مصر: مرشح للرئاسة يختصر الاصلاح بالثأر من "فايسبوك"!

أحمد ندا
الأحد   2018/01/14
الدولة لن تغلق فايسبوك رغم عداوتها غير الخافية معه (Getty)
لا يشير تعهّد المرشح لرئاسة المصرية مرتضى منصور في الدورة المقبلة بحظر "فايسبوك"، إلا إلى الثأر الذي ينوي الشروع به، ليتخلص من أعباء الماضي القريب افتراضياً. 
فالمرشح الرئاسي مرتضى منصور، وهو المستشار السابق والرئيس الحالي لنادي "الزمالك"، وعضو مجلس النواب، يعتبر واحداً من أكثر الشخصيات العامة المصرية تجاوزاً، بدعم "غير مفهوم" لتجاوزاته وكأنه يؤدي دوراً لشغل المجال العام بقضايا "تافهة". 

لم يطل في برنامج تلفزيوني بشخصه ليعلن ترشحه في الانتخابات الرئاسية. لكنه اكتفى بمداخلة تلفونية لبرنامج "على مسؤوليتي" الذي يقدمه أحمد موسى. المداخلة الهاتفية فقط للشروع في خطوة فعلها من قبل. لكنه في 2012 "اجتهد" بعقد مؤتمر صحافي. وهذه المرة كانت المكالمة تكفي، مناسبة تماماً لموقعه وموقفه وضآلة تأثيره على السياق السياسي المصري.

بادر منصور بـ"وعد" خارج سياق السياسة والمنطق. قال إنه في أول خطوة سيفعلها إذا فاز بانتخابات الرئاسة ستكون إغلاق فايسبوك، لأنه بحسب رأيه، يقف الموقع وراء تفاقم أغلب المشكلات التي يعاني منها المجتمع المصري، وكان سبباً رئيسياً في تزايد حالات الطلاق والتفكك الاجتماعي والأسري، كما يتم استخدامه لتجنيد الإرهابيين وتلقي تكليفات إرهابية من قادتهم داخل مصر وخارجها.

أما حجته "المفحمة" فهي أن "الصين أغلقت فايسبوك ونجحت في التنمية، وهو ما يجب أن نفعله في مصر"، لأنه لن يسمح بانتشار ظاهرة "قلة الأدب" وانعدام الأخلاق وعدم احترام الكبار، وهي ظواهر انتشرت في بلاده عقب ثورة 25 يناير، وأدت لتزايد السباب ضد الرموز والمشاهير والوزراء.

يتحجج منصور بـ"قلة الأدب" كما يتحجج دائماً في كل خصومة عامة يخوضها، وهو الذي يهاجم خصومه دائماً بألفاظ واتهامات يعاقب عليها القانون، ويفلت منها، مدعوماً بدعم غير محدود بالضجيج الذي يثيره، الضجيج الذي صار مادة ثابتة لسخريات مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإخبارية.

يريد  منصور أن يثأر لنفسه، بغلق موقع فايسبوك، وهو الخصم الوحيد الذي لم يعرف حتى الآن أن ينتصر عليه، لأن سيولته أكبر بكثير من قدرته على مراوغة القانون، واستغلال منصبه النيابي، مواقع التواصل التي حولته إلى "memes" وتصريحاته إلى نكات، هو نفسه صرح بها في مداخلته الهاتفية مع أحمد موسى. "هيقولوا الولاد على الفايسبوك إنه هينيم البلد من المغرب". هو لا يبتغي من وراء تصريحه إلى أن يعيد حضوره الفايسبوكي إلى ذروته، أن يستفز مشاعر السخرية عند مستخدمي العالم الافتراضي، ليعيدوه إلى الصدارة. 

منصور مشغول بما يقال عنه على مواقع التواصل، وهو الذي لا يترك تعليقاً إلا ويذكره في سياق حديثه، سواء أكان في مؤتمر صحافي، أم في عشرات المقابلات التلفزيونية التي يجريها يومياً. يحب منصور أن يكون خبراً ثابتاً، أعطاه رئاسته لنادي الزمالك هذا الامتياز، لكنه في ترشحه للرئاسة ابتداء أعطى لاسمه حضوراً أكبر، ورغبته في حظر فايسبوك، مادة فكاهية ثقيلة ومركبة.

لا تعدو المسألة عن كونها رغبة في الحضور، لكن ولأن منصور لا يتحرك دائماً فوق أجندته الشخصية، فربما يكون في تصريحه، كما حلل بعض المتابعين، رغبة في إلقاء "بالون اختبار" للوقوف على ردة فعل متابعيه، وتم حظر عشرات المواقع الإخبارية والصحافية، ومرت بسلام، اللهم بعض الاحتجاجات الافتراضية، فهل إذا ما منعت الدولة فايسبوك، هل سيتحرك الناس؟ 

التحليل الأكثر منطقية أن الدولة لن تغلق فايسبوك رغم عداوتها غير الخافية معه، وهو الذي صار أحد قنوات اتصالها، فلكل مؤسسة صفحة رسمية الآن، لكنها لا تقدر أن تهمين عليه كما تهمين على كل وسائل الاتصال.

على الأرجح فإن بالون اختبار الحظر، لا يكمن وراءه موقف مؤجل من الدولة، بقدر ما هو إعلان عبر واحد من رجالاتها مرتفعي الصوت. عداوتها للمجال العام البديل المخلوق في هذه المساحة الافتراضية، وأيضا للزج بمرشح يستطيع معه التنكيل بالمرشح "المقرب من فصائل الثورة" خالد علي، دون أن يكون إبراز لعداوة واضحة بين الدولة بمؤسساتها وبين علي. هذا هو الدور الذي يجيد منصور فعله، الدخول في المعارك. 

في انتظار أن يؤدي منصور دوره، ولعل أجمل ما قيل عن ترشحه، من مشجعي نادي الزمالك المنكوب، أنهم سوف ينتخبونه، لمجرد أن يترك نادي الزمالك ليستعيد عافيته. هذا هو قدر مرتضى منصور.