لماذا أخفَت ريما كركي رسائل والدة ريتا شقير؟

خضر حسان
الأربعاء   2017/03/22
ثقل "الفضائحية" في الحلقة كان أقوى
كشفت قضية حرمان ريتا شقير، من حضانة إبنها، وصدور حكم يسمح لها برؤية إبنها 3 ساعات كل أسبوع فقط، مدى مناعة النظام الطائفي ضد الأصوات المطالبة بالتغيير، وبيّنت تعقيدات النظام اللبناني الذي يتظاهر بمدنيّته، في حين أن جوهره لا يراعي أبسط القوانين الداخلية والدولية.
ولعل من أبرز ما كشفته القضية، هو تحوّل الكثير من الإعلاميين ووسائل الإعلام الى آلات تنتقي القضايا الفضائحية، أو الجوانب الفضائحية لقضايا ذات جوهر غير فضائحي، عن طريق تسليط الضوء على جانب محدد من القضايا. 

لكن أسوأ نوع من هذا الإعلام، هو الذي يحوّر القضية برمّتها محاولاً إختلاق جانب فضائحي غير موجود أصلاً. وهو ما حصل حين حاولت مقدمة برنامج "للنشر"، ريما كركي، إخفاء قضية الحضانة لابن ريتا، والتركيز على أمور عائلية تخصّ ريتا، ولا تعرف كركي تفاصيلها التي لا تمتّ لقضية الحضانة بأيّ صلة.

حوالي أسبوع مرّ على وعد كركي لريتا بمتابعة قضيتها، وبالمشاركة في الإعتصام الذي نُظّم السبت 18 آذار، أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لكنها لم تتابع، ولم تشارك، ولم تسأل عن الملف... والأهم، لم تقدّم حتى اليوم أي تفسير حول سبب إخفائها للرسائل النصية والتسجيلات الصوتية التي تلقتها أثناء عرض الحلقة، في حين أنها عرضت رسائل والد ريتا حصراً، والتي يقدّم خلالها عرضاً لريتا يقضي بالسماح لها برؤية إبناها لمدة 10 ساعات إضافية، شرط ان يتم اللقاء في منزله.

ركّزت كركي على هذا المطلب، معتبرة أنه إنجاز قُدّم في برنامجها، وأصرّت على أن تتكلم ريتا مع والدها على الهواء، لمناقشة هذا الإنجاز، ولم تنتبه - وربما فعلت وأغفَلَت - إلى أن ريتا لم تُرِد فتح نقاش جانبي مع الوالد، بل أرادت التركيز على مبدأ الظلم الذي لحق حقها في الحضانة، وهو الأهم. وعبّرت عن ذلك بالقول ان مشكلتها ليست بالساعات، بل بالحضانة.
لكن كركي، كررت سؤالها، أكثر من مرّتين، حول سبب رفض ريتا الدخول في نقاش مع والدها على الهواء.

ما أخفته كركي هو ورود رسائل من والدة ريتا وأقاربها وأصدقائها، يقدّمون عبرها رأياً آخر وأدلة أخرى تُبرز بُطلان عرض الساعات العشر، وتركّز على قضية الحضانة. لكن الكتابة والتسجيلات الصوتية، التي حصلت عليها "المدن"، لم تجد طريقها الى الجمهور، لماذا يا ترى؟

"لا نعلم تحديداً ما كان هدف كركي حين ركّزت على رسالة الوالد فقط"، تشير مصادر في عائلة ريتا لـ"المدن". والتكهن حول الهدف يدعو للتساؤل حول ما إذا كانت كركي تقف في صفّ طرفٍ ضد طرف آخر. لكن تستبعد المصادر ذلك، "لأنها (كركي) لا تعرف طرفي العلاقة، لا لجهة الأم ولا لجهة الأب، لكن على الأرجح حاولت إستخدام الإثارة لتزيد من زخم الحلقة، من خلال تبيان سبب عدم قبول ريتا بالحديث مع والدها على الهواء، معتقدة بأن كشف السبب قد يزيد من حدّة الموضوع وإثارته، فتكون هي قد كشفت نقطة لم يتحدث عنها أحد في وسائل إعلام أخرى، فسلطت الضوء على هذا الجانب فقط". وتضيف: "الجميع تناول قضية الحضانة، في حين ان نجاح كركي في فتح ملف جانبي، كان ليستحوذ على نسبة مشاهدة وتفاعل أكبر مع البرنامج نفسه، وليس القضية، لأن القضية هي الحضانة وليست نقاش ريتا مع والدها".

والجانب الفضائحي، تكرر مع محاولة إلقاء اللوم على ريتا، لتصويرها لحظة لقائها مع إبنها، على قاعدة ان التصوير يؤذي الطفل. في حين ان "هذا الأسلوب تعلمناه كمشاهدين من برنامج للنشر، حيث يتم توثيق القضية بالصوت والصورة لتثبيت حقّ معيّن"، تتابع المصادر.

إن كانت كركي قد أخفت الرأي الآخر عمداً، فتلك مصيبة، وإن كان ذلك عن غير عمد، فالمصيبة أكبر. لأن منطق البرنامج يقوم على عرض الرأي والرأي الآخر، فأين الرأي الآخر حين تُخفى الرسائل؟ وإن كان الإخفاء غير متعمّد، فأين الرصانة والخبرة؟ علماً ان الرسائل كانت واضحة المضمون، وتدل على ان هناك رأياً مغايراً لما يقوله الوالد، بغض النظر عمّن يملك الوقائع الحقيقية. 

وإن كانت كركي تبحث عن زيادة التحدي، فإن عرض الرسائل الأخرى، وخصوصاً رسالة الأم، سيؤمّن هامشاً كبيراً للتحدي ولطرح التساؤلات. إذ ان والدة ريتا أكّدت لكركي أنها "أمها لريتا شقير"، وإستأذنت كركي لتتساءل كيف لوالد ان يكون عادلاً بحق إبنته (ريتا)، وهو الذي تلاعب مع القانون والشرع والواسطة ضد الأمّ، كي يحرمها من رؤية أولادها؟ وأشارت الوالدة الى أنها كانت تذهب بمواكبة الدرك لرؤية أولادها. بمعنى أن الوالد الذي تستند كركي الى مكرماته فقط، كرر في السابق ما يقوم به زوج ريتا، فحرم الأم من أبنائها، مثلما تُحرم ريتا من إبنها اليوم.

سقطت كركي في فخ محاولة الظهور كنجمة في برامج التحقيقات الإجتماعية، بدلاً من المحاولة لإظهار القضية الإجتماعية والحقوقية نفسها. وللمفارقة، حاولت ريتا خلال الحلقة، إنقاذ كركي من السقوط، لكن ثقل "الفضائحية" كان أقوى. علماً ان ما كانت تحاول كركي نبشه، طوته العائلة منذ سنوات كثيرة، فنكأت قضية ريتا بعض جراحه، لكنه في كل الأحوال ليس جانباً يستحق أن يسرق الأضواء من قضية ريتا المحقة كحاضنة لإبنها.