تجنب صناعة الدعاية الانتخابية: منافس السيسي نموذجاً

أحمد ندا
الجمعة   2018/03/23
رسمياً، تُجرى الانتخابات الرئاسية المصرية بين مرشحين هما الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ومرشح حزب الوفد موسى مصطفى موسى. 

الأول جُندت له كل أسباب الدعاية الانتخابية على كل المستويات الرسمية والإعلامية والشعبية، وفي الشوارع الواقعية والافتراضية. أما الثاني، مرشح المشهد الانتخابي، فقد شحّت معه أساليب الدعاية وندرت تقريباً، مثلما ندرت لافتاته في شوارع القاهرة اللهم بعض اللافتات الخجولة فوق مقر حزبه، وقد أكلتها عشرات اللافتات المؤيدة للسيسي ومنها ما خرج من حزب موسى نفسه، تماماً مثل اللقطة  التي دُونت لموسى وهو يعلن تأييده للسيسي رغم منافسته له.

لكن أهم لقطات الدعاية لموسى مصطفى موسى، كانت الأغنية التي استعارت لحن الأغنية الوطنية الشهيرة "مصر اليوم في عيد" لشادية، وملحنها جمال سلامة. الأغنية الدعائية حملت اسم "موسى مصطفى موسى". خرجت الأغنية دون أن يكتب اسم كاتب كلماتها الجديدة أو مؤديها. لتكشف جريدة "الوطن" أن الأغنية مجرد إهداء من شخص يدعى سيد محمود عبيدو، نائب رئيس المجلس المصري للقبائل المصرية والعربية، وأعدها في شركة الإنتاج المملوكة له، وهو الذي قام بتأليف كلماتها ووزعها ومن قاموا بالغناء هم بعض العاملين بالشركة وأهداها للحملة. هنا تبلغ المفارقة حدها الأقصى أي أن الأغنية ليست عملاً رسمياً من حزب "الغد" لمرشحه الرئاسي، بل هو عمل تطوعي من أحد "مؤيدي" المرشح.

لم تتوقف المفارقات عند سخافة الأغنية حد انتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها علامة مميزة للانتخابات الرئاسية، وبناء الأغنية كانعكاس لمسار العملية الانتخابية، بما هو إعادة ترداد للحن قديم بكلمات جديدة أكثر ركاكة وابتذالاً.

زادت المفارقات حول الأغنية بعد "التحقيق" الذي قامت به "اليوم السابع"، حول "السقطة" التي وقعت فيها الحملة الانتخابية باستخدام لحن دون استئذان أصحابه ملحناً ومطربة، ليخرج الناقد طارق الشناوي بجدية لا يحتاجها الموقف ويقول "إن قيام حملة المرشح الرئاسي موسى مصطفى موسى بسرقة اللحن الخاص بأغنية "مصر اليوم فى عيد" وتحويلها من لحن وطني للحن داعم للمرشح، يعتبر مخالفاً للقانون، حتى إن لم تكن الحملة لديها علم بذلك، كونه وقع أيضا تحت طائلة القانون وهو ما يلزم منه اتباع القانون فى مثل هذه الحالات". 

والحال فإن الأغنية تحمل قدراً لا بأس به من الطرافة والركاكة في آن، جعل منها سهلة الاعتياد على الأذن، وكراهتها حدّ المحبة، وهي في قدرتها على رصف الكلمات الوطنية المحفوظة لا تختلف كثيراً عن ركاكة وطرافة أغنية "قالوا إيه وقلنا إيه" التي انتشرت في البلاد كالوباء، وصارت واجباً يومياً بديلاً للنشيد الوطني.

المشكلة إذن في سلطة الجهة المتبنية للأغنية وسياق إصدارها، ولو شطحنا بالخيال قليلاً، وصار موسى هو رئيس مصر القادم لصارت أغنية موسى مصطفى موسى ملء السمع والبصر، ولصارت واجباً وطنياً يومياً، والسخرية منها جريمة وطنية.