خطر هجمات السايبر: اسرائيل متخوفة من روسيا

أدهم مناصرة
الأربعاء   2017/07/12
رئيس هيئة اركان جيش اسرائيل يعترف بالانتقال من مرحلة الهجوم الى "الدفاع"
جاء تحذير رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت من أن إسرائيل مطالبة باليقظة من محاولات التدخل والتأثير على الانتخابات البرلمانية فيها بواسطة هجمات عبر شبكات الإنترنت، ليكشف مدى تخوف المستوى العسكري الإسرائيلي من هجمات من هذا النوع..

لكن هذه التحذيرات لم توضح ما إذا كانت "الوقاية الاستباقية" على  الشبكة العنكبوتية التي تنتهجها اسرائيل لم تعد فاعلة في مقابل تطور التكنيك الذي يستخدمه الهاكرز الدوليون وينفذون "غزوات السايبر"، لاسيما وأن بعضهم مدعومون من جهات استخباراتية دولية.

مما لا شك فيه، ان آيزنكوت من اوائل القادة العسكريين الإسرائيليين الذي تجرأ للحديث علناً عن هجمات "السايبر" التي باتت تشكل خطراً مستقبلياً على اسرائيل. ويتجلى حجم ادراك اسرائيل لخطر هذا النوع من الهجمات في عدم الإكتفاء الإسرائيلي بوحدة 8200 التابعة للجيش والمخولة بمراقبة والتصدي للهاكرز، بل اللجوء إلى استحداث قيادة جديدة للسايبر على غرار "قيادة المنطقة الوسطى، والشمالية، وغيرها".

 وبحسب المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد، فإن تحذير آيزنكوت يعني إعترافاً منه بأن اسرائيل لم تعد صاحبة اليد العليا في الفضاء الإلكتروني على مستوى العالم، وانها انتقلت من مرحلة الهجوم الى "الدفاع"، الأمر الذي يضع مسألة "ان اسرائيل اكثر تفوقاً في هذا المجال" على المحك.

 ويرى شديد في حديث لـ"المدن" أن ايزنكوت قصد من وراء تحذيره الأخير على هامش كلمته امام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أن يُلمح إلى الروس الذين تدخلوا في الإنتخابات الرئاسية الامريكية، وأنه احتمالية أن يقدموا على الخطوة ذاتها في انتخابات الكنيست القادمة، امر مُرجح ومحسوب.

ورغم عدم ذكرها بالاسم في تحذيره، إلا أنه يُنظر على نحو واسع، أن آيزنكوت الى جانب جهات سياسية عديدة في اسرائيل، يخشون أن تلعب روسيا دوراً لصالح الجماعات الروسية في الدولة العبرية في الإنتخابات العامة المقبلة، ما يعني أنه في حال قُدر لأن يتبلور لوبي روسي قوي يتحكم بالقرار في اسرائيل، فإنه سيشكل خطورة على مستقبلها، ذلك أننا نتحدث عن طبقة "قومية علمانية متطرفة"، تحمل مواقف عنصرية، كما يتم وصفها من قبل الجماعات اليهودية العقائدية.

 هذا إن علمنا أن نسبة عالية من الروس في اسرائيل يحملون جنسية روسية أيضاَ، إذ يشكل مجموع اليهود الروس "عشرين" بالمئة من المجتمع الإسرائيلي، ويحمل نحو نصف مليون منهم توجهات علمانية لا عقائدية؛ ذلك أن معظمهم جاء إلى اسرائيل بعد انهيار الإتحاد السوفياتي في تسعينات القرن الماضي لأسباب اقتصادية لا ايدولوجية، ويُطلق عليهم في اسرائيل مصطلح عبري يعني "المهاجرين"، اي هؤلاء الذين قدموا لاعتبارات حياتية.

وبينما يُنظر إلى صراع طبقي تقليدي في المجتمع الإسرائيلي بين (الاشكنازيم) وهم اليهود الغربيين وبين (السفارديم) والمقصود بهم اليهود الشرقيين، فإن اليهود القادمين من روسيا رفضوا الذوبان في أي منهما، بل أنهم أنشأوا لهم كياناً خاصاً بهم في اسرائيل، فلديهم مدارسهم واعلامهم الناطق باللغة الروسية. كما انهم يخترقون حُرمة يوم السبت بالنسبة لليهود ويبيعون الخنزير.

اليهود الروس في اسرائيل يشكلون قوة ذات بُعد "اثني قومي" أكثر من كونه عقائدي-توراتي، ويتقلدون مناصب ذات وزن؛ فمثلاً، ينحدر وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان من روسيا، وكذلك الحال بالنسبة لرئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، ونراهم متواجدين في حزب "البيت اليهودي" والليكود وباقي الأحزاب.

بَيد أن الظهور الاعلامي اللافت وغير المعتاد في هذا الوقت لآيزنكوت المعروف عنه بانه "قليل الكلام"، يفتح الباب أمام تساؤل: لماذا حذر من ذلك الآن؟، ولماذا كان هو أول مَن تحدث عن خطر الهجمات الإلكترونية على المشهد السياسي والأمني في اسرائيل؟

 يرى مهتمون بالشأن الإسرائيلي أن السبب يعود إلى كونه بلغ مرحلته الاخيرة من منصبه العسكري، قبل أن يذهب إلى الحلبة السياسية والعمل في قالب اليسار والوسط، وذلك في محاولة منه للإستعراض وتسجيل انجازات للمؤسسة العسكرية الذي هو أحد قادتها، خصوصاً وأنه تحدث ايضاً في الأيام الأخيرة عن مراقبة يومية لمصانع ايرانية مقامة قرب الجولان أو في العمق السوري تصنع صواريخ ثقيلة بعيدة المدى.