جدال فراس فياض وحسام القطلبي..هل يقوّض العدالة لضحايا النظام؟

المدن - ميديا
الإثنين   2020/07/20
المخرج السوري فراس فياض أمام محكمة كوبلنز في ألمانيا (غيتي)
من الصعب الخوض في تفاصيل الشهادة التي قدمها المخرج السوري فراس فياض أمام محكمة كوبلنز الألمانية، التي تحاكم اثنين من مسؤولي النظام السوري السابقين بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا، ويشمل ذلك مناقشة التفنيد الذي قدمه الناشط الحقوقي حسام القطلبي، المدير سابق لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا، عبر سلسلة تغريدات في "تويتر" قبل نحو أسبوعين، وفي مقال نشره الأحد، وأحدث ضجة واسعة في مواقع التواصل.


ولعل ما يثير الاهتمام فعلاً في القضية ككل، هو طبيعة ردود الأفعال العاطفية عليها في مواقع التواصل، والسرعة في إطلاق الأحكام، بما في ذلك اتهامات العمالة والتخوين والكذب، من جهة، وصعوبة الحصول على معلومات موثقة حقيقية بشأن ما يجري في سوريا من جهة ثانية، وتحديداً قضية المعتقلات الأسدية سيئة السمعة. حيث تتعدد الشهادات الشخصية بشأنها إلى درجة قد تصل إلى التناقض.

بدأت القصة في 8 تموز/يوليو الجاري، عندما نشر القطلبي مجموعة تغريدات شككت برواية فياض، لكن كتابته لها بأسلوب قرأه كثيرون على أنه نفي لوجود الانتهاكات الجنسية في معتقلات النظام السوري من أساسها، جعل رد الفعل العام منحازاً لفياض، وهو واحد من 24 شاهداً من المتوقع أن يمثلوا أمام المحاكمة غير المسبوقة التي بدأت في نيسان/أبريل الماضي، وتبحث دعاوى بشأن التعذيب الممنهج الذي ترعاه الدولة الأسدية، ويواجه فيها المتهمان أنور رسلان وإياد الغريب اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وغلب على ردود الأفعال في مواقع التواصل حينها، التعاطف مع فياض، والتساؤل عن مصلحة القطلبي في التشكيك بروايته، مع القول بأن التشكيك بشهادات الضحايا بهذه الصورة لا يفيد إلا النظام السوري ومسؤوليه في أي محاكمة جارية أو مستقبلية، بالإضافة إلى أن ما كتبه القطلبي في تغريداته كان أقرب لتقديرات شخصية، لا أكثر.

بعد ذلك، عاد القطلبي للحديث عن الموضوع، بنشره مقالاً ناقش فيه القضية بتوازن بعيد من التقديرات الشخصية التي طبعت تغريداته، وكان لافتاً ابتعاده عن التعميم في ما يخص مسألة الانتهاكات الجنسية في معتقلات النظام، والتي دفعت العشرات للحديث في مواقع التواصل عن الانتهاكات الجنسية التي تعرضوا لها بشكل شخصي خلال فترات اعتقال مختلفة بعد العام 2011.

وفي المقال، ناقش القطلبي فكرة السرديات الكاذبة التي يعتمدها النظام وبعض المعارضين له أيضاً. وأن السرديات والشهادات الكاذبة، تسيء لقصص ومصداقية كثيرات من ضحايا الاعتداء الجنسي الحقيقيات من المعتقلات السوريات، قبل تقديم قراءته للتناقضات التي حملتها شهادة فياض وبالتحديد ما يخص تواريخ اعتقاله، بمقارنتها مع البيانات والتصريحات السابقة له ولمحاميه لوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية ذات الصلة.

ومع نشر المقال، عاد المزاج العام للانقلاب مجدداً، حيث بات فياض في نظر بعض المعلقين، واحداً من المتسلقين على الثورة من أجل الحصول على شهرة شخصية. فيما استغرب آخرون إطلاق كلمة "فبركة مضادة" التي اعتمدها القطلبي لتوصيف شهادة الفياض التي، حسب قوله، قدم فيها 18 رواية مختلفة عن مدة وتواريخ اعتقاله. فيما قال معلقون أن المقال نفسه لم يقدم أي دليل قاطع على كذب رواية فياض، وأنه يشكل بدوره ركوباً للموجة الإعلامية المرافقة لقضية المحاكمة، لا أكثر.

وكان رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، المحامي أنور البني، تحدث عن محاولات للطعن في إجراءات العدالة، عبر "التهويل بمحاكمة المنشقين وبعدها بتحريك الانتماء الطائفي للمجرمين"، وقال في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي أن "النظام بدأ بالتحضير لحملة تقودها أذرع جديدة كانت مخفية، تهدف إلى التشكيك بشهادات الضحايا من خلال نشر أخبار مفبركة ومقالات وشهادات متناقضة"، بهدف "الطعن بمصداقية جميع الشهود"، موضحاً أن "أذرع النظام"، يحاولون "نفي حوادث الاغتصاب في المعتقلات وتبرئة الضابط السابق، أنور رسلان، بإثبات أن المعتقل لا يستطيع رؤية المحقق بسبب الطماشة على عيونه"، وأكد أن "بعض المشككين بالشهود هم من المحسوبين على الثورة السورية، إضافة لأشخاص يعملون ويقودون منظمات حقوقية باسم السوريين".