دليلك اللبناني لنشر الصور العارية بأمان

يارا نحلة
الجمعة   2019/02/22
الحملة التي تحمل شعار "مش عيب"، تعرّضت للكثير من الإنتقادات
كثيرة هي المخاطر التي تتعرض لها النساء والمجموعات المستضعفة في السوشال ميديا والتي تعكس، بشكلٍ مضخّم، الصراعات المجتمعية المعاشة من قبل هذه الفئات.
 
فإلى جانب التنمّر والتحرّش، يشكّل الإبتزاز الجنسي أحد مظاهر العنف الإلكتروني وهو واحد من أبرز الهواجس التي تقلق النساء وأفراد مجتمع "الميم". ورغم أن الإبتزاز الجنسي سابق على وجود الإنترنت، فإن منصات التواصل ساهمت في إنتشار هذه الظواهر وإزديادها بشكلٍ مضطرد، وإزدحامها لعدم إلمام الكثيرين بسبل حماية محتواهم الإعلامي.

غير أن الحلّ ليس بالإمتناع عن مشاركة المحتوى الميديوي الخاصّ، والذي قد يكون من طابع جنسي، كما في حال الـsexting(المراسلة الجنسية) وإرسال الـnudes (الصور العارية)، وإنما بحماية خصوصية هذه البيانات. 

هذا ما تطرحه جمعية Smex (تبادل الإعلام الاجتماعي)، في منشور كوميكس بعنوان "ألف باء الـnudes" نشرته بالتزامن مع عيد الحب، وهو عبارة عن دليل حول المراسلة الجنسية الآمنة، من إعداد وكتابة عزة المصري، والكوميكس من تصميم رواند عيسى.

ينطلق الدليل من مبدأ الخيار الحرّ الذي يتلازم مع حرية التعبير. فللفرد الحق في إنتقاء ما يريد مشاركته من بياناته الشخصية، ومع مَن. وتشير عزة المصري إلى أن "العمل يرتكز على مبادئ الإنترنت النسوية، ويتجسّد إحداها في السرية والحقّ بعدم الإفصاح عن هويتنا على السوشال ميديا".

ففي مجتمع يحاكم كل من لا يتطابق مع معاييره، لا سيّما من الناحية الهوياتية الجنسانية، يصبح من الضروري تأمين فضاء آمن للتعبير، من دون أن يرتدّ هذا التعبير على صاحبه عنفاً ونبذاً إجتماعيين، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بتحدّي تابوهات الجنسانية والمناداة بالحرية الجنسية للمرأة وأفراد مجتمع "الميم" الذين يعتبرون الأكثر عرضة للتمييز. فعواقب ما يعتبره المجتمع "فضيحة" من هذا النوع لا تأتي عادةً سليمة، ولها أثر مدمّر على حياة الضحية وقد ينتهي الأمر بالإنتحار، وتشير المصري إلى حالة إنتحار شابّ مثلي بسبب إنتشار بيانات شخصية له.

وبهدف حماية هويتنا، ينصح الدليل بعدم إظهار الوجه، الوشوم، أو أثاث المنزل في الصور العارية التي تتمّ مشاركتها عبر الانترنت، كي لا يتمّ إستخدامها ضدّ المرسل. فكثيراً ما تبعث صور وفيديوهات خاصة لأشخاص تثق فيهم المرأة، إلا أنها تصبح مراراً في معرض التداول العام. 

وتلفت المصري إلى نتائج بحث أعدّته الجمعية تحت عنوان "تهديد خصوصية النساء ومجتمع الميم في الإنترنت" بيّنت أن "معظم الذين يتعرّضون إلى الإبتزاز الجنسي نتيجة الـsexting هم من النساء، وفي معظم الأوقات يكون الإبتزاز صادراً عن رجلٍ وثقن فيه، وفي الحالات التي يطاول فيها هذا الإبتزاز الرجال، يكون مصدره رجل آخر أيضاً".

كذلك، يسجّل الأمن العام "حالة إبتزاز جنسي كل يوم". هذا عدا عن الحالات غير المسجلة، وهي الغالبية، نظراً إلى حساسية الموضوع وصعوبة التبليغ عنه لما له من تداعيات وخيمة على الضحية، ما يعني أن الرقم الحقيقي لهذه الوقائع يتجاوز الحالة الواحدة/اليوم بأضعاف.

ومن الأسباب التي تمنع المرأة عن التبليغ هي المعاملة التي تتلقاها، من قبل الأجهزة الأمنية والمجتمع على حدّ سواء، والتي تقوم على سياسة لوم الضحية عوضاً عن معاقبة الجاني. 

من جهةٍ أخرى، يشير بحث سميكس إلى "ممارسة هياكل السلطة الأبوية في العالم العربي لإقصاء جندري يدفع النسويات التقدميات خارجاً بواسطة التنمّر، ما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الرقابة الذاتية، لكن لدينا ما يكفي من الرقابة الخارجية ولسنا بحاجة للمزيد"، كما تقول المصري. أما في موضوع الصور العارية بالتحديد، فهي وسيلة لاسترجاع النساء السيطرة على جنسانيتهن وحبّهن لجسدهن بعيداً من المعايير الذكورية، كما يفسّر الدليل. 

من الناحية التقنية، ينصح الدليل بإستخدام تطبيق Obscuracam الذي يسمح بإخفاء الوجه أثناء إلتقاط الصور، وبعدم إرسال الصور العارية عبر حسابات السوشال ميديا التي تستعملها المرأة كلّ يوم، خصوصاً أنها تحتوي كثيراً من معلوماتها الشخصية. أيضاً، يحذّر الدليل من الـautomatic syncing على الـdrive وicloud والذي يسمح بتخزين الصور تلقائياً. أخيراً، يوصي الدليل بإستخدام تطبيقات مثل Signal وDust للمراسلة الجنسية، فالأوّل يحمي البيانات عبر تشفيرها، والثاني لا يسمح بإلتقاط screenshots. 

لا شكّ بأن الحملة التي تحمل شعار "مش عيب" قد تعرّضت للكثير من الإنتقادات، من قبل الرجال بالدرجة الأولى، وفق المصري، تحت ذريعة أن ما تروّج له "عيب". أما الأصداء التي تلقتها من النساء ومجتمع الميم فكانت جميعها إيجابية، وتعاد هذه المفارقة إلى حقيقةٍ مفادها أن النساء والمثليين هم عادةً ضحايا معايير مجتمعنا المزدوجة التي توصم جنسانية المرأة بالعار، وتبيح للرجل إستغلالها وإنتهاك خصوصيتها، ومن هنا ضرورة حماية المرأة وبياناتها الرقمية من قسوة المجتمع الذكوري الذي لا يفوت فرصةً لفرض تمييزه.