"الزعيم" مايا ترو تخوض ترشيحها: هشام حداد ظلمني

بتول خليل
الأربعاء   2018/03/07
ترو لـ"المدن": آن الأوان لتقدّم المجتمع المدني وحمله لواء المبادرة
في سياق تعليق ساخر عن الفروق بين المرشحين التقليديين والحزبيين، وبين مرشحي المجتمع المدني، عرض هشام حداد في حلقته، مساء الثلاثاء في برنامجه "لهون وبس"، مقطع فيديو ساخراً من المرشحة للانتخابات النيابية مايا ترو، التي ظهرت وهي تحكي قصة حصلت معها لها دلالة معبرة عن مدى تجذّر التفكير الطائفي والمذهبي الغالب على تفكير شريحة من اللبنانيين.


ترو التي ظهرت في العام 2013 في برنامج "الزعيم"، الذي أطلقته حينها قناة "الجديد"، والتي اعتبرت أنه يشكّل انتفاضة على كل البرامج السائدة ويعبّر عن ثورة شبابية سئمت مفهوم الزعامة وسياساتها، ما استوجب قلب المفاهيم وفرض التغيير، من خلال اختيار 15 شاباً وشابة من مختلف الطوائف والمناطق والاختصاصات، مطلقة إياهم من خلال البرنامج للتنافس على لقب "الزعيم"، الذي ظفرت به الشابة مايا ترو، بعدما فازت من خلال نيلها الحصة الأعلى من أصوات الجمهور.

إدارة البرنامج والقناة كانت قد أعلنت مسبقاً أن الفائز الأول سيحصل على دعم إعلامي ومادي من خلال ترشيحه للتنافس على مقعد نيابي، كتكريس لفكرة تهدف لإيصال عنصر شاب إلى البرلمان يساهم بضخّ دم جديد في عروق السياسة. لكن انتقادات كثيرة وجهت إليه اعتراضاً على التسمية ونقداً لمعايير اختيار المشاركين، مروراً بفقراته ومضمونه، إذ اعتبر منتقدوه أن البرنامج قد عجز عن ترجمة أهدافه وشعاراته إلى واقع يلمس من خلاله المشاهد أثر وفعاليات التدريبات والخبرات، حيث أنه كان من المتوجب على قناة "الجديد" ، وبحكم تأخر إجراء الانتخابات النيابية في السنوات الماضية، متابعة مرشحها وحثّه على الظهور إعلامياً لتبيان استعداده وتحضيراته للاستحقاق الانتخابي عندما تحين لحظة إعلان ترشيحه.

"الجديد" وفت بالتزاماتها لجهة دعم مايا ترو من خلال تسديدها رسم الترشيح والدعم الإعلامي والإعلاني، ما شكّل فرصة فريدة للتجربة التي شكّلها برنامج "الزعيم"، وللفائزة فيه مايا ترو، التي حاورتها "المدن"وسألتها عن تعليقها وردها على ما ورد في برنامج "لهون وبس"، وعن تحضيراتها وماهية برنامجها الانتخابي، وعن تطوير مؤهلاتها وتواصلها مع الناس، الذي يُعتبر طريقها الأفضل للوصول إلى البرلمان.

* بعد انقطاعك عن الظهور على التلفزيون لسنوات، ظهر تسجيل مقطع فيديو لك ضمن نقد ساخر في برنامج "لهون وبس" الذي يقدمه الإعلامي هشام حداد. وعلى الرغم من أن طبيعة المقاربة والتطرق لاسمك أتى ضمن إطار كوميدي لكن الكثيرين يعتبرون أنّ الظهور في برنامج له شعبية عالية أمر إيجابي بذاته. فما هي نظرتك وردك على النقد؟

-الفيديو الذي ظهر في برنامج هشام حداد مجتزأ، وطريقة عرضه على هذا الشكل أخرجته من سياقه الذي كان له دلالة ذات مقاربة عميقة تشكو من محدودية وضيق أفق بعض الناس وتصنيفهم السياسي والمذهبي والمناطقي. وللأسف تلقيت بعض الاتصالات من أشخاص فهموا أنني أخجل أو أسخر من اللهجة البرجاوية. وكل من يعرفني جيداً، يعلم مدى اعتزازي بانتمائي إلى بلدتي، واعتزازي بها وأنا يشرفني بأنني قد رفعت اسم برجا عالياً من خلال فوزي في برنامج "الزعيم"، وهذا شرف كبير لي. وأردّ على هشام حداد بأني أتقبّل النقّد ومن حق أي برنامج أن يعبّر عن رأيه في السياسيين أو المرشحين بطريقة كوميدية تحلو له. فأنا أعتبر أن الإعلام هو ضمير أي أمة حرة، وله الحق في النقد والتصويب سواء كان ساخراً أم جاداً، شرط أن تكون المقاربة بعيدة من سوء النية. وفي حال وجود أي أمر يحتاج للاستفسار فأنا جاهزة للرد والتوضيح. ولمن لا يعلم فنحن أهل برجا معروف عنا الكثير من الأشياء الجميلة، التي يأتي في مقدمتها خفة الظل والنكتة الحاضرة دوماً، واللهجة البرجاوية لها إيقاع مميز، وأنا أحبه بشكل خاص عن باقي اللهجات اللبنانية.

*هل بدأت بالتحضير للترشّح للانتخابات النيابية مباشرة بعد فوزك بلقب "الزعيم"؟ وهل شكّل ذلك حافزاً لصقل شخصيتك من خلال سعيك لاكتساب الثقافة السياسية والمعرفة بالقوانين والالمام بتعقيدات وإشكاليات الحياة السياسية في لبنان؟

-الغاء الانتخابات النيابية وتأجيلها في ذلك الوقت أفقدني الرغبة والدافع للتحضير للترشح للانتخابات، لكنني عملت على تطوير مهاراتي وصقلها وتنمية قدراتي في أكثر من مجال، حيث حصلت على 3 شهادات ماجستير في التنمية والهجرة والاقتصاد والصحة العامة، وأنشأت جمعية خيرية باسم Food Blessed، تعنى بالجوع والحد من هدر الطعام في لبنان وتعتمد على جهود المواطنين وجهود المجتمع. والأهم بالنسبة إليّ هو أنني كنت أحضّر نفسي لأكون مواطنة أفضل، كي أستطيع أن يكون لي دور ومساهمة فعالة في مجتمعي، من خلال خبراتي التي اكتسبتها وجهودي على الارض.

*ما هو برنامجك الانتخابي؟ ولمَ اختيار "حدا منا" كشعار لحملتك؟

-يقوم برنامجي الانتخابي على 10 نقاط، وهي خلق فرص عمل جديدة، الحفاظ على أموال المواطنين، وقف الفساد ومحاسبة الفاسدين، زيادة الأجور بما يتوافق مع نسب التضخم، وقف تهميش المرأة واقرار جميع حقوقها، الاهتمام بصحة الناس، دعم التعليم الرسمي، تسهيل تنقّل الناس، تحسين نوعية السكن، والحدّ من التلوث البيئي. أما بالنسبة لاسم الحملة، فقد أتى كرسالة للناس بأني منهم وأشبههم، لأن الناس تنظر إلى ممثليهم في المجلس النيابي ولا  ترى فيهم ما يشبههم أو يعبّر عن معاناتهم. وهذا ما أسمعه من معظم الناس الذين التقيهم.

وأودّ أن أذكر أني لطالما كنت أطمح لأساهم في خلق ثقافة اجتماعية قائمة على التطوع، مواكبة للثقافة السياسية، وتوعية الناس والجيل الجديد على أهمية دوره السياسي والاجتماعي، وتعريفه بقيمة جهده الفردي، وإمكانيته إحداث الفرق من خلال اعتماده على نفسه، دون التبعية أو الانتماء لمجموعة سياسية.

*نجاحك وتفاعل الناس معك من خلال برنامج "الزعيم" كان أمراً افتراضياً قائماً على علاقة من خلال التلفزيون، في حين أنّ الواقع يُظهر أن الناخب يمنح صوته انطلاقاً من اعتبارات عائلية او مناطقية، أو لاعتبارات خدماتية وحزبية أو مذهبية. من خلال تواصلك مع الناس، هل عملت على إظهار قيمة التصويت للأفضل، والخروج بذهنية الناخب من الحسابات الضيّقة نحو التفكير بالمصلحة العامة للوطن من خلال التصويت للتغيير؟

-من الأسباب التي دفعتني للمشاركة في برنامج "الزعيم" إدراكي لعدم تشابهي مع أي من الموجودين في الكادر السياسي، وكان تفكيري في حال سنحت لي الفرصة بالدخول إلى البرلمان وإيجاد موقع سياسي خاص بأني سأسعى إليه، لذلك وجدت في البرنامج فرصة، تخولني الولوج إلى عالم السياسة الذي أحبّه، كوني أؤمن بإمكانية إحداث الفارق من خلال الإخلاص والعمل الدؤوب الجاد. كما أن نجاحي الافتراضي الذي تحقق على شاشة "الجديد"، لم أسمح له بأن يؤّثر فيّ إلا من نواحيه الإيجابية، وبقيت كما أنا أتواصل مع الناس بشكل عادي، بل زاد احتكاكي ايجابياً بهم، وأنا أعتبر أنه في حال وصولي إلى البرلمان، يجب أن يتطور التواصل بشكل أفضل مع الناس، عكس الذين يتقربون من الناس في فترة الانتخابات ويبتعدون عنهم بعد انتهائها.

آمل بأن قانون الانتخاب الجديد قادر على إيصال مجموعة من المستقلين، يؤمنون بالتجديد والتغيير، ما يمكّنهم من صناعة الفرق. فالوعي المضاف للأمل، يجب أن يكون السبب الاساسي لأي ناخب بأن يعطي صوته وأفضليته للشخص المناسب القادر على تحقيق طموحاته.

*التصويت الذي أدّى لنيلك لقب "الزعيم" جاء من مختلف أرجاء الوطن، ومن مختلف المناطق والانتماءات العابرة للطوائف والاعتبارات اللبنانية. لكن ترشّحك، الذي تفرضه الجغرافيا، يفرض عليك التعامل والسعي لنيل أصوات أبناء منطقتك ودائرتك الانتخابية حصراً، والذي قد يصطدم بالولاءات الشديدة المركزية والانتماء لزعامات تقليدية. فما هي إمكانيتك لترجمة نجاحك على مستوى الوطن، وتجييره للنجاح في منطقتك؟

-أنا من منطقة الشوف، من قرية برجا تحديداً. لكن ذلك لا يمنعني من اعتبار بأن النائب هو ممثل للأمة، ولا ينحصر تمثيله في قريته أو منطقته فقط. هذا بالنسبة للشق الأول من السؤال. أما بالنسبة للشق الثاني، فإنّ عائلتي ليست دخيلة وحديثة العهد على السياسة، وكانت خطتي بالأساس الترشّح عن المقعد السنّي في بيروت، كون أنّ الاحترام بين العائلات يُعارض ترشيح شخصين من نفس العائلة في منطقة واحدة، إلا أن الاستطلاعات التي أجريناها هذا العام بيّنت أن حظوظي وفرصي بالفوز في بيروت قليلة، نظراً لاحتدام المنافسة على المقعد السني، فقررت الترشّح في برجا، كون أهلها أبدوا تشجيعاً وترحيباً كبيراً بترشحي ومشروعي، خصوصاً بعد عزوف النائب ابن عائلتي عن الترشّح.

*هل لمست تجاوباً في محيطك مع أفكارك وتطلعاتك التي عبّرت عنها في برنامج "الزعيم"؟ وهل لاقت الصدى المطلوب عند الناس؟ ام يجب بذل جهد أكثر لجعلهم يتبنون هذه الأفكار ويتمسكون بها؟

-حلمي المتمثل بالدخول لمعترك السياسة والعمل تحت قبّة البرلمان، ينطلق بالأساس من سعيي إلى أن أكون مواطنة أسخّر قدراتي لصالح بلدي لبنان، الذي أطمح أن يفخر بي من خلال كل ما أنجزه سواء كنت في وطني أو أمثله في الخارج خير تمثيل. من هذا المنطلق، أتت مشاركتي حينها في برنامج "الزعيم"، والآن ترشّحي للانتخابات استناداً لهذه المُثل والقيم، وانسجاماً مع مبادئي بأنّه يجب على كل مواطن، أن يمارس دوره الفعّال الساعي للمطالبة بالوصول إلى حقوقه، وأداء ما عليه من واجبات على أكمل وجه. وهذا ما جعل أفكاري، التي عبرت عنها في "الزعيم"، تلاقي الصدى المطلوب، كونها ناتجة عن منطق وأسس توازي بين جميع الناس، ولا تخص أحداً دون غيره، ما سهّل عليّ لاحقاً إقناع الناس بالتصويت لي ولمشروعي دون مجهود كبير، لأني أبرز لهم إيماني بأن الأفعال هي المقياس وليس فقط الكلام والشعارات. كما أن استقلاليتي وإخلاصي وجهدي هو ما يعبّر عني في النهاية.

*هناك تجارب لأشخاص لاقوا شعبية كبيرة من خلال التلفزيون والكاميرا، لكن حين إقدامهم على الترشّح للانتخابات كانت النتيجة مغايرة تماماً. هل تضعين هذه الحسابات في تفكيرك؟ وهل هناك من خطة ما تهدف لإظهارك إعلامياً على أكثر من مستوى لإعادة تذكير الناس بك وإعطائك فرصة لتوضيح أفكارك ومشروعك الانتخابي؟

-قمت مؤخراً بجولات عديدة على الناس، وأنا أتواصل معهم، وألاقي التشجيع والتأييد حيث أظهر. والناس تأتي إلي وتقول لي أنهم ما يزالون يذكرونني وأنهم سوف يدلون بأصواتهم لصالحي. وأنا من جهتي، دائماً أحثّ الناخبين بالتصويت لمن يشعرون بأنه قادر على إحداث الإضافة والفرق، لأنّ التجربة في الماضي أثبتت بأن الأحزاب لا يهمّها سوى التمسّك بمقاعدها أو زيادة حصتها، ما يجعل المواطن وحاجته أبعد همومهم. لذا فإنّه قد آن الأوان كي يتقدّم المجتمع المدني ويحمل لواء المبادرة، ولن يتحقق ذلك دون وجود ممثلين فاعلين له في المجلس النيابي، ما يجعل المطالبة بقرارات وإصلاحات تصبّ في مصلحة المواطن، وليس من مصلحة الأحزاب والتيارات.

من جهة ثانية، أنا أعتبر أنّ من أحبني من خلال البرنامج سوف يحبني وأنا أعمل خارجه. لأني لم أكن أمثّل، بل كنت أمارس نفسي. وأنا نفس الشخص الذي أحبوه. وأجمل ما في تجربتي مع برنامج "الزعيم"، كان مدى الحرية المتاحة للتعبير عن رأيي دونما أي توجيه، أو محظورات، ما ساعد على إظهار شخصيتي الحقيقية أمام الناس. وبالطبع، أنا في طور التحضير لخطة تهدف لظهوري إعلامياً بشكل يتيح للناس التعرف إليّ بشكل أكبر.