صدمة "هذه أميركا"!

المدن - ميديا
الجمعة   2018/05/18
محرر الفنون في "بي بي سي": عنيف، لكن موضوعه يجعله من الأعمال الرائدة لفنانين سود معاصرين
معظم الأغنيات السياسية لا يحتل المرتبة الاولى في قائمة الأغاني الأكثر استماعاً، لكن "هذه أميركا" فعلتها، كما تقول شبكة "سي إن إن" الأميركية في مستهل تقرير نشرته مؤخراً حول الضجّة التي أثارها فيديو أغنية مغنّي الراب والموسيقي والممثل الاميركي، دونالد غلوفر، المعروف فنياً باسم تشايلدش غامبينو، والذي حصد أكثر من 100 مليون مشاهدة في "يوتيوب"، متصدراً الأغاني الـ100 الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة. كما تربعت الاغنية في مركز الصدارة للأغاني المباعة رقمياً عبر تطبيقات البث الموسيفي في الانترنت.


وخلال 4 دقائق، يتناول الفيديو قضايا إشكالية بارزة في المجتمع الأميركي مثل العنصرية والفظائع السياسية والعنف الناتج عن استخدام السلاح بطريقة صريحة غير مسبوقة، وهو ما يأتي تماهياً مع موقف غلوفر الرافض للممارسات العنصرية وعنف السلاح والمجتمع الاستهلاكي.


الفيديو الذي اعتبر كثيرون أنه صُوّر بطريقة صادمة، يبدأ بظهور غلوفر وهو يرقص عاري الصدر في مستودع كبير، حيث يردد: "نريد أن نحتفل"، و"نحن فقط نريد المال"، وفجأة يُشهر سلاحاً من جيب خلفي في بنطاله ويقتل رجلاً مقنعاً يجلس في كرسي. وعلى أنغام موسيقى، وصفها متخصصون بـ"الثقيلة" و"المنذرة بالشر"، يغني غلوفر: "هذه أميركا، نعم هذه هي أميركا.. بنادق في منطقتي".

ويظهر غلوفر في مقطع آخر وهو يقتل أفراد الكورس الكنسي المتشحين باللون الأسود، في تتابع فسره بعض المعلقين بالإشارة إلى مقتل تسعة من السود من مرتادي الكنيسة على يد أحد المؤمنين بسيادة البيض في مدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولاينا. وفي مقاطع من الفيديو، ينضم إلى غلوفر أطفال مدارس في زيهم المدرسي والذين يشاركونه رقصة مخدرة، بينما تدور أحداث عنفية في خلفية الفيديو الذي ينتهي بفرار غلوفر، بعدما نكبه الإرهاب، من جماعة من المشاغبين الذين كانوا في ما يبدو يريدون قتله.

وعلى الرغم من أن انتخاب دونالد ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة في 2016 قد حفز عددا من الموسيقيين على تسجيل وإصدار أغان سياسية، إلا أن أيّاً منها لم تبلغ مركز الصدارة، كما فعلت أغنية غلوفر، الأمر الذي جذب اهتمام وسائل الإعلام العالمية، فانشغلت طوال الأسبوع الماضي بتحليل رسائل الأغنية وتفكيك معانيها وتفنيد مقاصدها، خصوصاً أنها "ترسم صورة مجازية مؤثرة لأميركا". وقال أحد منتجي الأغنية، إن الفيديو "يعالج أمورا شائعة يلمسها الناس، ولا أعتقد أننا كنا عقلانيين أو متريثين كما يعتقد الناس. هدفنا هو تطبيع العلاقة مع السود".

وفي سياق متصل اعتبر محرر الفنون في شبكة "بي بي سي"، ويل غومبيرتز، إن الفيديو يشمل مقاطع عنف، لا تناسب الأطفال، وربما تكون غير مستحبة لبعض الكبار. لكن موضوعه يجعله من بين أعمال رائدة لفنانين أميركيين سود معاصرين. ويذكر من تلك الأعمال لوحة كيري جيمس مارشل في 1994 المسماة "أميركا العظيمة"، وفيديو آرثر جافا بعنوان "الحب هو الرسالة، الرسالة هي الموت" العام 2016، والذي يستخدم فيه لقطات لقادة الحقوق المدنية وأعمال الشغب في لوس أنجليس.