منذ مجزرة الجديدة.. لا تغطية مستقلة لمعركة الموصل

المدن - ميديا
الجمعة   2017/04/28
عراقيون يجمعون جثث الضحايا بعد الضربة الجوية في الجديدة (إنترنت)
منذ مجزرة حي الجديدة في 17 آذار/مارس الماضي، باتت التغطية العالمية المواكبة لمعركة تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، أقل زخماً عما كانت عليه خلال الشهور السابقة التي تلت انطلاق حملة الجيش العراقي المدعوم من الولايات المتحدة لدحر "داعش" من آخر مناطق سيطرته الحضرية في العراق، مع قرار جديد اتخذه السلطات العراقية بحظر دخول الصحافيين الأجانب ومنعهم من مرافقة تقدم القوات العراقية على الخطوط الأمامية للمعارك، إثر تحول أنباء المجزرة إلى فضيحة عالمية.


وخلال الأيام القليلة الماضية بدا أن الإعلام استعاد زخمه شيئاً ما، مع تقرير موسع نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الخميس، لمراسلها العسكري البارز مايكل غوردون من داخل الموصل، لكن التقرير نفسه كان يتحدث عن فترة زمنية قديمة نسبياً وتعرض حالة المدنيين هناك في ظل القصف من قبل الطيران وتقدم القوات البرية الخفيف في أحياء المدينة، وكذلك الحال مع تقرير موسع آخر نشرته الجمعة، مجلة "فورين بوليسي" الأميركية الذي احتوى معلومات تكشف لأول مرة عن تقييد حرية الإعلام فيما يخص معركة الموصل.

اللافت هنا أن الشهادات المدنية الجديدة التي سجلتها "فورين بوليسي" بنفسها من المدنيين حول الغارة الجوية في 17 آذار/مارس، لا تتفق مع تفاصيل الحادث حسبما عرضت حينها في وسائل الإعلام الغربية، ورغم أن المدنيين اليوم يختلفون في رواياتهم حول تلك الغارة بما في ذلك توقيت الضربة ومدى القصف وإن كان مقاتلو "داعش" موجودين في مكان القصف أم لا، إلا أن جميع السكان يتفقون على نقطة واحدة أساسية بأن سلسلة من الضربات الجوية قصفت مدينتهم على مدى أيام متتالية وليس ضربة واحدة قصيرة ومباشرة مثلما أفادت التقارير الرسمية التي تناقلتها وسائل الإعلام بشكل مستنسخ، ما أدى إلى مقتل مئات المدنيين هناك، مع الإشارة إلى صعوبة إجراء تحقيق حقيقي في تلك الشهادات لأن الوضع الأمني على الأرض مازال خطيراً.

وأكدت المجلة أن الارتباك الحاصل في تحديد أرقام الضحايا وهوياتهم ممن قتلوا في الضربة (الضربات) الجوية في منطقة الجديدة بتاريخ 17 آذار/مارس، حصل عندما حظرت السلطات العسكرية العراقية دخول الصحافيين إلى قرب الموصل، مستشهدة بأقوال للسكان المحليين في المنطقة الذين أكدوا أن القصف الجوي كان منتظماً وطبيعياً قبل دخول الجيش العراقي بشكل بري إلى الجديدة لمدة أربعة أيام ليتحول كل شيء إلى فوضى في نقل الأنباء المتضاربة.

وهنا اتخذت السلطات العسكرية في 23 آذار/مارس قراراً بإيقاف الصحافيين الأجانب عند نقاط تفتيش عسكرية خارج غربي المدينة، وتم منعهم من مرافقة القوات العراقية نحو الخطوط الأمامية رغم إمكانية تنقلهم بسهولة في السابق، لمنع انتشار أخبار جديدة حول وفيات متزايدة في صفوف المدنيين.

في السياق، تخوفت المجلة من أن تكون الجديدة التي جذبت اهتماماً إعلامياً عالمياً لمقتل أكثر من 200 مدني فيها كأكبر رقم تسجله غارة واحدة منذ بداية الحرب الجوية ضد "داعش"، مجرد مثال واحد فقط عن التعتيم الإعلامي حول سقوط أعداد كبيرة من المدنيين في الضربات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة التي تقود تحالفاً من 12 دولة ضد التنظيم. ورغم أن تلك الضربات كانت السبب الأساسي في تقلص مساحة الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم في العراق بشكل ملحوظ إلى نحو 7% فقط عما كانت عليه الحال صيف العام 2014، لكن ذلك لا ينفي وجود جانب مظلم آخر للضربات الجوية الأميركية، خاصة أن "داعش" يستخدم المدنيين كدروع بشرية في الموصل.

ويقول كريس وودز، مدير منظمة "إيروورز" غير الحكومية التي تتعقب الحملة الجوية ضد "داعش" في كل من العراق وسوريا وليبيا، أنه لم يتم التحقيق في أمر العديد من الغارات الجوية ضد داعش" بشكل لائق، كما لم يتم تقييم حوالي ثلثي الحوادث والادعاءات التي أثيرت بشكل علني وتحدثت عن مقتل مدنيين في تلك الغارات للوصول إلى حقائق نهائية بشأنها، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يدفعوا تعويضات لائقة لأسر المدنيين الذين قتلوا في الحرب ضد "داعش" كما هو الحال في أفغانستان مثلاً، ليبقى النطاق الحقيقي للموت الذي تنشره قوات التحالف غير واضح تماماً، وقد يكون أكبر بكثير مما تتخيله الدول الغربية وإعلامها الذي يستمد معلوماته من التقارير الرسمية فقط.