مصر: "فايسبوك" يحاكم الأستاذ المتحرش

أحمد ندا
الأحد   2017/08/06
الضغط الالكتروني، دفع عميدة كلية إعلام القاهرة نفسها لاصدار بيان رسمي
لم يضع اغلاق الدولة المصرية كل باب على أي تحرك فاعل على الأرض، قوة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على التأثير. فقد أثبت "فايسبوك" خلال اليومين الماضيين، أنه ما زال قادراً على إحداث فرق، ولو على مستوى محدود، مع ظهور التسجيلات التي تدين أستاذاً جامعياً في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وهو يحاول أن يبتزّ طالبة ويهددها ويأمرها بالتعرّي لتوثيق "أدلة" يمكنه أن يستخدمها ضدها في حالة أرادت أن تتمرد على سلطته.

لم يترك طلبة الأستاذ حجراً على حجر إلا وحركوه، ودشنوا حملة إلكترونية لتسريع إجراءات عقابه. ولم يكن هنالك محفّز أكثر قوة من التسجيلات نفسها، حيث هدد الأستاذ الجامعي في الكلية التي تنتج صناع الرأي العام، طالبته بالسلاح، وطلب منها أن توقع باسمها على إقرار منها بأنه كان يمد إليها يد المساعدة وأنه لم يبتزها جنسياً، وأنها كانت كاذبة في ادعائها عليه، وأنها، وفقا للتسجيل الصوتي، هي من "عرضت نفسها عليه".. ثم طلب منها التقاط صور عارية حتى يتمكن من ابتزازها بعد ذلك.

ووفقا للتسجيل الصوتي قال الأستاذ للفتاة: "لما أطلبك تجيلي هنا، بأمانة وشرف لأني هابقى حريص منك، أنا كلي نار، كلي شر، إنت ما تعرفيش مين (فلان)" وذكر اسمه.

لم يلزم أن تتحرك الحملة الإلكترونية أكثر من عرض التسجيلات حتى يتصدر الهاشتاغ باسم الأستاذ تغريدات "تويتر" و"فايسبوك"، متفوقاً على كل حدث سياسي آني، ربما لمعرفة –لاواعية- من المشاركين فيه على قدرتهم إحداث فرق بمعاقبة هذا الأستاذ الذي قالها صراحة في التسجيلات: "محدش يقدر يعاقبني".

يبدو الموقف كله "انفعالياً" ومتسرعاً في حكمه على أستاذ جامعي، لكنه فتح الباب أمام مساءلة أعضاء هيئة التدريس الجامعي أصحاب السلطة المطلقة على الطلبة قليلي المحاسبة، إلى أن تحولت القضية إلى قضية رأي عام، وهذا ما وعاه طلبة الكلية في حملتهم.

الضغط الالكتروني، دفع عميدة كلية إعلام القاهرة نفسها لاصدار بيان رسمي، قالت فيه إن الدكتور المذكور موقوف عن العمل منذ شهر إبريل (نيسان) الماضي بسبب اتهامات بتلقي رشاوى من الطلاب، وإنها فور سماع التسجيلات أعدت مذكرة حتى تلحقها بالتحقيقات الجارية، مؤكدة أن هذه التسجيلات تمت خارج أسوار الجامعة وليس لها علاقة بالكلية.

بالطبع، يفيد البيان بأن الكلية تريد أن تبرئ نفسها من الفضيحة التي ألمت بها، بعد أن خرجت من أسوار مبانيها إلى الفضاء الإلكتروني.

الدكتور المتهم نفسه، قال في تصريح صحافي إنه لم يسمع التسجيل الصوتي المنسوب له لأنه مريض يخضع للعلاج بأحد المستشفيات لإصابته بـ3 جلطات، مؤكداً أنه لن يتعامل مع الأمر إلا حينما تتم إحالته إلى النيابة وفتح تحقيق رسمي معه في الأمر، وعندها سيرد على كافة تلك الاتهامات.

وحول تصريح عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة بشأن فتح تحقيق معه بشأن الواقعة، شدد الأستاذ الجامعي على أن الجامعة حرة تفعل ما تشاء ولا يصح أن تعترف بما يُكتب في مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى منصات للسباب والاتهامات، مؤكدا أن كل القضايا التي تم التحقيق معه بها، من قبل جامعة القاهرة، أُغلقت تماما، مختتما: "ما يحدث لي قلة أدب.. ولا أستغرب أن يتم الخوض في سمعتي في الوقت الذي يشوّه ذلك العالم الافتراضي سمعة رؤساء الدول أنفسهم".

لكن تصريحات الأستاذ الجامعي المتهم، ذهبت هباء وسط حالة من الغضب الجمعية، واتفاق من طلبة من مختلف السنوات الدراسية بالكلية على أسلوبه وطريقته، وهو إن لم يصح لوقفت إدارة الكلية أمام الاتهامات وتجاهلت الجميع، كما يحدث دائما من الإدارات الجامعية لدعم أساتذتها.

لا يبدو أن طلبة كلية الإعلام سوف يتركون الأمر يمر بفورة حماس افتراضية تنتهي مع أول "تريند" جديد، لكن الأهم أن يفتح ذلك الحدث الباب أمام التساؤلات الكبيرة حول سلطة الأستاذ الجامعي وكيفية مراقبته من ناحية، ولعله يسلط ضوءاً كبيراً على ما تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي من أثر قادر على التغيير ولو على مستوى أبسط من التغيير الثوري المتسع الكبير. هاشتاغ واحد يمكن أن يغيّر الكثير إن استُخدم بذكاء.