تهديد مصري لاسرائيل: سنضربهم بالفياغرا!

أحمد ندا
الإثنين   2017/12/11
"سنضربهم في "الفياغرا".

هكذا صرح نقيب الصيادلة المصري محيي عبيد لبرنامج "صباح الورد" على شاشة "TEN". التصريح حقيقي تماماً، ليس نكتة ولا واحدة من مبالغات مواقع التواصل الاجتماعي في التعليق على التحركات المصرية الرسمية إزاء القرار الأميركي بنقل السفارة إلى القدس اعترافاً بها عاصمة لإسرائيل. بل وأكمل النقيب: "الصنف يباع بمليار دولار تخيلوا لو ضربناهم في المبلغ ده".

الحدود الفاصلة بين الجد والهزل في ذلك التصريح معدومة تماماً، وكأن السيد النقيب يعيد إلى الحياة واحدا من فيديوهات الثورة في بواكيرها، وهو لغز القضيب ذو الحجم الهستيري، باقتباساته الشهيرة "ده بيستخدم فياغرا صهيوني". يتحول الفيديو على يد نقيب الصيادلة إلى واقعٍ، على الرغم من ضخامة مبلغ الاستيراد.

أهمية العقار الجنسي الشهير، تتجاوز الحال السياسي الحالي، فهو في عرف نفس النقابة، ثاني أعظم الاختراعات بعد علاج فايروس سي "السوفالدي" خاصة وأن مصر هي الخامسة عالميا في استخدامه.

القضية إذن تقف في مواجهة الانتصاب اليومي للمصريين، ويبدو أنا الاحتياج إليه أساسي في الحالة المصرية، إذ كما نشرت اليوم السابع أمس، فإن الفياغرا لا يمكن مقاطعتها لأن هناك الكثير من المرضى من يحتاجها، بالإضافة إلى أن هناك مصنعاً مصرياً يقوم بإنتاجها داخل مصر، وجميع العاملين فيه مصريين، ولا نقوم باستيراد الفياغرا الأميركية.. 

كما صرح الدكتور بهجت مطاوع أستاذ أمراض الذكورة قائلاً: "نستطيع أن نقاطع شراء سيارات، ولا نقاطع الأدوية، أو السلاح، أو الطعام، وأغلب الأدوية يتم إنتاجها في مصر، وبمصانع مصرية". 

تتعامل النقابة إذن مع الفياغرا بصورة تغييبية عن الواقع. فهي ما زالت تعتبره "علاجاً" على الرغم من استخدامه في "الكيف الجنسي" على مستوى واسع في مصر، وليس من المعقول أن تكون كثافة الاستخدام هذه للحالات العلاجية فحسب.

لا يبدو أن النقابة ونقيبها بعيدين عن الدخول في جسم الإفيه، في تصريحهم وبيانهم، لكن ما يهم في البيان بعيداً عن النكتة العملية الواقعية هو قائمة المقاطعات "حيث إن النقابة انتهت من إعداد 60% من قائمة الأدوية الأميركية التي تنوي مقاطعة استيرداها احتجاجاً على قرار نقل السفارة".

المقاطعة، السلاح الاقتصادي الآتي من زمن غابر بعيد، حيث حملات "مقاطعة البضائع الأميركية" كانت في ذروتها في زمن الانتفاضة الثانية وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين.  الحملات قادتها في ذلك الوقت جماعات الإسلام السياسي في مصر، وجندت لها قواعدها الشعبية قبل الإعلامية، وهو ما لم ينتج عنه أي تأثير حقيقي إلا على مستوى البروباغندا، لكنها لم ترفع أسهم تلك الجماعات في بدايات الألفية الثالثة.

فإذا كان للحملة القديمة تأثيرها المشهدي منذ عقدين من الزمان، تبدو في محاولات تفعيلها الآن واهية، تعيد إلى الأذهان صورة المراهقة السياسية في الحملات الشعبية القديمة، ومآلاتها على أرض الواقع. حتى انحصرت أخيراً في صورة إفيه من فيديو قديم منتمي إلى الثورة، وكأن نقيب الصيادلة كان على وشك تمثل فيديو "القضيب ذو الحجم الهستيري" مرة ثانية ليقولها صراحة "مش هتحكمونا بالفياغرا يا صهاينة".

والحال، فإن التأييد الرسمي في مصر في حالاته الدنيا، والانقلابات الصحافية على الإدارة الأميركية كوميدية في أغلبها، وكأن مانشيتات الصحافة أخرجت من أرشيفها منتجها عام 2000، دون أي تغييرات تذكر. إلا أنها زادت من مساحة المادة القابلة للسخرية فقط.