فيديو "النجم اللامع" سليماني: أي فخ نصبته "الجزيرة"... لنفسها؟!

المدن - ميديا
الأربعاء   2020/05/13
احتفت وسائل إعلام إيرانية بالفيديو الذي أنتجته شبكة "الجزيرة" عبر منصتها "بودكاست"، ومجّدت فيه بشكل غير مقبول، الجنرال الإيراني قاسم سليماني، المسؤول عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في عدد من دول المنطقة، طوال فترة نشاطه في الحرس الثوري الإيراني، حتى مقتله بغارة أميركية قرب مطار بغداد، في كانون الثاني/يناير الماضي.


ونشرت وكالة "مهر" الإيرانية، فيديو "الجزيرة" الذي وصفته فيه بخادم الإسلام والشهيد في سبيله. كما عبّرت عن استيائها من الانتقادات التي وجهها آلاف المعلقين العرب في مواقع التواصل من "سقطة الجزيرة المهنية"، فيما ضمنت تقريرها بالعديد من الاقتباسات من الفيديو الذي حذفته "الجزيرة" من "تويتر" و"فايسبوك" وأبقت عليه ضمن قناتها في "يوتيوب".

وجاء في الفيديو: "أنا قاسم سليماني، الجندي الذي كرس حياته لخدمة الإسلام والثورة الإسلامية وعزتها وكرامتها.. الاسم الذي يهابه الشيطان الأكبر والعدو الصهيوني" و"لمع نجمه في الحرب الإيرانية العراقية، ثم انطلق بعدها مهندساً لمعظم معارك إيران الخارجية تاركاً بصماته في أكثر بقاع المنطقة التهاباً: سوريا، اليمن، العراق وغيرها، وكاد اغتياله أن يشعل حرباً عالمية ثالثة".

وبشكل مماثل، احتفت وكالة أنباء "فارس" بفيديو "الجزيرة" وحاولت اللعب على وتر الأزمة الخليجية: "أشادت قناة الجزيرة بالقائد السابق لقوة القدس التابعة للحرس الثوري الفريق الشهید قاسم سليماني، ما أثار حنق قناة العربية"، حسب تعبيرها.

والحال أن الفيديو الذي أتى بصورة رسوم متحركة مرافقة للبودكاست، أثار غضباً واسعاً، وانتقد المغردون العرب وضع سليماني كشخصية عظيمة إلى جانب أسماء مثل مارغريت تاتشر ونابليون بونابرت وطه حسين، رغم كونه في الواقع مجرم حرب ساهم في عقد من الحروب الإيرانية بالوكالة في المنطقة. وأطلق مغردون هاشتاغات في "تويتر" من بينها #الجزيرة_تمجد_سليماني، و#قاسم_سليماني_مجرم.

وكان مدير مكتب "الجزيرة" في طهران عبد القادر الفايز من أبرز المعترضين على توقيت عرض الفيديو وقال في "تويتر": "كمتخصص أقول هنا أن فيديو رموز من الجزيرة بودكاست حول قاسم سليماني لم يكن موفقاً شكلاً ومضموناً وتوقيتاً وتناولاً، وإن محتوى فيديو الترويج والحلقة مستفز للكثيرين وهذا طبيعي. من جهة أخرى العمل لم يحصد حتى استحسان غالبية الجمهور الإيراني نفسه بشقيه الموالي والمنتقد".


وكان الغضب السوري من الحلقة شديداً في مواقع التواصل، بسبب دور سليماني في الحرب السورية ودعم نظام بشار الأسد في قمع الثورة السورية منذ العام 2011. وقال الناشط محمد صبرا في "فايسبوك" :"هو سقوط إنساني وأخلاقي قبل أن يكون سقوطاً إعلامياً ‏سليماني مجرم وتمجيده بهذه استهتار بدماء الشهداء السوريين". فيما كتب الصحافي السوري عبسي سميسم: "عللت الجزيرة هذا التمجيد بأنه رواية الطرف الآخر وتركت المجال للتساؤلات من خلال شخص آخر حول ما يقال عن هذه الشخصية. أولاً محصلة الحلقة كانت عبارة عن تمجيد لمجرم حرب بما يخالف الواقع. ثانياً من الغريب إعطاء منبر كالجزيرة لتظهير صورة مثالية لمجرم حرب مثل سليماني. ثالثاً ليس بالضرورة أن تتطابق سياسة الجزيرة مع ثوابت الثورة السورية ولكن عندما تصل لتمجيد قاتل مثل سليماني فهي سقطة إعلامية بكل المعايير".

من جهته، طالب الناطق باسم "الجيش الوطني" الرائد يوسف خالد حمود، قناة "الجزيرة" بتقديم اعتذارها للشعب السوري بعد بثها المقطع، وقال "من يعارض هولوكوست اليهود عليه أن يكون حراً وشريفاً يعارض الهولوكست السوري"، في إشارة إلى إيقاف شبكة "الجزيرة" صحافيين اثنين العام 2019، بعد إعدادهما مقطع فيديو يتحدث عن محرقة الهولوكوست ضمن منصة "AJ+" بغرض إنكارها، بالإضافة إلى اعتذار الشبكة عن ذلك حينها.

إلى ذلك علقت المذيعة السورية صبا مدور بالقول: "ذاكرتنا حية تقطر دماً وهي أصدق شاهد على مذابح بلادنا بيد هذا المجرم ونظام الملالي. نرجو الله المنتقم الجبار العدالة والقصاص من قاسم سليماني الهالك يوم الدين"، أما المذيع والمحلل الاقتصادي معمر عواد فقال: "لماذا تصر شبكة الجزيرة الإخبارية على تصفير رصيدها مما تبقى لها من احترام في ذاكرة المشاهد العربي"، حسب تعبيره، فيما أعلن الصحافي ماهر شرف الدين عن عدم ظهوره على شاشة "الجزيرة" بعد اليوم إذا لم تقدم اعتذاراً رسمياً.

وناقش الكاتب السوري حازم نهار، السياسة التحريرية لـ"الجزيرة" في منشور طويل، وقال مستغرباً من تناقضات الشبكة مؤخراً: "قبل أيام قليلة فقط، قدمت القناة برنامجاً ضمن سلسلة تحقيقات الجزيرة يتحدث عن ملاحقة ومحاكمة بعض مجرمي الحرب في سوريا، واليوم تقدم برنامجا يمجد أحدهم الذي ربما كان أكثرهم فتكاً! وهذا عجيب!".

كما علق الناشط السوري أحمد أبازيد على الفيديو: "الجزيرة بودكاست نشرت فيديو طوله عشرين دقيقة عن قاسم سليماني تحت سلسلة رموز، مرعب وبشع حجم التمجيد بشخص إرهابي وأحد أكبر مجرمي المنطقة، إهانة للسوريين والعراقيين واللبنانيين واليمنيين، وسقوط مريع في الترويج لجرائم الحرب وقتل الأطفال تحت شعارات وحجج المجرمين نفسها".


يذكر أنه تم تصنيف الحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي من قبل الولايات المتحدة، كما أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تنفيذ الغارة الجوية التي قتلت سليماني، مطلع العام الجاري، أنه كان يخطط لشن هجمات على أفراد أميركيين في العراق ولبنان وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.