ما حقيقة ظهور طرزان في غابات سوريا؟

المدن - ميديا
الإثنين   2020/11/02
منذ الأسبوع الماضي، تتناقل وسائل إعلام وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لشخص شبه عار يحمل أسلحة بدائية، مع تعليقات بظهور شخصية "طرزان"، كآخر ما يحمله العام 2020 من مفاجآت.

وكررت صفحات سورية الحديث عن ظهور طرزان في غابات دريكيش السورية، ثم قيل أنها في جبال الساحل السوري التي تعرضت لحرائق واسعة خلال الشهرين الأخيرين، قبل القول أنها في أحراش الحسكة شمال شرقي البلاد قرب الحدود العراقية.


ثم انتقلت الصور نفسها إلى الأردن في عطلة نهاية الأسبوع، مع القول أنه ظهر في أحراش منطقة عجلون الأردنية.


وأوضحت منصة "مسبار" للتحقق من الأخبار الكاذبة أن الصور التقطت بالفعل لكن سياقها مضلل. وتعود في الواقع إلى منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لجلسة تصوير فنية قام بها مصور كردي يُدعى محمد عبد الله من منطقة بردرش في محافظة نينوى العراقية.

رای ئێوە لەسەر ئەم کارە فۆتۆگرافییە نوێ و جیاوازەی فۆتۆگرافەری کورد موحەمەد عەبدوڵڵا چییە؟ لەبارەی ژیانی خۆیەوە دەڵێت:...

Posted by Focus photo on Wednesday, October 14, 2020


ورغم أن الأمر يبدو أشبه بنكتة، إلا أن آلية انتقال الأخبار الكاذبة في المنطقة العربية تبدو مثيرة للاهتمام، وتعبر في هذه الحالة عن نوع من التطرف الذي قد يذهب إليه السكان المحليون، من ناحية اختلاق السياق المضلل أولاً وتصديقه ثانياً، تعبيراً عن اليأس من الواقع المؤسف الذي تتضافر فيه عوامل اقتصادية وسياسية قاهرة، تجعل هذا النوع من الأكاذيب، قابلة للتصديق لأن الحياة اليومية باتت مليئة بحوادث مشابهة.


وفي سوريا تحديداً تنتشر يومياً قصص لم تكن لتخطر في بال أحد قبل عشر سنوات، وفيما يتفوق الخوف الذي ينشره النظام على خيال كتاب الرعب أنفسهم، فإنه من الممكن تصديق وجود الكمية الكافية من العدمية التي قد تدفع الأفراد للانعزال عن المجتمع على طريقة طرزان، لأن المجتمع نفسه بات مساحة مفتوحة للجرائم والعنف المجاني، كان آخرها الصور الآتية من العاصمة دمشق لأقفاص حديدية ركبها النظام السوري على طوابير الخبز، قبل إزالتها، مروراً بالصور الآتية من حلب لاعتداءات على نفس الطوابير أدت لجرح شخص طاعن في السن وإصابته بشكل بليغ.


وبالطبع فإن الحالة السوريالية في البلاد تكتمل بوجود تناقضات موازية، فعلى سبيل المثال، تم الاحتفاء خلال الأسبوع الماضي بوصول أول شحنة من هواتف "أي فون 12" إلى سوريا، برعاية من أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، رغم العقوبات الأميركية الصارمة على النظام عموماً. ومن المثير أن الغالبية الساحقة من السوريين لا تستطيع تحمل تكلفة الهاتف الذي لا تعمل معظم خصائصه في سوريا أصلاً، علماً أن الأمم المتحدة تقدر أن عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر يتجاوز 80%.

ووسط ذلك كله، يصبح بالإمكان استيعاب السبب الذي يجعل من هذه الأخبار الكاذبة قابلة للتصديق ضمن البيئات المحلية، مهما بدت تلك الأخبار سخيفة ومضحكة للمراقب الخارجي.