زكريا عبدالكافي لـ"المدن":سعيد بنجاحي وحزين على الشرطي الفرنسي المحترق

أورنيلا عنتر
الخميس   2017/05/04
مع انتقاله منذ عام ونيف إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم تفقد عدسة المصور السوري زكريا عبد الكافي، مصور وكالة "فرانس برس" العالمية، حساسيتها وقدرتها على التقاط الصور الصحافية اللافتة والمبهرة، فتصدرت صورته الجديدة التي التقطها خلال التظاهرة النقابية في الأول من أيار/مايو بمناسبة عيد العمال في فرنسا، والتي تظهر شرطياً من قوات مكافحة الشغب تشتعل به النيران إثر إلقاء محتجين زجاجات مولوتوف حارقة، أغلفة الصحف الفرنسية والعالمية الكبرى.


لم يكن المكان هو البطل الوحيد الذي جعل عبد الكافي (31 عاماً)، ومجموعة من المصورين السوريين الذين برزوا بشدة بعد الثورة السورية، ينالون حفاوة عالمية، بل مهارةً حقيقية وإحساساً عالياً لمهنة صعبة كالتصوير الصحافي. ورغم أن صور عبد الكافي في أحياء حلب المحاصرة جعلته يحظى بجوائز صحافية مرموقة مع انتشارها الواسع في كبرى الصحف العالمية، إلا أن المكان والحدث المتمثل بالحرب الهمجية على المدنيين كانا يعطيان انطباعاً لبعض المشككين بأنهما السبب الوحيد في تميز اللقطات، وليس مهارة نادرة لدى صاحبها مثلاً، وهو ما تدحضه الصورة الملتقطة في باريس، قبل أيام.

انتقل عبد الكافي منذ عام ونيف إلى باريس مع زوجته وولديه لتلقّي العلاج بعدما فقد إحدى عينيه نتيجة رصاصة قناّص أصابته، واحتلت صوره صفحات أولى في صحف كبرى مثل "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" وغيرها، وتم تكريمه من قبل "فرانس برس" أواخر أذار/مارس الماضي مع مصورين سوريين آخرين من فريقها، بسبب "الجهود الكبيرة التي بذلوها بتغطية الأوضاع الإنسانية والعسكرية في مدينة حلب خلال السنوات الماضية".

وفي ظل التوتر المسيطر على المشهد الفرنسي، قبل أسبوع واحد فقط من الدورة الثانية للانتخابات الفرنسية التي يتنافس فيها على الوصول إلى قصر الإليزيه كلّ من مارين لوبان وإيمانويل ماكرون، كان من المتوقّع ألّا يكون الأول من شهر أيّار/مايو تقليديّاً. غير أنّه، وعلى الرغم من العنف الذي عرفته باريس في ذلك اليوم، والمشهد المروّع للشرطي وهو يحترق، إلا أن ذلك لا يقارن بالوضع المخيف للحرب السورية أو لتغطية المظاهرات التي سبقت الحرب أيضاً، كما يقول عبد الكافي لـ"المدن".

وفي حديث له مع صحيفة "لوموند" يقول عبد الكافي، أنه عند لحظة التقاطه للصورة، علم أنّ الصورة ستتصدر المراتب الأولى على صعيد فرنسا، "لأن الصوره قوية ومؤلمة وتتكلم عن نفسها إلى حدّ كبير"، لكنه يضيف لـ"المدن" أنه فوجئ عندما تصدّرت الصورة الصحف العالمية فعلاً، ويعتبر أن نجاحه كلاجئ سوري منتقل حديثاً إلى فرنسا، هو نجاح لسوريا أيضاً، ويضيف: "هذا دليل على أن السوريين قادرون على النجاح في أي مكان".

وفيما يؤمن المصوّر الشاب بأهمية ما يقوم به، وبضرورة نقل الصورة والحدث إلى الجمهور، لكنه يوضح حقيقة أن التزامه بالمهنة لم يكن دائماً أمراً سهلاً أثناء عمله في سوريا، لأنه لم يكن قادراً على تصوير المجازر، بل غالباً ما كان يضع آلة التصوير جانباً ويهرع لانتشال النساء والأطفال من تحت الأنقاض. ويكمل: "هنا، في باريس، التركيز الأكبر يكون على العدسة، على كيفية التقاط الصورة الصحيحة والمناسبة، لذلك أجد نفسي مرتاحاً أكثر في العمل هنا".

عبد الكافي الذي فقد عينه أثناء التغطية في سوريا، ما زال يمارس المهنة، يزجّ بنفسه وسط المتظاهرين وعناصر الشرطة في سبيل التقاط صورة بحجم الخبر، أو أكبر من الخبر. "أنا سعيد جداً بنجاحي في باريس وعلى الصعيد العالمي، لكني حزين على الشرطي الذي احترق أمامي"، يضيف زكريّا الذي يتابع في فرنسا دراسته، في فن التصوير الصحافي، بهدف أن يحسّن ويطوّر مهاراته.