عائلة لجين الهذلول تقود حملة عالمية لإطلاق سراحها

المدن - ميديا
الإثنين   2019/07/15
كشفت صحيفة "غارديان" البريطانية أن عائلة الناشطة السعودية لجين الهذلول، التي دعت لرفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية للسيارة، تعمل من أجل الإفراج عنها من السجن، عبر حملة توعية في الولايات المتحدة قد تساعد على الإفراج عنها.


وقالت الصحيفة أنه عندما علمت لينا الهذلول، الشقيقة الصغرى للناشطة لجين والتي تعيش في العاصمة البلجيكية بروكسل، عن اعتقال الشرطة السعودية لها في منتصف الليل، اعتقدت أنها مزحة. وقالت لينا: "جاءوا مع عدد كبير من الأشخاص والسيارات التي انتظرت في الخارج. لقد كان الأمر مذهلاً لدرجة أننا ظننا أنه خيال".

وحدث ذلك في 15 أيار/مايو 2018، وحينها كان المشهد مختلفاً تماماً في السعودية عما هو عليه اليوم، حيث كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحضر لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، ولم تكن جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي قد حصلت بعد. علماً انه تم اعتقال عدد من النساء، وكلهن ناشطات دافعن عن حق المرأة بقيادة السيارة، من دون توجيه اتهامات محددة لهن، إلا أن الصحافة الرسمية وصفت المعتقلات بالخيانة، والاتصال "بكيانات أجنبية بهدف إضعاف استقرار البلد ونسيجه الاجتماعي".

وبعد مضي أكثر من عام على اعتقال لجين، تحاول عائلتها الإفراج عنها، عبر حملات إعلامية في الخارج لزيادة الضغط على الحكومة السعودية، والتوعية بحالة لجين والمعتقلات الأخريات. ويعتقد أفراد العائلة، الذين يعيشون في الخارج، أن القيام بحملات توعية في الولايات المتحدة، التي تعد أقوى حليف للسعودية، هي الطريقة الوحيدة لدفع السلطات السعودية للإفراج عن لجين.

ويعتبر هذا تغيراً في التكتيك، حيث التزمت العائلة الصمت خلال 6 أشهر بعد اعتقال لجين، أملاً في أن يؤدي تعاونهم مع السلطات إلى الإفراج عنها، علماً أنه تم فرض حظر على العائلة من السفر، ومازال الحظر سارياً حتى اليوم. لكن حالة اليأس وصلت ذروتها عندما علمت العائلة أن لجين تعرضت للتعذيب في السجن، وعندما زارها والداها في كانون الأول/ديسمبر الماضي الماضي في السجن كشفت لهما عن بقع سوداء على فخذيها بسبب الصعقات الكهربائية التي تعرضت لها، ولهذا شعرت العائلة أن الصمت لم يعد خياراً، كما يقول وليد الشقيق الأكبر للجين، الذي يعيش في تورنتو، والذي أضاف: "نحن في وضع ليس لدينا ما نخسره، وحاولنا الصمت وحاولنا كل شيء".

ومن المؤسف أنه من غير المرجح أن تحصل عائلة الهذلول على دعم من البيت الأبيض ورئيسه دونالد ترامب، فإدارة ترامب عبرت عن تردد لمواجهة الأمير محمد بن سلمان في ملف انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك قتل خاشقجي، وبدلاً من ذلك، فإن ترامب عبر عن علاقة ودية تجاه السعودية، وكال ترامب المديح لولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووصفه بـ"صديقي" في قمة العشرين التي عقدت في مدينة أوساكا اليابانية الشهر الماضي.

ورغم ما تعرفه العائلة من المعوقات والقوى السياسية المؤثرة في الولايات المتحدة، إلا أنها واصلت حملتها التي شملت على كتابة مقالات رأي، والمقابلات الصحافية، والحديث في المناسبات العامة من أجل الحفاظ على إبقاء لجين في الوعي العام، وشاركت في هذه الحملة شخصيات سعودية بارزة، مثل الناشطة منال الشريف، التي تعيش في أستراليا، والتي قامت برحلة بالسيارة في نيسان/أبريل الماضي حول الولايات المتحدة، للحديث عن الهذلول والناشطات السجينات معها.

ونقلت "غارديان" عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط في منظمة "هيومان رايتس ووتش" آدم كوغل، قوله أن الضغط من البيت الأبيض ربما كان الوسيلة الوحيدة لدفع السعودية لإطلاق سراح الناشطات، لكنه استبعد قيام ترامب بهذا الأمر، وأضاف: "طالما اعتقد السعوديون أن الإدارة في جيبهم فلا أعتقد أن السعوديين لديهم الحافز لتغيير سلوكهم".

والحال أن اعتقال لجين الهذلول ليس المسألة الوحيدة التي تناقض الصورة الليبرالية الحداثية التي كان الأمير محمد بن سلمان يحاول تقديمها إلى الغرب، بل أن الجهود السعودية الجديدة لجلب المعارضين السعوديين في الخارج تمثل انتهاكاً آخر يضاف لحصيلة الرياض في مجال حقوق الإنسان، حسبما أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وبحسب الصحيفة، فإن الغاية من إغراء المواطنين السعوديين في الخارج للعودة هي الخشية من تعطيلهم لخطاب الإصلاح الذي يدعو إليه الأمير محمد بن سلمان، علماً أن المبادرة الجديدة تأتي بعد تسعة أشهر على مقتل جمال خاشقجي، وهو الصحافي الذي خرج إلى منفى إجباري في الولايات المتحدة، وكان ناقداً لولي العهد، وأدى مقتله على يد فرقة قتل سعودية إلى تشويه سمعة المملكة بدرجة كبيرة جداً.

وفي محاولة جديدة لمنع السعوديين الذين يعيشون في الخارج من مواصلة التعبير عن قلقهم ونقدهم لقيادة ولي العهد، فإن المسؤولين الآن يحاولون إقناع النقاد والمعارضين بالعودة إلى وطنهم من خلال إعطائهم تأكيدات على أمنهم وسلامتهم في حال عودتهم. وقال سعودي يقيم في المنفى، وصله عرض بالعودة: "عادة ما يتصل بك شخص قريب من القيادة أو وسيط آخر ويقول لك: لدي رسالة شخصية من ولي العهد، ويعدك بألا يحصل لك ضرر أو سجن لو قررت قبول عرضه".

والحال أن محاولات جلب المعارضين في الخارج مازالت قائمة حتى بعد جريمة قتل خاشقجي، الذي كان يقيم في الولايات المتحدة، وأدى مقتله العام الماضي في قنصلية بلاده في إسطنبول، إلى أسوأ أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة منذ هجمات أيلول/سبتمبر 2011. علماً أن قضية لجين الهذلول نفسها، بدأت بتسليمها للسلطات السعودية من طرف الإمارات، الحليفة الوثيقة للرياض، العام الماضي.

وكشفت "فايننشال تايمز" عن أن انزعاج القيادة العليا من السعوديين المنفيين أدى بالديوان الملكي إلى طلب إعداد دراسة حول هذا الموضوع، وذلك بحسب مصدرين مطلعين، علماً أنه لن يتم نشر الدراسة الرسمية التي مازالت تحت المراجعة، إلا أنها تقدر عدد طالبي اللجوء السعوديين بـ50 ألف شخص، وذلك بحلول العام 2030.

وبحسب التقرير، فإن الدراسة أوصت الحكومة بتبني نهج لين مع المعارضين، وتقديم محفزات لهم للعودة، بدلاً من الضغط عليهم، أو زيادة مقاومتهم للعودة. في الوقت الذي لم تعلق فيه الحكومة على الموضوع، إلا أن إحصائيات نشرتها مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة أظهرت أن هناك ما لا يقل عن 815 سعودياً تقدموا بطلبات لجوء العام 2017، مقارنة مع 195 طلباً العام 2012، فيما تعتبر الولايات المتحدة وكندا وألمانيا الوجهات المفضلة لطالبي اللجوء السعوديين.

ومن بين هؤلاء، طلاب أرسلتهم الحكومة للدراسة في الخارج لكنهم قرروا عدم العودة، بالإضافة ونساء هربن من نظام الوصاية الذي يمنح الرجل السلطة على حياتهن، علماً أنه لا توجد منظمة أو مظلة تجمع المنفيين السعوديين معاً، إلا أن تعاونهم واتصالهم يمثل تحدياً جديداً للحكومة السعودية، التي تحاول البحث عن طرق لجذب المستثمرين الخارجيين/ بغرض دعم خطط ولي العهد الاقتصادية "رؤية 2030".

وقال ناشط سعودي يقيم في أوروبا: "ما يثير القلق الكبير هو أن هذه المجموعة تقوم بعمليات لوبي في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكونغرس في الولايات المتحدة. لقد قاموا بدور مركزي في ردة الفعل السلبية ضد السعودية في الأشهر الأخيرة، لأنهم كانوا يعملون بطريقة غير مسبوقة، ولو ظلوا صامتين لنسي المجتمع الدولي وتحرك للأمام".

إلى ذلك، قالت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إيمان الحسين، أن طريقة التغيير الاقتصادي والاجتماعي من أعلى إلى أسفل أسهمت في خلق حالة استقطاب داخل السعودية، ودفعت بعض الناس للخروج، حتى إن لم تكن دوافعهم سياسية محضة. مضيفة أن "مناخ الخوف وعدم الوضوح الناتج عن التغيرات الجذرية التي تم تطبيقها حتى هذا الوقت، قد تستفيد الدولة منه لو كانت هناك مساحة للنقاش الذي يؤدي إلى تعددية في الآراء"، وأضافت: "لو تم تعزيز موقف وسطي فإنه كان يمكن من خلاله احتواء الأمور في داخل البلد".