انتخابات2018: لا رقابة على الإنفاق في وسائل التواصل الاجتماعي

وليد حسين
الإثنين   2018/04/02
مشكلة عالم السوشال ميديا والأونلاين انه لا اختصاص قانونياً مكانياً لمواكبته (ريشار سمور)
على عكس الوسائل الاعلامية التقليدية باتت السوشال ميديا أهم منصة لنقل وتلقي وتداول الاخبار والمعلومات. وفي حمأة الصراع الانتخابي الحالي، في الإمكان القول إن هذه الوسائل الحديثة، سيف ذو حدّين. فمن ناحية هي ملجأ للمرشحين لنشر أفكارهم وبرامجهم نظراً لسهولة التواصل مع الناخبين، أو هرباً من دفع اثمان باهظة للمحطات اللبنانية. ومن ناحية ثانية، لا رقابة حقيقة عليها من قبل الجهات المعنيّة بعدالة الانتخابات. 

والمقصود بالرقابة تحديد ثلاثة مستويات قد تؤثر في نزاهة الانتخابات وشفافيتها. أولاً معرفة مدى التزام المرشحين بالسقف الانتخابي المنصوص عليه في القانون، وثانياً معرفة مدى التزام المرشحين بمبدأ الصمت الانتخابي قبل يوم الاقتراع، وثالثا معرفة مدى التزامهم بالقوانين اللبنانية في عدم انتهاج خطاب سياسي يحضّ على الكراهية والعنف أو التحريض الطائفي لكسب المزيد من الأصوات.

ولكون القانون الانتخابي اعفى "هيئة الاشراف على الانتخابات" من مسؤولية مراقبة السوشال ميديا، فالأمر بات متروكا لذمة المرشحين للالتزام بما ينصّ عليه قانون الانتخابات لناحية الانفاق الانتخابي.

وبما أن الخطاب التحريضي بات قوت السياسيين اليومي ولا مساءلة عليه، رغم كون القانون اللبناني يجرّمه، فماذا عن التزام المرشحين أقله بسقف الانفاق الانتخابي؟ هل توجد طريقة معينة لمعرفة حجم الاموال التي ينفقها المرشح على السوشال ميديا عبر ما يعرف بـ"البوست" للترويج لحملته الانتخابية؟ 

في حديثه "للمدن" أكّد المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير، ايمن مهنا، أن هناك نقطتين اساسيتين في القانون الانتخابي لا يمكن تطبيقها في عالم السوشال ميديا، أي مبدأ الصمت الانتخابي، ومبدأ تكافؤ الفرص لناحية مدة وأوقات الظهور الاعلامي. في النقطة الأولى هل يقفل المرشح صفحاته قبل يوم الاقتراع؟ أما النقطة الثانية فلا ضمانات قانونية حولها ليس على المستوى المحلي بل عالمياً أيضاً. ففايسبوك مثلاً لا يُظهر الأخبار في ما يُعرف "بالتايم لاين" لجميع المشتركين، وانما فقط لنحو نسبة 10% من المتابعين.

وعدا عن مشكلة فايسبوك التقنية في عدم الشفافية في ظهور المرشحين إلا لأشخاص معينين وحجب المعلومات التابعة لمرشحين آخرين، المرشح الذي يدفع أكثر عبر ما يعرف بـ"البوست" (BOOST) يصل لعدد أكبر من المتابعين. علما أن السياسة الدعائية لشركات التواصل الاجتماعي، وبهدف كسب المزيد من الاعلانات،  تقوم على مبدأ بث المعلومات التي يطرحها المرشح المعين لمتابعين معينين، أي على سبيل المثال: قد لا يُظهر "فايسبوك" لمتتبعي صفحات "حزب الله" أو "تيار المستقبل" أو غيرهما، سوى أخبار عنهم، ويحجب أخبار بقية المرشحين. وهذا يؤدي إلى تكرار بث أخبار تتقارب مع الأفكار الأولية للمتابعين ولا تتيح لهم المجال للتعرف على أفكار مغايرة. 

أما المشكلة الاساسية لعالم السوشال ميديا والأونلاين انه لا اختصاص قانونياً مكانياً. فلو وقعت مخالفة معينة من قبل مرشح ما في صفحة الكترونية، أنشأها شخص في الخارج، لا اختصاص مكانياً لمتابعة موضع المخالفة وملاحقة مرتكبها.

وحول معرفة مدى التزام المرشحين بالسقف الانتخابي أشار مهنا إلى ان المسؤولية تقع على عاتق المرشح بأن يقدم "للهيئة" جردة حساب في الاموال التي انفقها على حملته الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي.  ما يعني أن الشفافية في الانفاق متروكة للنوايا الطيبة للمرشحين، طالما انه لا هيئة رقابية تستطيع التحقق من الأمر. ففي حال أرادت أي جهة معرفة حجم الانفاق الحقيقي للمرشح عليها التواصل مع إدارات السوشال ميديا لطلب تقرير مفصل عن الانفاق، وليس هناك من تجارب عالمية في هذا الشأن بعد. 

أما المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات عمر كبول فقد أكّد على كلام مهنا مشيراً إلى انهم سيعملون حالياً على مراقبة صفحات المرشحين عبر 5 مراقبين مخصصين لهذا الأمر. أي لكل ثلاث دوائر انتخابية مراقب. وستعمل الجمعية على رصد مدى التزام المرشحين بمبدأ الصمت الانتخابي ودراسة محتوى خطاب المرشحين لناحية عدم خرق القانون في ما يتعلق ببث خطاب تحريضي طائفي أو يحض على العنف والكراهية، أو حتى بث أخبار كاذبة عن بقية المرشحين بهدف كسب المزيد من الاصوات. وفي ما يتعلق بـ"البوست" لتحديد مدى الانفاق فقد أكّد كبول أن الأمر صعب من الناحية التقنية، لكن الجمعية  تتواصل  مع مؤسسة "سوشال ميديا إكسشينج" وربما يتمكنون من الحصول على تقارير حول انفاق المرشحين. 

مراقبة ما يقوم به جميع المرشحين على صفحاتهم يحتاج إلى إمكانيات كبيرة غير متوفرة للجهات غير الحكومية التي تعمل في مجال مراقبة الانتخابات. بالتالي الجهد الذي تقوم به الجهات "المدنية" جيّد، لكنه غير كافٍ كون المسؤولية تقع بالدرجة الاولى على الجهات الرسمية للقيام بهذا الجهد. لذا تطالب هذه الجهات بتعديل القانون الانتخابي لكي يلحظ هذه الأمور وجعل الهيئة مستقلة ولها صلاحيات قانونية واسعة وقدرات تقنية ومهنية كي تستطيع رصد وملاحقة المخالفين.