"أورينت" تتبنى خطاب إسرائيل

نذير رضا
الخميس   2018/03/29
تبرأ منها معارضون كثر
فقدان المعايير الذي يعانيه بعض أطراف الاعلام السوري، لجهة الحروب الداخلية بين المعارضين، تجاوزتها قناة "اورينت" بلقاء أجرته مع مندوب اسرائيل في الامم المتحدة داني دانون، وانزلقت عن سابق تصور وتصميم الى خطاب الاعلام الاسرائيلي، وتبنته، في واقعة تنسف إرث الثورة السورية، الذي تدّعي القناة أنها تحمله، وتكشف وجهة نظر القناة تجاه القضايا المبدئية التي لم يتخل عنها القسم الأكبر من المعارضين للنظام السوري. 
ولا تتطلب واقعة المقابلة إدانة أو اعلان تبرؤ منها، بقدر ما تستدعي اعلان البراءة من القناة التي اختلقت منذ ظهورها، معارك هامشية، وعداوات مع معارضين، وأنتجت خطاباً طائفياً ومذهبياً وعرقياً وقومياً مقيتاً تدينه غالبية الثوار الذين طالبوا بالتغيير وبدولة ديموقراطية وعصرية. وهو الخطاب الذي ذهبت فيه القناة الى حده الاقصى، ووصل إلى فتح منافذ اسرائيل على السوريين. 

وأداء القناة في الماضي، كان استدعى انتقادات متفرقة من قيادات المعارضة المتشظية على خيارات سياسية لم تخرج عن سقف الخطاب المبدئي السوري. لكنه يكشف الآن أن وجهة القناة كانت مختلفة عنه، وخارجة عليه. وليس مفاجئاً أن تتماهى مع الخطاب الاسرائيلي، وتتبناه، وتقدمه على أنه أجندة "دولة مجاورة".

على أن محاكمة خطاب القناة في السابق، لم يعد مجدياً، بعدما أوصل الى نتيجة الالتصاق بالخطاب الاسرائيلي. وبالتأكيد، لن تكون المقابلة نافذة لاعلان "الانفتاح" على الخطاب الآخر، بقدر ما هو تماهٍ مع خطاب اسرائيل، ومواءمته. وقد أظهرت المقابلة مع دانون، نتيجة متوقعة، تفضي الى أن اسرائيل غير معنية بالسوريين الذين فتحوا إعلامهم لها، بقدر ما هي معنية بحماية مصالحها، وهو أمر لم يخفه دانون بتعبيره عن مخاوف تل أبيب من استخدام السلاح الكيماوي ضدها، فضلاً عن توجسها من التوسع الايراني في سوريا على حدودها.

التداعيات السياسية للمقابلة، بوصفها تكريساً لادعاءات النظام بأن المعارضين مدعومون من اسرائيل، ليست ذات أهمية في هذا المفصل، بقدر ما الأهمية تعود الى التأثيرات المحتملة في خيارات المعارضة بأكملها. وإذا كانت "اورينت" تدّعي أنها ناطقة باسم شريحة، فإن التجاذب على خيار الانبطاح أمام اسرائيل، سيكون مادة انقسام أخرى، لن تستقر معها جهود توحيد المعارضة، وستزيد من التشظي على خيارات مبدئية، لن يكون الخصام مع النظام جزءاً منها. 

غير أنه، وخلافاً لفتح كثيرين شهية الاستثمار في المقابلة لوسم المعارضة بـ"الخيار الاسرائيلي"، تمثل "أورينت" وجهة نظر غير مرحب بها في اوساط الكثير من المعارضين الذين سارعوا إلى إدانة القناة، والتأكيد على أنها لا تمثلهم. وفي مقابل إصرار القناة على "التفاخر" وإعلان "صوابية" خيارها، فإن سوريين، من المعارضين أيضاً، قالوا إنها لا تمثلهم، وأنه لقاء "يجرد القناة من محوريتها"، ويثبت "علاقتها بالعدو"، كما جاء في تعليقات في صفحة القناة في "فايسبوك".

ولعل أبلغ تداعيات المقابلة، ما قاله مغرد، تعليقاً على رابط المقابلة في "فايسبوك": "شي جميل أن تتضح الصورة للسوريين، لكي يكتشفوا عمالة وخيانت الأورينت ومن يدعمها ومن يعمل فيها.. تتهمون الأسد بالعمالة لإسرائيل وأنتم اكبر خونة وعملاء"!