السيسي في متحف الإبادة: لعبة "رابعة"؟!

أحمد ندا
الأربعاء   2017/08/16
"إننا نقف هذا اليوم لنتذكر ببالغ الأسى الضحايا الأبرياء، ونؤكد قدسية النفس البشرية وضرورة التعايش المشترك بين مختلف أطياف البشر". هذه الكلمات كتبها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخط يده في دفتر الزوار في "متحف الإبادة الجماعية" في رواندا. أما تاريخ زيارته فكان في ذكرى مذبحة رابعة العدوية، أو ما يمكن أن نسميه "محاولة الإبادة الجماعية لجماعة سياسية مصرية".
بدت الصورة وكأنها ردّ عمليّ من السيسي على الكربلائيات التي تتكرر كل عام في ذكرى "رابعة"، والنقاشات التي تنفتح بنفس الكيفية كل مرة. هذه المرة أعطى السيسي بكّائي "رابعة" سبباً ليصبوا غضبهم عليه. 

هاشتاغ #ذكرى_رابعة هذا العام إلى جانب هاشتاغ #السيسي يكملان المعركة التي بدأت على الأرض، وجارهما عنصر جديد هو #الإبادة_الجماعية. أعطى السيسي خصومه من الإخوان المسلمين سبباً جديداً ليخوضوا فيه. ورغم الجدية في التعاطي مع زيارة السيسي للمتحف خاصة ممن يحيون "رابعة" في مزايدات على جميع، فقد قابلها عدد كبير بما تستحقه، باعتبارها "نكتة عملية" يقوم بها السيسي في وجه أولئك الذين يتحينون الفرصة للبكاء، وهو ما يمكن أن يكون ذا وجاهة، لأن توقيت الزيارة والكلمات المكتوبة لا توحي إلا برسالة ولعبة في آن، ولعلها واحدة من أذكى خطوات السيسي وأكثرها عدمية وطرافة في آن.

لكن قبل أن تنتشر صورة كلمات السيسي بخط يده، ظهرت صورته أمام عدد من الجماجم في المتحف، وكانت مربكة بعض الشيء. وجوم وجهه والجماجم مصفوفة الواحدة جنب الأخرى.

اعتقد المتابعون في بداية الأمر أنها صورة "مركبة" صنعها واحد من المهووسين برمزية الحدث وتقديم السيسي باعتباره وحشاً آدمياً يطالع نتائج عمله، وهو بالفعل ما وقع فيه نفر كبير من المتابعين في "تويتر" تحت هاشتاغ #رابعة. الارتباك حدث عندما اكتشف الجميع إنها صورة حقيقية لجماجم، ينظر إليها السيسي فعلاً. لا رمزية ولا ألعاب بصرية، وهو ما جعل التعليق عليها يرتبك أيضاً ثم يختفي تماماً، كأن الواقع الافتراضي يستطيع فقط أن ينشئ سجالاً من المزيف لا الواقعي. أيضاً لأن الواقعي هنا يتجاوز التقديرات في دلالاته.

على الأرجح لا يعتبر السيسي أن ما فعله في "رابعة" مذبحة، بل هو الضرورة الوطنية في التخلص من أبناء المؤامرة. أيضاً، قد لا يكون واعياً للمفارقة في موعد الزيارة وما تثيره من تعليقات وتفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي. لكن خطبه وكلماته في المناسبات الوطنية الكبيرة يقول إنه متابع جيد لما يقال عنه، وربما تقدم تقارير عما يدور في الواقع الافتراضي، خاصة وأن ما يتردد في "فايسبوك" و"تويتر" يرد عليه بطريقة غير مباشرة في خطبه وكلماته التالية. وربما هو الآن يفكر في الارتباك الشديد الذي خلقته زيارته لمتحف الإبادة، ويبتسم.