الغرباء يستوطنون ريف حلب: الكعبي بديلاً للمحيسني

نور الهاشم
الأحد   2020/02/09
الشيخ الكعبي يعتلي المنبر الذي اعتلاه المحيسني في 2016 وسأل "أين هم النجباء؟"
لا يمثل وقوف الشيخ العراقي أكرم الكعبي على منبر جامع العيس في ريف حلب الجنوبي اليوم، الا مؤشراً على ان حروب الثأر الديني في سوريا، تتنقل بين المحافظات. فقد حطّت أخيراً في حلب لتظهر ان الصراع بين السنة والشيعة، يمثل سبباً اضافياً للاقتتال الى جانب الاسباب السياسية. 


فبعد ساعات على سيطرة القوات السورية النظامية وحلفائها من ميليشيات عراقية على تلة وبلدة العيس الاستراتيجيتين في ريف حلب الجنوبي، ظهر الأمين العام لحركة النجباء العراقية المنضوية في الحشد الشعبي أكرم الكعبي في مسجد العيس ظهر الاحد، ليلقي خطبة دينية سياسية، قال فيها أمام حشد من مقاتلي "حركة النجباء": "انا لمنتصرون". 

هذه الخطبة، تأتي رداً على تبوّء المتشدد السعودي عبد الله المحيسني المسجد نفسه في العام 2016، واعتلاء منبر مسجد العيس الكبير وسأل: "اين انتم يا زينبيون؟ أين انتم يا حيدريون؟ اين انتم يا نجباء؟ أين انتم يا حزب الشيطان؟". 

وذكر أنصار الميليشيات الشيعية اليوم بالحادثة، واعتبروا ظهور الكعبي على المنبر نفسه، رداً على الظهور القديم. في "تويتر" يستعيد هؤلاء المقطع القديم والصورة الجديدة. فمقاتلو "النجباء" العراقية، سيطروا على البلدة التي يعتبرون أن لهم فيها ثأراً قديماً بعد مقتل العشرات من الموالين لايران والمقاتلين في التشكيلات العسكرية الرديفة للنظام السوري، بينهم "حزب الله" الذي يفقد حتى الان عشرات الجثث، وكان تعرض اثنان من مقاتليه للأسر على يد "جبهة النصرة" في ذلك الوقت، استرجعهم في العام 2017 ضمن صفقة التبادل مع المغادرين من جرود عرسال. 

واللافت في التداولين، فيديو المحيسني وصورة الكعبي، أن السوريين لا ناقة لهم ولا جمل بالصراع الدائر في المنطقة. هو صراع مذهبي بين السنة والشيعة، اتخذ شكل الصراع العسكري، وتحولت التغيرات الميدانية في الجغرافيا العسكرية في المنطقة، الى مادة لتبادل الرسائل السياسية، تلك المرتبطة بالنصر والهزيمة، وصعود مشروع، وانحسار آخر، وهو ما يُستدل عليه برفع صور قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني على مسجد العيس. 



واللافت أيضاً، ان الطرفين المتنازعين على البقعة الجغرافية، هما من الغرباء. فالمحيسني سعودي، والكعبي عراقي. كل منهما يمثل محوراً ومشروعاً، الاول يمثل المحور السني، والثاني الشيعي. ويعتبر السوريون من أنصار النظام ان الاول قوة احتلال، فيما يعتبر المعارضون ان الثاني قوة احتلال. تبادل للاتهامات والتصنيفات، لا تنفي المعضلة الاساسية التي تعيشها سوريا، وهي تحولها الى ساحة صراع بين الغرباء والمشاريع، فيما يقدر عدد النازحين جراء هذا الاقتتال بمئات الآلاف. 

تبادل السيطرة القائم على مفهوم النصر والهزيمة، يستدل عليه اليوم المغردون المناصرون للنظام السوري وحلفائه. يقول احدهم: منذ 3 سنوات وقف هذا الإرهابي السعودي المدعو عبدالله المحيسني في مسجد العيس وخطب: أين الزينبيون… أين النجباء.. أين حزب الشيطان.. ومضت الأيام… و جاء أبناء زينب ورجال الله النجباء وحطموا المحيسني وجبهته الإرهابية ورفعت الراية الصفراء في العيس". 

وقالت أخرى: " الشيخ أكرم الكعبي مخاطبا الزينبيون والزهرائيون وأبناء أمة حزب الله من مكان خطبة المحيسني في العيس. إننا لمنتصرون". 
وتتمتع العيس برمزية في ذاكرة الفريق الموالي للنظام السوري، كون التلة الاستراتيجية المشرفة على اوتوستراد حماه – حلب الدولي، استعاد "حزب الله" وحلفاؤه السيطرة عليها قبل أن يفقدها مرة أخرى لثلاث سنوات، وبقيت جثث المقاتلين فيها. يقول مغرد: "لنا في العيس ما في الترب من روحٍ تعانقنا.. تضم غيابنا المخفي في جسد بلا قبر". ويتلو فيها أبياتاً من الشعر.