راقصة التعري في حفلة مدرسة مصرية..انفعال أخلاقي أم طبقي؟

أحمد ندا
الإثنين   2017/03/27
لم يُسأل في النقاش عن الفرضية القانونية المتعلقة بالمراهقين
ما إن ظهرت صور حفلة المدرسة الثانوية المصرية، حتى ظن متابعو مواقع التواصل الاجتماعي أنها "مقلب" أو نكتة سمجة من أحدهم للعب على المفارقة الصارخة بين حال المراهقين في مصر وأميركا، وهي الثيمة التي استخدمت افتراضياً كثيراً. 
لكن مع التدقيق والبحث، إكتشف الجميع أن الصور حقيقية، وأنها بالفعل حدثت في مصر خلال "Prom" (حفلة التخرج من الثانوية) في إحدى المدارس الخاصة الدولية باهظة التكاليف، لينقلب "الحسد" الأول على فارق الحياة بين مصر وخارجها، إلى نقمة وغضب من التسيب الأخلاقي الذي وصلت إليه البلد.

وبعدما تأكد المتابعون تماماً من أن الصور حديثة، في حفلة لم يمر عليها يومان، حتى بدأت وتيرة الغضب في التصاعد إلى أعلى معدلاتها. لكن هذا الحنق الأخلاقي الصارخ، حمل في باطنه غضباً طبقياً واضحاً، من كمّ "البذخ" الذي يفرط هؤلاء المراهقون فيه لمحاكاة طقس أميركي في المدارس الثانوية أو مرحلة ما قبل الجامعة. حتى أن البعض قارن بين حفلات التخرج الأميركية والأخيرة المصرية، ليقول إنه ليس من المعقول بأي حال من الأحوال أن تضم المدارس –هذه الأماكن التربوية- راقصات التعرّي، وإن هذا من قبيل المحاكاة الحمقاء لمظهر اجتماعي أميركي مدفوع بنوازع طبقية من أبناء الأثرياء في مصر للتعبير عن ثرائهم.

أحمد موسى، لم يترك المسألة من دون تعليق، فوصفها أولاً "بالمهزلة الأخلاقية"، مشدّدًا على أن ضميره الإعلامي لا يسمح له بعرض الفيديوهات الحقيقية للحفلة. وقال: "أنا ذُهلت لما شوفت حفلة زي دي في مصر، إقامة حفلة بالشكل ده يبقى إحنا مش في مصر، نحن نعيش في مجتمع محافظ، وما حدث في المدرسة لا يليق بالطلاب ولا بالمدرسة ولا الطلاب أولياء الأمور". وطالب وزير التربية والتعليم، بمراقبة هذه المدارس، ومعرفة تفاصيل الحفلة، والوقوف على أسباب التعاقد مع فرقة غربية بملابس خليعة لتقديم الحفلة، أو على حد تعبيره: "شوية احترام يا جماعة، إحنا مصريين في الآخر".

أما الإعلامي خيري رمضان، فقد أفرد فقرة كاملة للبحث وراء الحفلة، فقدم مداخلة من رئيس مجلس أمناء المدرسة الذي أنكر علاقته بما حدث في الحفلة، ثم اتصالات من أولياء أمور يستنكرون ما حدث، وينكرون معرفتهم بهذا "التسيّب الأخلاقي". قبل أن تتركز الهجمة على مراقبة هذه المدرسة وما تقدمه للطلاب.

لا تبدو "الضجة" المثارة حول هذه الحفلة واضحة المقاصد، من كل من اعترض عليها، بخليط من تحفظات أخلاقية وطبقية، وإن بدوافع فاسدة في كثير منها. فهل المشكلة في بذخ الحفلة كما أوضح البعض، وأن راقصات التعري مبالغة في البذخ؟ أم أن المشكلة أخلاقية من حيث وجود هذه الراقصات، ما يحيل النكلام إلى فكرة لا ينتهي النقاش فيها حول الجسد والفن، وهو ما يمكن أن نصيغه بسؤال: فيم تختلف هؤلاء الراقصات مع الرقص الشرقي؟ وكلا "النوعين" يعتمد بشكل أساسي على حركة الجسد الموحية الإيروتيكية؟

وراء كل هذا الضجيج، تغيب المشكلة الفعلية. فالكل في الحفلة قاصر. وإذا كان الأهل، من الطبقة العليا في المجتمع المصري، قادرين على الإنفاق ببذخ، فلا يعني ذلك أن يكون المجال مفتوحاً أمام القاصرين لانتهاك ما لا يقبله القانون والعرف، والمقصود هنا، ليس وجود الراقصات، بل إقامة حفلة دون مراقبة من البالغين. وهذا ما لم يتعرض له أحد من متابعي الضجة في مواقع التواصل أو القنوات الفضائية، فالكل مشغول بأفكار أخلاقية متحفية، أو بنقمة طبقية متخفية في ثوب أخلاقي.