النمر الوردي لشادي حلوة:وطننا منحنا الهواء ونشرب منه الماء

المدن - ميديا
الأربعاء   2017/04/26
"نمور ضد جرذان" هو التوصيف الكوميدي الذي يعتمده الإعلام الرسمي السوري لوصف معركة شمال حماة بين النظام والمعارضة، في البرنامج المخصص لمتابعة تطورات المعركة الاستراتيجية، والذي يقدمه مراسل النظام الأول، شادي حلوة على قناة "الفضائية".


يحمل البرنامج عنوان "إعصار الشمال من حماة 2"، وهو عنوان هزلي كرتوني، رغم أنه مبني على اسم حقيقي للمعارك التي تشنها أي قوات يترأسها العقيد في جيش النظام سهيل الحسن، علماً أن العنوان نفسه مأخوذ من اسم معركة أطلقتها قوات المعارضة في حلب العام 2013. لكن الكوميديا الفعلية لا تأتي من العنوان بل من مقابلة سريعة مع الحسن نفسه ضمن سياق البرنامج.

وقدم الحسن نظرية جديدة من نظرياته الفلسفية، خلال حديثه عن الوطن: "وطننا غالي، منحنا الهواء، ويمنحنا الغذاء، ونشرب منه الماء"، متمتماً بالكثير من العبارات غير المفهومة التي أثارت موجة من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع استذكار الناشطين لعبارات الحسن السابقة المشابهة. علماً أن الحسن معروف باسم "النمر" ويتم وصفه عبر مواقع التواصل المعارضة بلقب الشخصية الكرتونية الشهيرة "النمر الوردي".

ومن المسلي حقيقة متابعة "حديث" الحسن (دفة المصير، خلاصة الأقوال وكناية الأفعال، قرب دنو الأجل، ربيع حلب الذي أتعب رحيقه طغاة العالم، تزاحم الغرب واضطرب الشرق،...) وغيرها من المصطلحات التي لا يربط بينها سياق أو معنى! ويقطع تلك العبارات صوت متقطع لجهاز الإرسال اللاسلكي المثبت في جيب الحسن قرب كتفه بجوار بندقيته التي يرفعها بشكل مسرحي للاستعراض أمام الكاميرا.

عرض هذا النوع من المقابلات أسلوب يحترفه إعلام النظام، للاستخاف بعقل الجمهور وتقديم التهريج الذي يصرف الأنظار عن المعلومات الحقيقية التي يريد التعتيم عليها، أو اللامعلومات كما هي الحالة مع شادي حلوة، الذي لا يتحدث سوى عن "الإعجاز الحاصل في حماة بهزيمة قطر وتركيا والسعودية في حماة" بحسب تعبيره. ويتعزز ذلك بسيطرة الإعلام الحربي التابع لحزب الله أو المراسلين الحربيين الميدانيين على المعلومات العسكرية الحقيقية على حساب إعلام النظام الرسمي المتراجع في أنحاء البلاد، والذين ينحصر دور مراسليه، مثل حلوة، في التصفيق والتهليل للقادة العسكريين كالحسن، وتقديمهم بصورة بطولية للجمهور الموالي بأسلوب شعبوي رخيص ومكشوف.


والحال أنه لا يمكن التأكد فعلاً من أن الحسن ما زال على قيد الحياة، في ظل شائعات بمقتله قبل سنوات واستبداله بشخص آخر (شبيه) يلعب دوره بهذه الدرجة من الكوميديا، وتعزز هذه النظرية حقيقة اختلاف شكل الحسن بشكل جذري بين صورته اليوم وصورته العام 2011 مثلاً، كما أن الصوت الذي يظهر به الحسن في المقابلة الجديدة يوحي بأنه مسجل بشكل منفصل قبل أن تتم إضافته للمقابلة عبر المونتاج.

ويشتهر حلوة بعلاقته المقربة من الحسن ويرافقه في كافة معاركه، ويبدو أنه نسي الإهانات العلنية التي وجهها له الحسن قبل أشهر، في مقطع فيديو أظهر توبيخ الحسن لإعلاميّه المفضل، خلال جدال بسيط حول تعريف الوطن إن كان يعني سوريا كما يقول حلوة وبين بشار الأسد كما يرى الحسن.

في السياق، لم يكتف حلوة بتقديم مجموعة طويلة من المقاطع الدعائية غير الدقيقة لأكثر من ساعة ونصف الساعة، بل قدم كثيراً من التقارير غير الواضحة التي لا يرافقها أي كلام توضيحي، كما استبدل اسم المعركة في نهاية الحلقة من "وقل اعملوا" بعبارة "وقل اهربوا"، محاولاً أن يكون "ظريفاً" و"لماحاً" أمام جمهور الموالين على ما يبدو، مع صور تظهر دبابة تتقدم في مرج أخضر واسع وجنوداً يركضون.

وطوال الحلقة لا يحصل المشاهد على أي معلومة، سواء كانت حقيقية أم متخيلة، بل يشاهد مجموعة من المقاطع المصورة كلها بطائرات من دون طيار أو من كاميرات بعيدة المدى، إضافة لتعليقات ساذجة سريعة من حلوة في الاستديو، وهو يحاول التبجح بنصر جيش النظام أمام جمهور الموالين، وإن كان بذلك لا يظهر حجم ذلك النصر بقدر ما يظهر استخفاف النظام بجمهور الموالين وخزانه البشري من المقاتلين على حد سواء.