الشهرة والفضيحة.. إسألوا "الجديد"

نذير رضا
الثلاثاء   2017/03/07
الشتيمة فرصة للشهرة، ولو أنها ردة فعل على سلوك الخطائين
لم تكن ميريام كلينك لتستطيع أن تحول الإدانة الى فرصة للوم الغير، لولا وسائل الاعلام. ولم يكن الكليب المبتذل (غول) ليكون حديث الشارع، لولا أن فتحت الشاشات والمواقع الالكترونية له. أُخرج الكليب من عتمته، كما أخرج المغني المشارك جاد خليفة من الظلّ. تثبت هذه الواقعة، أن الدعاية السيئة، هي دعاية حسنة. 
وعوضاً عن التجاهل، حوّل الاعلام، الكليب، الى قضية رأي عام. أدرجت قناة "الجديد" خبر توقيف الكليب من قبل وزيرين في الحكومة اللبنانية ضمن نشرتها مساء السبت، في أسوأ إستجابة للأزمة. فقد فتح الهواء لرشق الحكومة بالحجارة، وعقد مقارنات، بما وفّر للمغني في الكليب فرصة لا تُعوّض لتحوير القضية من المنع على خلفية ظهور طفلة قاصر في الكليب، الى سياق مختلف. 

والحال ان تركيز الاعلام على هذا الملف، بدافع زيادة نسبة المشاهدة، حقق الغرض من تنفيذ الكليب التافه والمبتذل. فالمغني الشاب، لم يخفِ أنه نفذ الكليب، لتقديم نفسه كمطرب يتمتع بصوت جميل، مستغلاً صدمة الجمهور بغرض تحقيق الشهرة. ولن يجد إلا ميريام كلينك جاهزة لتواكبه، كونها امرأة "جدلية"، قادرة على "إثارة" الرأي العام، وتحقق نسبة مشاهدة عالية. بذلك، تكون وسائل الاعلام قد روجّت، عن قصد أو غير قصد، لكليب مبتذل، بدافع تحقيق نسبة المشاهدة. 

المعضلة الاساسية التي تحكم الاعلام اللبناني، أن غياب الضوابط المهنية، تتيح للنماذج الشاذة في المجتمع اللبناني الظهور، والترويج لنفسها. على قاعدة الاضاءة على موضوعات مثيرة وجديدة، يُفتح الهواء لها، من غير مقاربة حقيقية لفعل الادانة. ففي دول العالم، يجري التعاطي معهم من زاوية النقد، وليس تقديم الرأي والترويج لأنفسهم، فيما هنا، تنقلب الآية. ولنا في ذلك أمثلة كثيرة، بدءاً من صناعة الشيخ المتشدد أحمد الاسير، وصولاً الى تجارب المخدرات، والمبتذلين في الفن، والمدانين بجرائم وجنح، مثل جوزيف المعلوف الاسبوع الماضي. 

تلك القاعدة المتبعة، كُسرت الى حد ما في حلقة "للنشر" التي عرضت مساء الاثنين على "الجديد". بعد خروج فريق تنفيذ الكليب من مخفر حبيش، تمت استضافتهم. وتبين أن المغني، تافه، متردد، لا يميّز بين الصح والخطأ. كشف عن هدفه بإثارة الجدل، ما يوفر له فرصة للانتشار والشهرة. 

وخلافاً للصورة التي ظهر فيها بداية في ريبورتاج هادي الأمين على "الجديد"، مساء السبت، ظهر في "للنشر" مخطئاً ومتردداً. لم تفتح له ريما كركي فرصة لإبراز صوته. دحضت حججه القائمة على "مهاجمة الخطأ بالخطأ". في المقابلة، كسر خليفة الصورة التي حاول بناءها في الريبورتاج الاول، الركيك والضعيف والمفتقد لأي حجة، والذي لا يُقرأ الا بكونه فرصة للظهور، على أنقاض فضيحة.

وبمعزل عن أن كركي قامت بواجبها، وزاوجت بين مهنيتها لرفع برنامجها، وضرورات التعاطي مع القضية، لم تهشم كمية السباب لخليفة خطوته. على العكس، عادت عليه بالمنفعة. فالشتيمة فرصة للشهرة، ولو أنها ردّ فعل على سلوك الخطائين. على أن الخطأ الأول لا يكمن في الخطّاء وحده، بل في اعلام يروّج ولا يتجاهل، بحثاً عن سَبق.