شهرزاد الإيرانية لخامنئي: انتهت اللعبة!

المدن - ميديا
السبت   2019/05/18
تُواجه الإيرانية شهرزاد ميرقليخان (41 عاماً) تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة من قبل "وحدة استخبارات تابعة للحرس الثوري الإيراني"، وتثير جدلاً واسعاً بين الإيرانيين بعد نشرها مؤخراً وثائق عديدة ومقاطع مصوّرة في حسابها في "تويتر"، أنذرت فيها المرشد الأعلى علي خامنئي، بأنها ستكشف عن أوراق الفساد في دائرته الضيّقة جداً.


شهرزاد كانت قد لاقت تعاطفاً وتضامناً واسعاً من الإيرانيين، عندما سُجنت في الولايات المتحدة العام 2007، بتهمة التجسس لصالح إيران، حيث وصفها كثيرون في حينه بـ"البطلة الوطنية"، وتعيينها بعد إطلاق سراحها مديرة للعلاقات العامة في تلفزيون "برس تي في" الحكومي. وبعد ذلك بعام، عيّنها محمد سرافراز، المدير السابق لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمي الإيراني، في منصب "المفتش الخاص" في المؤسسة. وبحكم وظيفتها، اطلعت شهرزاد على جميع المسائل والقضايا التي كان يتدخل فيها الحرس الثوري وابن خامنئي، مجتبى. وكان يتعين عليها رفع التقارير إلى سرافراز الذي بدوره كان يرفعها لخامنئي مباشرة.

لكنها اليوم تحوّلت إلى "عميلة" و"خائنة" وتعمل ضد مصلحة الأمن القومي الإيراني، وذلك خاطبت خامنئي في رسالة قالت فيها: "عزيزي آية الله.. انتهت اللعبة، حان الوقت لكي يعلم العالم أن ابنك مجتبى خامنئي وأعوانه مصدر الفساد والشر في إيران، سأكشف عن جميع الأوراق التي بحوزتي، عن لا إنسانيتهم ولا عدالتهم وفسادهم، ولا يهمني شيء سوى إيران وشعبها".


ومن بين التهديدات التي نشرتها شهرزاد، هي "فضح مجتبى خامنئي وأعماله غير القانونية، كتجارة الأسلحة وغيرها من المعدات الذي تدر له أرباحاً هائلة، والتي يودع معظمها في مصارف المملكة المتحدة". كما تحدثت في مقاطع الفيديو التي نشرتها عن "كيفية استغلال زوجها السابق الذي يعمل مع الحرس الثوري"، لاسمها ومكتبها، وكيف أنه صدّر ثلاثة آلاف خوذة مزودة بمناظير ليلية، تستخدم لأغراض عسكرية، إلى الحرس الثوري من الولايات المتحدة عبر النمسا.


وفيما يتساءل الإيرانيون عن سرّ تحذيراتها "الجريئة" أو "المزيفة" التي قد تدين أعلى الجهات في البلاد، أوضحت شهرزاد، في تصريحات لشبكة "بي بي سي" أن المشكلة بدأت بعد إعدادها فيلماً وثائقياً العام 2015 عن تجربتها في السجن في الولايات المتحدة، وعن تورط زوجها السابق محمود سيف في تهريب خوذ مزودة بمنظارات ليلية، تُستخدم لأغراض عسكرية إلى الحرس الثوري وبعلم ابن خامنئي، مشيرة إلى أنّ وحدة استخبارات تابعة للحرس الثوري كانت قد طلبت منها عدم نشر كتابها الذي تضمن جميع مذكراتها، والتي تتحدث فيه عن المعاملة السيئة التي لقيتها في السجن من جهة ومن زوجها السابق محمود سيف من جهة أخرى.

ولم تمضِ فترة طويلة، حتى اتهمت بالتجسس لصالح الولايات المتحدة من قبل الحرس الثوري وطُلب منها مغادرة البلاد إلى سلطنة عمان على حد قولها، إلا أن الحرس الثوري ينفي ذلك. وبعد سفرها إلى العاصمة العمانية مسقط، سافر سرافراز إليها ومعه الوثائق (المذكرات) التي تركتها خلفها في إيران، كما شوهد في مقطع الفيديو الذي نشرته شهرزاد قبل أيام في "تويتر".

وبحسب "بي بي سي" فإن الحرس الثوري ومجتبى خامنئي وقياديين آخرين لا يولون أهمية لما تقوله في صفحتها في "تويتر"، بل يطالبون سرافراز الذي أكد على كلامها ودافع عنها علناً بتقديم دلائل وإثباتات تؤكد كلامه، في حين أنه ليس واضحاً سرّ مخاطرة محمد سرافراز ودفاعه العلني عن شهرزاد التي تهدد أعلى الجهات، والتي تقول: ""لا يريدونني الكشف عن جرائم زوجي السابق، المقرب من مجتبى والحرس الثوري، ودائرة الأشرار المحيطة بهم".

وفي ردها عن سبب نفيها إلى عمان تحديداً، بدلاً من محاولة اعتقالها أو إنهائها كلياً على سبيل المثال، تقول: "كانت لدي تأشيرة عمل في سلطنة عمان والتي كانت ستنتهي خلال عام، كما أنهم كانوا على علم بحساباتي ورصيدي في البنك، ربما فكروا بانني سأضطر إلى مغادرة عمان إلى تركيا، ومن هناك تسهل عملية التخطيط لقتلي بعيدا عن إيران، لإبعاد الشكوك عن أنفسهم"، مضيفة بانّ "سلطنة عمان لم تتدخل أو تتوسط في قضيتيا، وأنهم لا يتحدثون معها حول أي شؤون سياسية، ولكن أصدقائها في الأسرة الحاكمة نصحوها بالابتعاد عن شؤون سياسية والاستمتاع بحياتيا مع ابنتيها التوأم".

إلى ذلك، تشير "بي بي سي" إلى أن سرافراز ينتقد الحرس الثوري ويدافع عن شهرزاد في مقابلاته التلفزيونية من داخل إيران دون خوف، حيث كان آخر لقاء له على قناة "جام جام" الحكومية، انتقد فيه بشدة الحرس الثوري معتبراً أنه "يتصرف بطريقة غير منطقية ومثيرة للسخرية". وفيما تُرجّح شهرزاد عدم خشية سرافراز  هو بسبب علاقته القوية مع المرشد الأعلى، الذي باستطاعته تغيير مجرى الأحداث بكلمة واحدة منه، يرى محللون أن تصريحات سرافراز ودفاعه العلني عن امرأة تهدد الحرس الثوري وشخصيات قيادية بارزة بكشف المستور، دليل على "وجود فجوة عميقة وانقسام بين أجهزة الدولة العليا".

وكان الصحافي رضا غولبور "أحد ضحايا الحقيقة" في قضيتها، إذ تقول لـ"بي بي سي" إن حسين طائب، القيادي المعروف في الحرس الثوري، طلب من غولبور، كتابة مقال مسيء لسمعتها، لكن الأخير رفض ذلك واشترط مقابلتها ومحاورتها وجهاً لوجه. وكانت النتيجة أن كتب مقالاً إيجابياً عنها وانتقد فيه محمود سيف، زوجها السابق المقرب من خامنئي والحرس الثوري، الأمر الذي أغضب الاستخبارات الإيرانية. وبعد فترة وجيزة من نشر اللقاء، أعتقل غولبور بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل"، وحُكم عليه بالإعدام، وبعد الاستئناف، خُفّض الحكم إلى السجن مدة 25 عاماً. وبالرغم من ذلك، لم يغير غولبور موقفه، ولا يزال يناشد كبار المسؤولين في البلاد "للإنصات إلى الحقيقة".