرّس المثالثة في هذه المبادرة. وقالوا إنه يتقن فن خسارة جمهوره، وأن رؤساء الحكومات السابقين أكثر صلابة منه، علماً أن الرجل أصدر بيانه بعد لقائه برؤساء الحكومات السابقين. 


لكن، وبمعزل عن الانقسام في مواقع التواصل الاجتماعي التي تُعدّ "حكي قرايا" وليست "حكي سرايا"، نُظر الى مبادرة الحريري على أنها إنقاذية. اتخذ قراره بجرأة وشجاعة، لإيجاد مخرج للأزمة الحكومية العالقة. في السياسة، ثمة مخارج يجب أن يتخذها المعنيون لإنزال السقوف العالية الى مستويات حوار مقبولة. تنازلات من الجهتين، لبلوغ نقطة مشتركة، وهو ما يدفع اليه الفرنسيون. 

احتفظ الحريري بمخرج مقبول، حين قال أن مبادرته "لمرة واحدة"، منعاً لأن تصبح عُرفاً يُبنى عليه في مرات لاحقة فتُكرّس المثالثة. أما في الخلفيات الدولية للترحيب، فإن هذه الحكومة ستسبق المؤتمر الدستوري الذي تدفع فرنسا في اتجاه عقده. فتسهيل إرضاء الفريق الشيعي، يسبق المفاوضات التي ستجري لتغيير في بنية النظام أو "تطويره"، وهو رهان على أن ذلك سيكون للمرة الأخيرة قبل إيجاد صيغة أخرى.