هل تخسر إيران معركة حرية التعبير؟

المدن - ميديا
الجمعة   2018/05/25

رغم إطلاق سراحه من السجون الإيرانية العام 2016، مازال الصحافي الإيراني - الأميركي جاسون رضائيان، يتعرض لحملة تشهير علنية من السلطات الإيرانية، كما تلقى مؤخراً رسائل من بعثة إيران الدائمة في الأمم المتحدة، اشتكى فيها المسؤولون الإيرانيون من تفاصيل بسيطة في قصص إخبارية سابقة كتبها، وزعموا احتواءها على معلومات غير دقيقة وطالبوا بتصحيحها.

وقال رضائيان في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن تلك الطلبات أثارت حفيظته بشكل كبير، فلمدة عام ونصف العام، قامت نفس الحكومة بحملة تضليل علنية وتشهيرية ضده في حين أبقته معزولاً في المعتقل، وحرمته من التواصل مع العالم الخارجي وحرمته من حق الدفاع عن نفسه، إثر عمله كمراسل لـ "واشنطن بوست" في طهران، قبل إطلاق سراحه العام 2016.

ويؤكد رضائيان أن وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية قادت حملة ممنهجة ضده، بضخّ الأكاذيب ونشر المئات وربما الآلاف من القصص الزائفة عنه عبر الإنترنت، كما كرر مسؤولو النظام نفس الاتهامات التي لا أساس لها، كلما سألهم أحد من البعثات الأجنبية الدبلوماسية عنه.
لكنه يصف تجربته في المعتقل بأنها مجرد لحظة صغيرة في حرب الاستنزاف الطويلة التي تشنها إيران على حرية التعبير، وهي حرب تخسرها طهران بوضوح لكنها ترفض التخلي عنها والاستسلام، حسب تعبيره.

وفي تقرير جديد، هاجمت "لجنة حماية الصحافيين"، وهي مجموعة مراقبة دولية، الرئيس الإيراني حسن روحاني، لعدم القيام بأي شيء تقريباً طوال خمس سنوات لتحسين سجل الجمهورية الإسلامية السيئ في مجال حرية التعبير، بعدما تعهد بالقيام بذلك خلال حملتيه الانتخابيتين.

ويضيف التقرير أن المشهد الإيراني ليس مظلماً بالكامل، مع تغير العالم بسبب قوة التكنولوجيا، إذ ينتشر الإنترنت على نطاق واسع، وبات السكان المتعلمون تعليماً عالياً والمتحمسون للتكنولوجيا يستطيعون الوصول إلى منافذ الإعلام التي تتحدى وسائل الإعلام الرسمية للدولة وتناقضها في كثير من الأحيان، ويساعد ذلك في تغيير البلاد بطرق أبعد من قدرة القيادة الثيوقراطية الإيرانية على ضبطها والسيطرة عليها.

ويستند التقرير إلى عشرات المقابلات مع صحافيين حالياً مقيمين في إيران، من بينهم رضائيان نفسه، ويوفر ذلك الصورة الأكثر تناسقاً حتى الآن عن كيفية تطور نهج النظام للتحكم في المعلومات من قبل السلطات في البلاد. كما تسلط الدراسة الضوء على كيفية تجنب روحاني ومسؤولين إيرانيين آخرين في كثير من الأحيان إجراء مقابلات مع مراسلين مطلعين على الشأن الإيراني، حيث يسعى القادة الإيرانيون إلى التحدث إلى المراسلين الأجانب الذين يمتلكون قاعدة جماهيرية كبيرة، لكنهم ليسوا على دراية بتفاصيل الحياة الحقيقية في إيران.

ويمكن القول أن هذا النهج فعال نسبياً للتحكم في التغطية الأجنبية من دون منعها، علماً أن النظام لديه سجل حافل في محاولة السيطرة على الصحافيين الإيرانيين المعارضين المقيمين في الخارج عن طريق إخضاعهم للمضايقات، ومراقبتهم وحتى حبس أفراد أسرهم. وعندما يتعلق الأمر بالرد على الصحافيين الإيرانيين، لا تتردد الحكومة في اللجوء إلى البلطجة التي تكون أكثر علانية من أجل خلق عامل الترهيب.

وتقدم "لجنة حماية الصحافيين" بعض التوصيات السهلة والفعالة للحكومة الإيرانية، إذا رغبت في القيام بعمل أفضل في مجال الحريات. وتقترح المجموعة أن يقوم المسؤولون الإيرانيون بتمرير قوانين تضمن حرية الصحافة، ووقف مضايقة الصحافيين في الداخل والخارج، والتوقف عن محاولة حجب المعلومات التي يتم تداولها عبر الإنترنت وعبر الأقمار الصناعية. لكن طهران لن تتقبل أياً من هذه النصائح، لأن الحفاظ على السيطرة هو موقف النظام الاستبدادي بكل تأكيد.

إلى ذلك تقدم "لجنة حماية الصحافيين" العديد من التوصيات إلى أعضاء المجتمع الدولي، وخصوصاً حكومات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بشأن كيفية تعزيز حرية التعبير في إيران. ويطلب التقرير أن الاتحاد الأوروبي جعل حرية الصحافة أولوية في الاجتماعات الثنائية والمتعددة الأطراف مع المسؤولين الإيرانيين و"تطبيق المبادئ التوجيهية لحقوق الإنسان الخاصة بالاتحاد الأوروبي بشأن حرية التعبير الإلكتروني وغير الإلكتروني"، مع إيران.

وفي محاولاتهم للتواصل مع طهران، ركز الأوروبيون بشكل أقل على قضايا حقوق الإنسان، معتقدين بسذاجة أن الوضع سيبدأ في التحسن بعد أن يبدأ الاتفاق النووي في تحقيق فوائد اقتصادية، وبالتالي تزيد من مكانة روحاني السياسية. لكن احتمالات الاتفاق على المدى الطويل أصبحت موضع شك الآن بعد أن تخلت عنها الولايات المتحدة.

ومازالت أوروبا تمتلك نفوذاً يجب استخدامه  لإجبار إيران على تقديم سلوك أفضل، لكن الولايات المتحدة ضعيفة بشكل خاص في الدعم الفعلي لحرية التعبير والديموقراطية. وتقترح لجنة حماية الصحافيين أن تساعد الولايات المتحدة الإيرانيين في الحصول على برامج الوصول وأدوات التحايل عبر الإنترنت التي تكسر الحجب الحكومي، في الوقت الذي تقوم فيه أيضاً بإعلام الشركات بشكل أفضل حول كيفية تقديم الخدمات القانونية للشعب الإيراني.