المُسعفة #رزان_النجار: مِن هُنا بدأ المشوار...

أدهم مناصرة
الإثنين   2018/06/04
الغاضبون لها قد تجاوزوا حدود الجغرافيا وسياق السياسة
حَمَلت شهداء "العودة" على حدود غزة لشهرين كاملين، فحُملت شهيدة.. هذا هو مُلخّص موجز لحكاية الشهيدة المُسعفة المُتطوعة رزان النجار التي لاقت حادثة ارتقائها برصاص قناصة الإحتلال، عصر الجمعة، تفاعلاً وغضباً كبيرين على مواقع التواصل الإجتماعي (فايسبوك وتويتر)، ليكون هاشتاغ #رزان_النجار الأكثر تداولاً في "تويتر" خلال الساعات الماضية، إذ تذيل ما يزيد عن مئة ألف تغريدة، ليتلوه هاشتاغ آخر هو #الشهيدة_الممرضة.

رزان البالغة من العمر واحداً وعشرين عاماً ليست الشهيدة والقصة الإنسانية الأولى، لكن سرّ التفاعل معها ينبع من كونها عُرفت للإعلام والمتظاهرين قبل استشهادها، وذلك لجرأتها وشجاعتها في إسعاف الجرحى ونقل الشهداء من خطوط متقدمة وخطيرة من المواجهات. ولأن النجار- كغيرها من الشهداء- ليست رقماً عابراً في نشرات الأخبار اليومية، بل هي إنسانة لها حكايتها التي لم تُروَ بعد، وكان لها طموح وأمل ذات يوم، قبل أن تنال منها رصاصة احتلالية فتُنهي كل شيء، فإن الغاضبين لها قد تجاوزوا حدود الجغرافيا وسياق السياسة.

مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن الدولي رياض منصور ظهر على شاشة التلفزيون وقد دخل في نوبة بكاء أثناء القائه كلمته في المجلس عندما ذكر اسم الشهيدة رزان بعد ساعات من ارتقائها، كدلالة جديدة على عنجهية الاحتلال الذي لا رادع له، قبل ان تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار أعدته الكويت في مجلس الأمن الدولي يندد باستخدام إسرائيل القوة ضد المدنيين الفلسطينيين.

 العديد من الفيديوهات والمقابلات التلفزيونية مع الشهيدة رزان خلال مسيرات العودة على حدود غزة، غزت فايسبوك وتويتر بعد ان حظيت بآلاف المشاركات عقب استشهادها كشكل تعبيري ورمزي للتضامن معها. ومن هذه الفيديوهات ما يوحي أنها تنبأت باستشهادها قبل حين، عندما قالت: "بدأت المشوار من هنا..ورح انهيه مِن هنا". ثم فيديو تقول فيه "احنا بنرسل رسالة للعالم انو احنا قادرين نعمل كثير من دون سلاح".

في فيديو آخر تتحدث رزان عن نفسها كفتاة وقد فرضت نفسها في الميدان لقوة شخصيتها ومبدئها القوي، فأسعفت الجرحى وأخلت جثامين الشهداء من "السياج الأمني الفاصل" على وقع رصاص كثيف، فتقول: "إنهن النساء يمتلكن قوة تتجاوز رجالاً". مع العلم أن رزان عكفت على القيام بعملها الإسعافي من مُنطلق إنساني ودون مقابل مالي.

ووثقت "المدن" منشوراً لرزان على صفحتها الفايسبوكية وقد كتبته قبل شهر ونصف الشهر من استشهادها، تنتقد فيها المُزاودين على مسيرات العودة، فتقول: "لكل الناس إللي بتزاود ع#مسيرة العودة وسلاح المقاومة وع الطواقم الطبية والصحافة:احنا بنروح ع السلك بدون ماحد يجبرنا ولما يصير علينا شي احنا بنتحمل الوجع، مش انتو. لهيك كل واحد بحكي عالشباب اللي بتتصاوب وبتستشهد عالسلك، يسكت".

وبينما غرّد رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو على صفحته في "تويتر"، متحدثاً عن صواريخ حماس والجهاد الاسلامي، وما يقول إنه "الإرهاب الفلسطيني"، مُغمضاً عينيه عن ممارسات الإحتلال التي تجاوزت خطوط الحمر كلها، رد نشطاء على ترودو ومَن يقف الى جانب إسرائيل، بحملة هاتشاغ باللغة الإنكليزية #IsraelKilledRazan
ووضع الناشطون في هذا الهاشتاغ صور رزان  وحقائق عنها، على الرغم من إدراكهم ان هذا الأسلوب لن يأتي بنتيجة لدى المدافعين عن اسرائيل وفقاً للمثل البلدي "القوي عايب"، إلا أن التكلم افضل من السكوت، كما أنها في حال كانت هذه الحملة مركزة على صوت وهاشتاغ واحد وبشكل مكثف، فإن الاعلام الدولي سيضطر لتغطيتها ومتابعتها، فيعلو صوت الرواية الفلسطينية.

ولقيت حادثة استشهاد النجار اهتماماً من وسائل إعلام دولية، نذكر منها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فظهر على شاشتها وفي موقعها الإلكتروني عنوان بارز هو "دعوات للإنتقام لمقتل المسعفة الفلسطينية رزان النجار"، مُسلطة الضوء على المشاركة الحاشدة في تشييع جثمانها.

وكعادتها، حاولت اسرائيل- بائسة- أن تمتص الغضب والإنتقاد العالميين، ولتقطع الطريق امام اي محاولة لإدانتها وتشكيل لجان تحقيق دولية، فقالت إن جيشها يحقق في حادثة قتل المسعفة رزان. مع العلم ان هناك جرائم كثيرة لجيش الإحتلال بحق الفلسطينيين، وقد وُثقت بالصوت والصورة، ولكن لا حساب ولا رادع.

بعد ذلك، شنت إسرائيل عُدواناً على غزة ليل السبت وفجر الأحد عبر طائراتها ومدافعها، في محاولة منها لحرف الأنظار عن جريمة اغتيال الشهيدة رزان، ولتكرس ادعاءها "بأن إرهاب غزة وصواريخها هو أصل الحكاية"، و"أن إسرائيل في موقع دفاعي لا هجومي وعُدواني"، على حد قولها.

ولم تعلق أيّ من الصفحات الرسمية للناطق بلسان الجيش الإسرائيلي افيخاي أدرعي أو المنسق وغيره، على جريمة اغتيال الشهيدة رزان او تحاول أن تُفبرك ادعاءاً جديداً كما جرت عليه العادة؛ أو أن هذه الصفحات تنتظر اكتمال الفبركة والدعاية في الدوائر المختصة لذلك قبل أن تنشرها لتزييف الحقيقة.