النظام السوري يصالح روبرت فورد

نذير رضا
الخميس   2017/09/07
مواقفه الاخيرة تستدعي مصالحته و"الغفران" له على مشاركته في وقت سابق في مظاهرات حماه
لا تُقرأ خطوة وسائل الاعلام المقربة من النظام السوري، باستضافة سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا روبرت فورد، على انها براغماتية سياسية فحسب. فحاجة النظام السوري الى صوت أميركي، مثل فورد، يؤكد "انتصار" النظام، و"هزيمة" الولايات المتحدة، دفعته لمصالحة فورد في هذا الوقت، وتبنّي ما يقوله، رغم ان الرجل لم يبدّل موقفه حول دوافع مشاركته في التظاهرة الشهيرة في حماه في تموز (يوليو) 2011. 

وفورد، رغم أنه دبلوماسي سابق في الخارجية الاميركية، الا أن حيثيته كآخر سفير للولايات المتحدة في دمشق، تتخطى كونه باحثاً في شؤون الشرق الاوسط في هذا الوقت. وهي صفة لازمت حواره على قناة "الميادين" مساء الاربعاء، حين تكرر تقديمه "كآخر سفير أميركي في دمشق". من هنا، تصبح الضجة الكبيرة التي احدثها خلال الشهرين السابقين، بتأكيده ان الرئيس السوري بشار الاسد انتصر في الحرب، مبررة. وهو الامر الذي يدفع وسائل الاعلام المقربة من النظام لاستضافته، وتبني رؤيته التي تخدم السياق السياسي العام. 

ومع أن فورد لم يقل، خلال لقائه مع "الميادين"، ما يثبت وجهة نظر النظام  حول دوافع مشاركته في تظاهرة حماه، إلا أن هذه القضية باتت من الماضي، بالنظر الى المستجدات التي طرأت على الساحة السورية، والتي دفعت فورد، كباحث سياسي، لقراءتها، واستنتاج ما يقوله الروس حول "انتصار" النظام السوري. 

فالخطاب الذي تبناه فورد أخيراً، ويتنقل به بين وسائل الاعلام المختلفة، يمثل خدمة غير مسبوقة للنظام، وتفيده دعائياً بما يتخطى أي موقف سياسي تم بناؤه في العام 2011، ومن ثم تعميمه على أن الولايات المتحدة "شريك في المؤامرة"، بدليل زيارة فورد للمعارضين. 

فورد اليوم، يمثل وجهة نظر أميركية بالنسبة للنظام مؤيدة له، تستدعي مصالحته و"الغفران" له على مشاركته في وقت سابق في مظاهرات حماه. مواقفه، هي خرق للتصريحات الاميركية التي لا تزال غير محسومة بشأن بقاء الاسد. قال في المقابلة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو أحد الرابحين في سوريا. وأن إيران ربحت وكذلك حكومة بشار الأسد في دمشق. وأن أميركا خسرت إلى حد ما، ربما ليست أكبر الخاسرين لكنها أحد هؤلاء. كما قال ان الإدارة الأميركية قبلت بانتصار الاسد من دون حماس أو ابتهاج. 

هذه التصريحات، تتصدر في أهميتها كل الماضي. ففي العام 2011، واثر مشاركته في تظاهرة حماه، قالت وزارة الداخلية السورية إن السفير الأميركي التقى في حماة ببعض من وصفتهم بـ "بالمخربين وحضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار" كما التقى بعض الاشخاص تحت غطاء زيارته لبعض المشافي، متهمة واشنطن "بالتورط في الحركة الاحتجاجية التي تشهدها البلاد " و"التحريض على التصعيد". 

وكرر فورد مرة أخرى نفيه  مجيئه إلى سوريا لمساعدة المعارضة لكي تقوم بالتحركات ضد النظام، قائلاً لـ"الميادين" ان "المظاهرات جاءت بإرادة سورية لدى الكثير من السوريين. فكرة أن هؤلاء كانوا يوافقون على أوامر صادرة عني شخصياً أو عن الحكومة الأميركية هي فكرة سخيفة، هل تعتقد أن السوريين يحبون الولايات المتحدة لهذه الدرجة مع دعمنا المستمر لإسرائيل، وبعد التدخلات الأميركية في العراق، هل فعلاً تعتقد أن النفوذ الأميركي في سوريا وصل إلى هذه الدرجة.. هذه الفكرة سخيفة".