منى طايع و"حبيبي اللدود".. غلطة الشاطر بألف

ميشيل كرم
الأحد   2018/12/16


من مساوئ الأقدار، أن يُنزل عمل تلفزيوني تجربة كاملة لكاتبة تلفزيونية مرموقة، الى مستويات أدنى من التوقعات، رغم أن مسلسل "حبيبي اللدود"، يستحق أن يُشغل بإتقان. وهو ما لم تضغط لتنفيذه الكاتبة منى طايع التي عُرفت في وقت سابق بتقديم أعمال مهمة دخلت المكتبة الدرامية اللبنانية من بابها العريض. 

والمشكلة في العمل، تقنية صرفة، ومتعلقة بالاتجاه لتعزيز دور ممثلين شباب، لا يشكلون أي رافعة لعمل يستحق، في مضمونه، أن يكون دليلاً الى عبثية الحرب، وكتاباً يوثق الصفقات والنوازع الشخصية التي تحكم عمل الميليشيات وأمراء الحرب. 
يعتمد العمل على ممثل نجم واحد، هو الفنان يورغو شلهوب، ولا تسانده فيه أي بطلة أو بطل آخر. هذا العنصر الأوحد في العمل، بات عبئاً بصرياً على الحبكة. من دونه، يهبط العمل الى مستوى الانشاء والتلقين، ذلك ان الخيال الذي يجب أن يدفع الممثل للتماهي مع القصة، هو شبه مفقود، ويستحيل تعويض الأداء بافتعاله. 

في تجربتها السابقة، حرصت طايع على جمع وجوه الصف الأول في اعمالها. هو جهد اقترن بالحرص الكامل على أدق التفاصيل  بدءاً من "الكاستينغ" وصولاً الى تفاصيل الإخراج النهائية. والى جانب اختيار ممثلين يرفعون القصة، لم يغب عنها إدارة الممثلين الجدد الذين باتوا بعد اعمالها نجوماً. نفذت هذه الاستراتيجية في مسلسل "إبنة المعلم" وفي "بنات عمتي وبنتي أنا"، وبعدها في "عشق النساء"، ثم في "وأشرقت  الشمس"، وأخيراً في "أمير الليل". في تلك الاعمال، أطلقت وجوهاً جديدة، تمت مساندتها في تأدية الادوار وجوه مخضرمة، ما يمنع التجسيد البصري من الارتباك، كون الثغرات، كان يعوضها أداء عالٍ. وعبرها، شجعت المنتجين على الاتجاه الى الاعمال الجماعية. 

هذه الثيمة، افتقدت الآن في "حبيبي اللدود". فالممثل يورغو شلهوب، لا يكفي لرفع عمل معقد، أشبه بوثائق منبوشة من ذاكرة الحرب، ومن تصوراتها المفقودة عن سلوك أمرائها، وأحقادهم الشخصية، واسقاطاتها، تالياً، على أي حرب محتملة تلوح في الافق، بهدف ردعها ودحض أسبابها. 

فمن يجب أن تقف قبالة شلهوب، هي الممثلة جوانا حداد، ممثلة مبتدئة، لا تستطيع أن تجاريه بتعابيرها. هي أشبه بلوحة جامدة تتحرك شفاهها لتلاوة استظهار! لوحة، انطلاقاً من أنها تتمتع بميزات جمالية تؤهلها لتكون نجمة، ولكن تحتاج الى الكثير من التدريب، ومهارات التمثيل، وللمساندة من قبل الطاقم المخصص لادارة الممثل. 

والحال ان اختيار هذا النمط من الممثلين، يُراد منه منافسة البطلات في أعمال منافسة، وهي أوهام تتحكم بعقلية تسويقية، لا تزال تنظر الى التمثيل على أن قوته تكمن في القدرة على الجذب البصري، إنطلاقاً من تجربتي سيرين عبد النور ونادين نجيم اللتين باتتا من أهم الممثلات اللبنانيات بكل المقاييس. وبعدهما، إنطلاقاً من تجربة ايمي صياح التي تلعب دوراً استثنائياً في "ثورة الفلاحين". فهل أراد القيمون على "حبيبي اللدود" مبارزة صورة ايمي صيّاح في العمل المنافس على المحطة نفسها LBCI؟

لا تبرر تلك الاسباب النتيجة التي ألمت بالعمل الذي بلغت تكلفة انتاجه اكثر من مليون دولار. ولا يمكن رمي المسؤولية على منى طايع وحدها. لكن تقصيرها، يكمن في الاستسهال في الخيارات لخلق توازن بين الممثلين، ورفع القصة بالاداء. وهي (طايع) معروف عنها أنها لم تكن تساوم ولا تتنازل، ولا تقبل تحت أي ظرف التساهل بعملها الذي تقدمه. 

توقيت العمل المتزامن مع عرض أعمال أخرى على المحطة نفسها وعلى قنوات منافسة، يقلل من فرص انتشاره ويضعه في موقع المقارنة مع أعمال تجمع ألمع النجوم. ولو أن فكرة العمل، تتزامن مع المخاض الوطني واعتبارات السلم الاهلي الهش الذي يتعرض لخروق أمنية، تثبت الحاجة الى عمل ينبذ الحرب، ويكشف تفاصيلها الخفية.  

 والعمل الذي يعرض على "ال بي سي"، يتناول خفايا الحرب، ومصالح زعمائها وأطرافها، وارتهانهم لسلطة المال لاشعال جبهة إثر جبهة، مهما كانت تداعياتها على المدنيين والآمنين.