اعتذار "حزب الله".. تصفيق سياسي وامتعاض شعبي

رين قزي
السبت   2019/02/16
ما قاله الموسوي هو خلاصة أدبيات "حزب الله"
لا يحسب "حزب الله" حساباً للرأي الشعبي الذي عبّر عنه جمهور حلفائه امتعاضاً ورفضاً لاعتذار رئيس كتلة "حزب الله" النيابية، النائب محمد رعد، عما صدر عن زميله النائب نواف الموسوي قبل أيام. فما يهمه، هو رأس الهرم من حلفائه الذين صفقوا له بحرارة، وخصومه الذين أيدوه في الخارج، مطالبين بالمزيد. 
فالحزب، الذي بدأ مسار التموضع في الداخل، ونقل الملفات الاشكالية والصراعات الى خارج البقعة الجغرافية اللبنانية لتكريس حضوره السياسي في المشهد السياسي اللبناني، أدخل الى ممارسته ثقافتين، خلافاً لكل تجارب الماضي. تتمثل الأولى في التبرؤ والنأي بالنفس من جمهور "يوجع الرأس"، كما هو حال المنشد علي بركات وبعض مؤيديه والناشطين الالكترونيين والاعلاميين في الصفوفه. والثاني يتمثل في "الاعتذار"، وهي الحادثة الأولى له على المستوى الرسمي في مجلس النواب، حيث أطاحت ماء وجه رأس الحرب الدعائية، النائب الموسوي، وهو الأكثر إثارة للجدل منذ ما قبل الانتخابات النيابية الاخيرة. 

ما قاله الموسوي في الواقع، هو خلاصة أدبيات حزب الله السياسية المعتادة، لجهة إدانة تجربة الرئيس بشير الجميل الأولى، أو الذهاب الى ثقافة الاستقواء على الآخرين بقوة السلاح، فاستفز حلفاء آخرين للحزب، وتحديداً وزير الخارجية جبران باسيل، ما دفع الحزب للاعتذار. 

ورغم الامتعاض الذي عبّر عنه مناصرو الموسوي في مواقع التواصل، وجمهور حلفائه الرافضين للاعتذار، فإن الحزب اكتفى بالتصفيق الذي ضجت به قاعة مجلس النواب عقب إعلان رعد الاعتذار. بذلك، احتوى جدلاً يسعى الحزب إلى تطويقه منذ اعلان وثيقته السياسية قبل عشر سنوات، والتي أهّلته للدخول في 2019 الى "الدولة"، وانتزع في مقابله ما يريده من البيانات الوزارية المتعاقبة، وعزز حضوره في المشهد السياسي الداخلي مدعوماً من الحلفاء، ومن الخصوم، وممن تجمعه معهم حسابات سياسية أفضت أخيراً الى منح الثقة للحكومة التي يشارك الحزب فيها بثلاثة وزراء، أبرزهم وزير الصحة. 

لكن التصفيق السياسي، من قبل الحلفاء والخصوم، لا يستوي مع ما كتبه جمهورهما في مواقع التواصل. ورغم أن النائب السابق فارس سعيد قال: "إعتذار حزب الله بعد شتيمة الرئيس بشير الجميّل، عملٌ شجاع، ويبقى أن هذا الإعتذار لن يجعلنا صامتين حول سلاحه وانتهاكه للدولة وتنصيب نفسه فوق الآخرين وأنه صانع الرؤساء و القوانين والحكومات"، إلا أنه استتبعها بتغريدة ثانية قال فيها: "ترك اعتذار حزب الله أثراً جيّداً عند الناس وهم يطالبون حزب الله بالمزيد، وهو الاعتذار من الرئيس عون والقول أن المسيحيين أوصلوه، والاعتذار من الجيش و تسليمه السلاح". 

على ان الناشطين المعارضين له، كانوا أكثر حدة. فكتبت القيادية السورية المعارضة، عليا منصور: "اعتذار حزب الله ليس إلا ممارسة لفن التقية.. معقول في ناس لسا ما بتعرف مين يعني حزب الله، وكيف يفكر؟؟" 

أما الزميلة ديانا مقلد، فقالت: "اعتذار محمد رعد هو استيعاب للاحراج الذي سببته عنجهية الموسوي لحلفاء حزب الله المسيحيين. المضحك هم الجحافل التي أثنت بالأمس على كلام الموسوي وتبارت اليوم على الإشادة باعتذار رعد. أبشع ما في الأحزاب والأنظمة الإيديولوجية والاستبدادية أنها تنشر ثقافة التبعية العمياء، وتهمّش العقل النقدي". 

بدورها، كتبت الإعلامية ريما عساف: "اعتذار حزب الله عن الإساءة لبشير الجميل، لم يكن ليحصل الا لإرضاء جمهور التيار الوطني الحر... وبشير يعني الكثير بالنسبة لشريحة مهمة من مناصري التيار..".